7 سنوات على مقتل ريجيني.. محكمة إيطالية تعود للنظر في القضية بعد تغيير شروط وإجراءات إبلاغ المتهمين في الخارج
عربي تريند _عادت قضية مقتل طالب الدكتوراة الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر على جثمانه عام 2016، إلى واجهة الأحداث، مع عقد المحكمة الإيطالية المسؤولة عن النظر في القضية، جلسة جديدة في الثالث عشر من فبراير/ شباط الجاري، لمحاكمة اللواء المصري صابر طارق، والعقيدين آسر كامل محمد إبراهيم، وهشام حلمي، والرائد مجدي إبراهيم عبد العال شريف، بشأن علاقتهم بمقتل ريجيني، حيث يواجه الأربعة تهمة الخطف، فضلاَ عن اتهام الرائد مجدي إبراهيم بالمشاركة في قتل ريجيني وإلحاق الأذى البدني الجسيم به.
وعادت المحكمة للنظر في القضية بموجب القانون الإيطالي الجديد رقم 199 الصادر في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الذي عدّل قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي فيما يتعلق بشروط وإجراءات إبلاغ المتهمين المقيمين بالخارج بالاتهامات الموجهة إليهم.
وكانت محاكمة أربعة من ضباط الأمن المصريين المتهمين بمقتل ريجيني توقفت منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بسبب رفض السلطات المصرية الكشف عن عناوينهم حتى تتمكن النيابة من إبلاغهم بأنهم يحاكمون.
وقالت وزارة العدل الإيطالية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنها لم تتلق أي رد من السلطات المصرية على طلبها للتعاون بشأن الأربعة الذين وردت أسماؤهم في وثائق المحكمة.
واستدعت المحكمة الإيطالية، رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، ووزير الخارجية أنطونيو تاجاني، كشاهديْن في قضية جوليو ريجيني، وقررت تأجيل القضية إلى جلسة الثالث من أبريل/ نيسان المقبل.
وكان وزير الخارجية الإيطالي، صرح أنه طرح قضيتي جوليو ريجيني، والباحث باتريك زكي على نظيره المصري سامح شكري، خلال زيارته إلى القاهرة الشهر الماضي. فيما سبق وأعلنت ميلوني أنها التقت بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش قمة المناخ COP27 في شرم الشيخ في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأنه ظهر استعدادا جديدا للتعاون في قضية ريجيني وإزالة كل أسباب التوتر بين البلدين.
إلى ذلك دعت 15 منظمة حقوقية مصرية وإيطالية، في بيان، السلطات الإيطالية لاتخاذ موقف أكثر حزما بشأن قضية مقتل ريجيني، بما في ذلك تعليق جميع برامج التعاون الشرطية التي تستفيد منها قوات الأمن والشرطة المصرية، وذلك بسبب مسؤوليتهم عن تعطيل القضية.
ومن بين المنظمات الموقّعة على البيان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم لمناهضة التعذيب، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.
وأعربت المنظمات عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة التي صاحبت إجراءات المحاكمة في قضية اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.
4 متهمين
وواصل البيان: “بعد سنوات من سير المحاكمة المعطل، وفي تطور إيجابي هو الوحيد حتى الآن، ستتمكن النيابة من الإخطار القانوني للمتهمين بالاتهامات، بموجب القانون الإيطالي الجديد رقم 199 الصادر في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022… الأمر الذي سد ثغرة إشكالية في القانون، ربما استخدمتها السلطات المصرية لصالح حماية ضباط الأمن الوطني الأربعة المتهمين بقتل جوليو ريجيني وضمان إفلاتهم من العدالة”.
كان المدعي العام المصري باشر تحقيقا في 2020، بشأن تورط المتهمين الأربعة في خطف وتعذيب وقتل ريجيني، إلا أنه تم إغلاق القضية لاحقًا ولم تصل لمرحلة المحاكمة بسبب نقص الأدلة.
حالة من التشويش
واعتبرت المنظمات في بيانها، أن أداء النيابة المصرية، جاء امتدادا لأداء مستمر ومنهجي من قبل السلطات المصرية، التي رفضت على مدار سبع سنوات إجراء تحقيق شفاف في جريمة مقتل رجيني، وأعاقت عمليا التعاون مع السلطات القضائية الإيطالية في القضية، وقدمت لهم أدلة وشهادات ملفقة، فضلًا عن عدم إخطار المتهمين الأربعة بالاتهامات الموجهة إليهم، وذلك بهدف إيصال المحاكمة إلى طريق مسدود.
وتابعت: “على الرغم من جهود الادّعاء الإيطالي في القضية، إلا أن الحكومة الإيطالية تتقاسم المسؤولية عن حالة التشويش التي لحقت بالتحقيق في قضية ريجيني، والتي ترجع على الأرجح إلى الفشل في اتخاذ موقف حازم يتسم بالمصداقية يتعلق بالتعاون مع السلطات المصرية”.
تعاون مصري إيطالي
بحسب البيان، فإنه منذ عام 2016، وحتى الآن، ورغم الأدلة المتزايدة على تكرار الإفلات من العقاب عن ممارسات الشرطة وأجهزة الأمن المصرية غير القانونية، صممت ونفذت الشرطة الإيطالية أكثر من 26 دورة تدريبية مخصصة لأكثر من 360 ضابطا مصريا من مختلف التصنيفات، بما في ذلك قطاع الأمن الوطني، المتورط على الأغلب في مقتل ريجيني. وقد تم استضافة هذه التدريبات داخل مؤسسات شرطية مختلفة في إيطاليا ودول شريكة أخرى. هذه الدورات كانت غالبا ممولة من ميزانية وزارة الداخلية الإيطالية.
وزاد البيان: “ليس هذا فحسب، فعلى مدار العقد الماضي، زودت إيطاليا قوات الأمن المصرية وقوات الشرطة بتكنولوجيا المراقبة والمعلومات والمعدات شبه العسكرية التي تستخدم في عدد متنوع من الأنشطة، تمتد من مراقبة الحدود إلى عمليات مكافحة الإرهاب، وذلك رغم انتقادات المؤسسات الحقوقية الدولية والمجتمع المدني للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الشرطة في مصر وتفاقم ظاهرة الإفلات من العقاب”.
ولفت البيان، إلى إطلاق إيطاليا ومصر عام 2018 النسخة الأولى المشتركة من التدريب الدولي (ITEPA) وهو برنامج تدريبي دولي على مراقبة الحدود وتأمينها، ممول من إيطاليا من خلال حصتها من صندوق الأمن الدولي (ISF 2 – borders and visas) بتكلفة بلغت أكثر من 2 مليون يورو. الأمر الذي يفقد أي مصداقية الادعاءات ممثلي الدولة الإيطالية حول حثهم للسلطات المصرية على التعاون في التحقيق في قضية رجيني، أو محاسبتهم إذ تقاعسوا عن ذلك.
ودعت المنظمات، الحكومة المصرية أيضًا إلى احترام التزاماتها الدولية وفقًا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي وقعتها مصر عام 1986، واتخاذ خطوات تشريعية جادة لتجريم جميع أشكال التعذيب، وضمان عدم إفلات الجُناة من العقاب.
كما طالبت المنظمات، السلطات المصرية بالتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010، التي تحدد تدابير موحدة ومناسبة للتحقيق في هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.
وفي الثالث من فبراير/ شباط الماضي، مرّت 7 سنوات، على العثور على جثمان ريجيني الباحث في صحراء مدينة السادس من أكتوبر بالقرب من طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، وعليه آثار تعذيب وحشية، بعد 10 أيام من اختفائه.