بلومبيرغ: الإسلاموفوبيا تدفع المواهب المسلمة والمتعلمة لمغادرة فرنسا إلى دول أكثر حرية
عربي تريند_ نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا لأليس كانتور، قالت فيه إن التمييز العنصري يدفع المسلمين في فرنسا لمغادرتها بحثا عن أماكن أكثر أمنا خارجها.
واستندت على تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الذي نقل شهادات ومقابلات مع الفرنسيين المسلمين في الخارج.
وقالت الكاتبة إن ناتاشا جيتوفيتش (38 عاما) غادرت باريس إلى لندن في عام 2020، على أمل الحصول على فرص عمل أفضل. كفتاة مسلمة هناك، كان رهانها صحيحا. فالبرنامج المالي الذي تعمل به تطور، وهي تحصل الآن على ضعف مع كانت تحصل عليه أثناء عملها في مصرف فرنسي مهم، وتم ترفيعها في وظيفتها أكثر من مرة. وتذكرت ناتاشا العنصرية التي تعرضت لها وهي في فرنسا، قائلة: “كان الناس يستخدمون عبارات عنصرية وكنت أطلب منهم التوقف عن ذلك، وكان كل الفريق يتجاهلني”. وفي آخر مرة تدخل مديرها وهددها بفقدان موقعها في البنك إذا استمرت باتهام زملائها بالتمييز. وناتاشا هي جزء من موجة مسلمين متعلمين باتوا يشعرون أنه لم يعد مرحبا بهم في فرنسا، وفي أماكن العمل خاصة، ويأخذون معهم خبراتهم ومهاراتهم إلى الأماكن التي يشعرون أنها ترحب بهم.
ففي دراسة جديدة للأستاذ في جامعة ليل، أوليفر استيف، كشف فيها أن عددا من المسلمين، خاصة من ذوي التعليم العالي وأصحاب المناصب في الشركات والبنوك يغادرون فرنسا، بشكل يسهم في تجفيف العقول، والذي يعاني منه ثاني اقتصاد في محور اليورو.
وجدت دراسة أن عددا من المسلمين، خاصة من ذوي التعليم العالي وأصحاب المناصب في الشركات والبنوك يغادرون فرنسا، بشكل يسهم في تجفيف العقول في ثاني اقتصاد بمنطقة اليورو
وقام البروفيسور استيف بإجراء دراسة مسحية شملت 1074 من المسلمين الذين غادروا فرنسا، قال ثلثاهم إنهم قرروا الانتقال لممارسة دينهم، فيما قالت نسبة 70% إنهم قرروا الانتقال لتجنب المزيد من حوادث العنصرية.
وتقول الدراسة إن المواقف العنصرية أصبحت أكثر انتشارا في البلد الذي يعيش فيه أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا. وزاد الهجوم الإرهابي في باريس عام 2015 والذي نفذه أتباع تنظيم الدولة من العداوة ضد المسلمين التي أثارها اليمين المتطرف. وأقرت حكومة إيمانويل ماكرون سلسلة من السياسات التي زعمت أنها مصممة للحد من الإرهاب الإسلامي، لكن النقاد قالوا إنها خلقت ثقافة معادية.
وقالت نسبة 42 من المسلمين إنهم واجهوا تمييزا دينيا في فرنسا، بحسب استطلاع قامت به شركة أبحاث سوق “إيفوب” في عام 2019. ومن المتوقع صدور بحث استيف في الأسابيع المقبلة بمجلة “فرنسا الحديثة والمعاصرة” ويشير إلى أن من يغادرون فرنسا ولديهم المال والوسائل ومهاراتهم مطلوبة، لم يعودوا يحتملون العيش في البلد. وعلق قائلا: “من المفارقة أن فرنسا تدفع لتعليم هؤلاء الأشخاص، لكن البلد يخسر المواهب ذات المهارات العالية بسبب استشراء الإسلاموفوبيا الممأسسة”.
وتحدثت وكالة “بلومبيرغ” مع أعداد من المسلمين الذين انتقلوا لدول مثل كندا والولايات المتحدة ودبي، وعبّر البعض منهم عن رغبة في البحث عن فرص عمل أحسن، لكنهم قالوا إنهم لا يريدون التعرض لضغوط يضطرون فيها لإخفاء هويتهم الدينية، وهو أمر مهم للنساء اللاتي يرتدين الحجاب. وقالوا إن التمييز في مكان العمل هو ما دعاهم للبحث عن طرق للانتقال، وهذا ما يؤكد استتناجات استيف.
