وول ستريت جورنال: غازي عينتاب المدينة التي أحياها اللاجئون السوريون تعيش فيها الأشباح
عربي تريند_ نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً أعدّه جارد ماسلين قال فيه إن مدينة غازي عينتاب، التي كانت ملجأ للاجئين السوريين، تحولت إلى مدينة أشباح بعد الهزات الأرضية، فقد أصبحت بدون سكان، بعدما دكّها زلزالان، يوم الإثنين، ولم يعد فيها شيء. “لقد خسرنا كل شيء”، يقول أحد سكانها.
وقال ماسلين إن غازي عينتاب، كانت مدينة صاخبة ومزدهرة قرب الحدود، وملجأ للسوريين الذين فرّوا من النزاع في بلادهم. وفي الأيام التي يعتدل فيها الطقس كان الناس يتمشّون في حدائقها الخضراء، ويتسوّقون في مراكزها الحضرية الجميلة، أو يتجمعوا في ساحتها الواقعة على طرف قلعتها التاريخية.
أما اليوم فغازي عينتاب هي مدينة أشباح، دمرت آلالاف البنايات فيها، وبدون كهرباء، أو مياه صالحة للشرب، وهرب منها الكثير من سكانها، ومن بقوا فيها ينامون في السيارات، المدارس، أو الشارع، رغم الجو البارد، ويتجمعون للحصول على الطعام أمام مطعم.
يقول أينور كيفن (53 عاماً): “ليس كافياً، فنحن بحاجة لكل شيء”، وكان يجلس على بطانية في مركز تدريب بمدرسة مع 14 من أقاربه، بمن فيهم رضيع عمره شهران: “لقد خسرنا كل شيء، وأنا أرتدي ملابس الآخرين”.
عانى السوريون في تركيا من ضغوط بسبب موجة العداء ضدهم، وتعهد أردوغان بترحيل طوعي لهم إلى بلادهم، فيما تقول منظمات حقوقية إن بعضهم جرى ترحيله بالقوة.
وحثت الحكومة التركية السكاني على عدم العودة، إلا للبنايات التي تم التحقق من سلامتها، وعبّر الكثيرون عن إحباط متزايد من رد الحكومة. وزار الرئيس رجب طيب أردوغان غازي عينتاب، يوم الخميس، وتعهّد ببناء المدينة من جديد، ووعد بتقديم الدعم للضحايا. واعترفَ بحدوث بطء في رد الحكومة، ولكن أحداً لم يكن جاهزاً لهذا الدمار الشامل الناتج عن هزتين.
وقال شيتن سمسك (56 عاماً)، عامل الحديد أمام قلعة غازي عينتاب، والتي استخدمها الرومان والبيزنطيون، وتهدمت أجزاء من القلعة مخلفة كتلاً من الحجارة في ساحتها، إنه يزور القلعة منذ الطفولة، ويذهب إليها كلما أراد الحصول على هواء نقي، والوقوف في ظل جدرانها. واليوم ينام سيمسك في الشارع أمام بيته، ويترك النار مشتعلة للحصول على الدفء له ولزوجته وأطفاله الثلاثة. وتخيف الترددات المستمرة لما بعد الهزتين الأطفال: “وعندما يهتز البيت نهرب للخارج”. وهدمت الهزتان منارات مسجد، وحوّلت عمارة شقق إلى أنقاض.
وفي يوم الخميس، قامت فرق الإنقاذ بتفتيش الحطام المنهار بحثاً عن جثث. وكانت هناك لحظات فرح مؤقتة، حيث نجح فريق الإنقاذ الهندي بإخراج فتاة عمرها ستة أعوام حية من أنقاض عمارة من سبعة طوابق في المدينة، وبعد 90 ساعة تقريباً. إلا أن الآمال تتضاءل بالعثور على ناجين في الحطام، حيث ارتفع عدد الضحايا، يوم الخميس، إلى 21.000 (أصبح 22.000 الجمعة).
وكان معظم سكان غازي عينتاب من اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب في بلادهم. واستقبلت تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري.
وغازي عينتاب هي مدينة توأم لمدينة حلب السورية، حيث كانت محطة وقوف للتجار والرحالة والمهاجرين، وكانت رمزاً للطريقة التي حولت فيها الأزمة السورية تركيا. فقد استقر عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين في المدينة، عمل الكثير منهم في المصانع وورش العمل المتخصصة بصنع الأحذيةوالأنسجة والبلاستيك والحديد.
ويقول بردان كاظم، الذي استقر في غازي عينتاب بعد هروبه من حماة عام 2014، حيث سحق بشار الأسد المتظاهرين وأرسل الدبابات إليهم، ثم حاصرها: ” لم تعد هنا حياة أبداً، الناس يغادرون”. ويعمل كاظم في مصنع نسيج، وجاء إلى القلعة لأن لديه وقتاً ليقتله بعد إغلاق المصنع بسبب الهزة، و”لا نعرف الآن من هم تحت الأنقاض، سوريون أم أتراك”.
وعانى السوريون في تركيا من ضغوط بسبب موجة العداء ضدهم، وتعهد أردوغان بترحيل طوعي لهم إلى بلادهم، فيما تقول منظمات حقوقية إن بعضهم جرى ترحيله بالقوة. ويقول حسن بورلات (52 عاماً): “انتهت غازي عينتاب، وقد انتهت عندما جاء السوريون”.
وتعرف المدينة بالقوة البارزة في اسمها، فقد كانت تعرف باسم عينتاب طوال تاريخها، إلا أن الحكومة أضافت إليه كلمة “غازي”، المحارب، نظراً لبطولتها في مواجهة الحصار الفرنسي لها أثناء الحرب العالمية الأولى.
ومن دون حياة أو مأوى غادر معظم سكانها إلى قراهم الأصلية، أو ذهبوا إلى أقاربهم في المدن الأخرى. وباتت الشوارع فارغة، وفي شارع جانبي اصطف الناس أمام مطعم يقدم الوجبات المجانية. وأثارت الهزة الأرضية أسئلة حول معايير البناء. وقال عامل الحديد قرب القلعة إن شركته بنت بنايات بدون حديد كافٍ حسب المعايير. وقال إنه رفض أحياناً عمل هذا، لكنه وافق من أجل الحصول على مال لإطعام عائلته: “فعلتُ هذا لأنهم طلبوا مني”.