وول ستريت جورنال: في مصر السيسي.. المحتوى الساخر على “تيك توك” يعتبر جريمة إرهابية
عربي تريند_ قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن المصريين الذين ينشرون موضوعات ساخرة وغير سياسية على منصات التواصل الاجتماعي، توجه الدولة إليهم اتهامات بالإرهاب.
وفي تقرير أعده تشاو دينغ، قال إن محمد حسام الدين، أحد صناع المحتوى المصريين، نشر في الشهر الماضي فيديو لنفسه وحصل على أكثر من مليون مشاهدة على فيسبوك. لكنه الآن مع أربعة من الممثلين الذين ظهروا في الفيديو، بالسجن، ويواجهون اتهامات بالإرهاب، رغم عدم احتواء الفيديو على رسالة سياسية واضحة.
وأضافت الصحيفة أن السلطات المصرية تعتقل المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ممن تحظى المواد التي ينشرونها بمتابعات عالية، حتى لو كانت غير سياسية، وذلك كجزء من قمع نظام عبد الفتاح السيسي لحرية التعبير.
وفي الوقت الذي تواجه البلاد أزمة اقتصادية خانقة، وتتزايد الضغوط على الحكومة، يقول ناشطو حقوق الإنسان إن السيسي يريد إجبار المصريين ممن لديهم حضور واسع على وسائل التواصل، على الالتزام بخطّ الحكومة. وبدأ الناس العاديون وحتى بعض المسؤولين بالتساؤل عن طرق إدارة السيسي للاقتصاد، والتي أدت لمفاقمة معدلات التضخم العالية أصلا.
وتركت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية العالية، المصريين في حالة من الكفاح اليومي لتأمين المواد الأساسية مثل الخبز واللحم. ونقلت الصحيفة عن حسام بهجت، الناشط من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قوله: “هناك غضب واضح، والناس يلومون السيسي على إدارة الاقتصاد، لأول مرة منذ تسعة أعوام”. وأضاف: “تشعر السلطات بالعصبية وتحاول السيطرة على السلوك”.
ولم ترد الحكومة ولا وزارة الداخلية على أسئلة الصحيفة.
واعتقلت السلطات في ظل السيسي عشرات الآلاف من المعارضين والناشطين، واعتقلت في عام 2019 آلافا آخرين خرجوا في تظاهرات تطالب برحيل السيسي. وأغلقت الحكومة كل منافذ التعبير عن الرأي، ولكن المساحة الرقمية ظلت وبشكل نسبي من المساحات المتبقية للتعبير الحر، ولكن ليس الآن، فهي تُغلق كذلك. وفي فيديو ساخر بعنوان “الزيارة”، ظهر حسام الذي يصنع أفلام فيديو في زي السجن الأصفر داخل زنزانة وهو يهدد بالخروج للانتقام من معارض له.
وحصل الفيديو على أكثر من 1.6 مليون متابعة. وقال المحامون الذين يمثلون حسام وأربعة آخرين ظهروا في الفيلم، إنهم لجأوا إلى هذه الطريقة الساخرة للحصول على مشاهدات وليس التعبير عن مواقف سياسية.
ومع ذلك، وجهت السلطات إليهم تهما بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل الإرهاب ونشر الأخبار الكاذبة، ونشر محتويات غير الصحيحة. ولم يرد النائب العام المصري على أسئلة الصحيفة. وتظهر أفلام فيديو أخرى لحسام سكتشات لممثلين يقلدون نجوما مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، وطالبا يمزح أثناء امتحان مزيف.
ويشبه اعتقال حسام حوادث أخرى اعتقلت فيها السلطات، مصريين وضعوا منشورات على تيك توك ولايكي. وستستمع السلطات لاستئناف كل من نانسي أيمن صبحي ومودة فتحي رشاد، اللتين نشرتا لقطات على تيك توك وإنستغرام ويوتيوب وهما ترقصان. وحُكم على صبحي التي نشرت موادها تحت لقب “موكا حجازي” لمدة عام بتهمة الدعارة، وعامين لنشر الإباحية. كما حُكم على رشاد التي نشرت موادها تحت اسم “مودة الأدهم” بالسجن لمدة ستة أعوام بتهمة التجارة بالبشر. ورفضت السيدتان التهم الموجهة إليهما بحسب جمعية حرية التفكير والتعبير في القاهرة التي تمثلهما.
وفي آذار/ مارس، اعتقلت السلطات ثلاثة أشخاص بعد وضعهم أغنية حب تقليدية على تيك توك، وغيروا كلماتها لكي تعبر عن واقع غلاء أسعار الزيت واللحم. واتُهم الثلاثة بالانتماء لمنظمة إرهابية ونشر الأخبار الكاذبة بحسب محاميهم إسلام سلامة. وأفرجت السلطات عنهم بعد عدة أسابيع، لكن الاتهامات ضدهم لا تزال قائمة.
ويعرف السيسي قوة وسائل التواصل الاجتماعي، فقد كان مديرا للاستخبارات العسكرية عندما انتشرت أخبار الإطاحة بحسني مبارك عام 2011 عبر تويتر وفيسبوك. ومنذ وصوله إلى السلطة، حذر من استخدام الإنترنت ونشر “الحرب” لزعزعة استقرار البلد. وبدأت السلطات بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي واعتقال مَن ينشرون مواد سياسية. وشنت السلطات حملة اعتقالات واسعة قبل مؤتمر المناخ العام الماضي، ضد من اشبهت بأن لهم علاقة بالدعوة لاحتجاجات على مستوى البلاد.
وحجبت مصر الكثير من المواقع المستقلة، ومواقع منظمات حقوق الإنسان، لكنها لم تحجب فيسبوك نظرا لاستخدامه في التعاملات التجارية، واعتماد الحكومة عليه في دعايتها ومنشوراتها. واستخدمت مصر القوانين لملاحقة أشخاص ينشرون محتوى واسعا، واستخدم المسؤولون قانون الجريمة الإلكترونية عام 2018 لاستهداف من ينتهكون قيم العائلة المصرية ويهاجمون الإسلام.
وتستخدم السلطات قانون مكافحة الإرهاب عام 2015، والذي يعرّف الإرهاب بأنه أي شيء ضد المصلحة الوطنية والسلامة العامة واستهداف محتويات ليست سياسية بشكل واضح. وأصبحت منصات مثل تيك توك وسيلة للعيش يستخدمها الشباب الفقراء لتحصيل المال من خلال كاميرا وهاتف نقال واتصال مع الإنترنت.
والرجال الذي غنّوا على تيك توك ضد غلاء الأسعار في الريف المصري، كانوا يأملون بتحقيق مال عبر تيك توك. وقال محاميهم: “أطلقوا عليهم كوميدي الفقراء وكانوا محظوظين عندما توصل المحققون إلى أنهم كانوا سذجا”.