ووجدت دراسة عام 2016 أن خُمس المواقف الكارهة للإسلام تحدث أثناء العمل. كما تقل فرص العمل للمتقدمين لوظائف بأسماء توحي أنها عربية، وذلك بنسبة 32%. ولا يتم استدعاؤهم للمقابلة مقارنة مع من يحملون أسماء غير عربية، حسب تقرير للحكومة صدر عام 2021. وكافح متخرج من مدرسة للأعمال للعثور على عمل أو تأمين مقابلة للعمل كمستشار في باريس نظرا لأن اسمه عربي. واستُدعيت زوجته التي ترتدي الحجاب لمقابلات عدة في مجال التسويق أكثر من مرة، ولكنها لم تتلق ردا بعد الجولة الأولى. ولكنهما انتقلا إلى لندن في تشرين الأول/أكتوبر 2020، وفي غضون أشهر، وجدت الزوجة عملا في شركة تسويق “ديلويت”.
ونقل الموقع عن كريم رضوان من مؤسسة “معا ضد الإسلاموفوبيا في أوروبا” قوله إن “هناك زيادة واضحة في الإسلاموفوبيا في فرنسا على خلاف بقية أوروبا”، مضيفا: “يرحب العالم الأنغلوساكسوني أكثر، مقارنة مع فرنسا”.
في بريطانيا، يمكن العثور على أماكن العبادة متعددة الاستخدام في الأماكن العامة مثل مراكز التسوق والمستشفيات والشركات بما في ذلك بورصة لندن المالية، والعديد من البنوك في لندن. وكان هذا موجودا في فرنسا عندما جاء المسلمون من المستعمرات السابقة، لكنه بات نادرا حسب دراسة استيف.
وقالت فاتحة صغير (44 عاما) التي نشأت في ضواحي باريس، إنها انتقلت إلى بريطانيا. وكمساعدة تنفيذية في شركة إعلام، أصبح عملها ناجحا منذ انتقالها. وغادرت فاتحة قبل عقد، ولم تنظر أبدا للوراء. وفي باريس لم تكن قادرة حتى على إيجار شقة سكنية باسمها، وكانت تطلب من زميلة لها باسم غير مسلم أن توقّع على العقد نيابة عنهما. وتقول: “في بريطانيا أستطيع في النهاية أن أكون مسلمة ولا أشعر بالذنب”. ويعرف العاملون أنهم لن يفروا من المناخ المعادي للمسلمين في الغرب، لكنهم يقولون إن التمييز بات واضحا في فرنسا، بل زاد سوءا.
وجدت دراسة أن خُمس المواقف الكارهة للإسلام في فرنسا تحدث أثناء العمل. كما تقل فرص العمل للمتقدمين لوظائف بأسماء توحي أنها عربية، وذلك بنسبة 32%، ولا يتم استدعاؤهم للمقابلة
وأقرت فرنسا منذ عام 2015 سلسلة من القوانين التي يقول المسلمون إنها قيّدت جزءا من حرياتهم. ففي قانون أقر عام 2016، حدَ من ارتداء الرموز الدينية مثل الحجاب في أماكن العمل. وفي 2017، مررت حكومة ماكرون قانونا يمنحها حق تعيين الأئمة والتدقيق بهم بذريعة منع التطرف الإسلامي. كما أغلقت الحكومة عددا من المنظمات الإسلامية والمساجد والجمعيات الخيرية بما فيها “كوليكتف أغينست إسلاموفوبيا”. ويقول النقاد إن السياسات هذه أسهمت في زيادة الإسلاموفوبيا. وفي 2021، قال وزير التعليم في حينه، إنه يريد الأخذ على الأكاديميين بزعم أنهم إسلاميون يساريون. ولم يرد مكتب رئيسة الوزراء على أسئلة الموقع.
وأسهم الإعلام في إثارة الإسلاموفوبيا من خلال تقديم معلومات سلبية عن الأكاديميين المسلمين، وتعززت أثناء الحملة الانتخابية عام 2022، والتي ترشح فيها المتطرف إريك زمور ومارين لوبان.
وأشار الموقع إلى إبراهيم بشوري (32 عاما) الذي غادر باريس إلى نيويورك في كانون الأول/ ديسمبر 2019، عندما أخبره داعم أبحاثه أنه سيحصل على التمويل لو غيّر اهتمامه للراديكالية الإسلامية. وقال إن بعض الأكاديميين وضعوا العراقيل أمامه وقالوا إنهم لا يتعاملون مع المشاعر المعادية للمسلمين كمشكلة خطيرة.
وخاف إبراهيم على مسيرته الأكاديمية عندما شاهد مكتب زميله يُداهم من قبل الأمن. وخسر بشوري أصدقاء بدأوا بتبني نظريات مؤامرة معادية للمسلمين. وأخبره أحدهم أن “كل مسلم هو إرهابي محتمل”. وقال: “أصبحت الأمور سيئة في فرنسا بعد عام 2015 وزادت سوءا لدرجة أنني لم أكن قادرا على ممارسة عملي بحرية” وهو الآن في واشنطن ويتحدث عن تحديات موجودة “لكنك تستطيع على الأقل ممارسة العمل والتعبير عن أفكارك بحرية”.