العرب تريند

هذه طرق علاج الأسنان في مخيم الركبان

معاناة ومشاكل كبيرة يعيشها نازحو مخيم الركبان للنازحين السوريين عند الحدود الأردنية، أو مخيم “الموت” كما يشاع عنه حالياً، مع غياب جميع أشكال الاختصاصات الطبية، من الطب العام إلى طب الداخلية وطب العظام، وصولاً إلى طب الأسنان. آلام الأسنان بالذات دفعت النازحين إلى اتباع طرق بدائية للتخلص منها.

يعاني ليث ياسر، النازح من تدمر، من آلام كبيرة بسبب تسوس ضرسين. كلّ ما يمكن أن يلجأ إليه في الوقت الحالي هو بعض المسكنات ورذاذ مخدر يصل إلى المخيم بصعوبة بالغة وبأسعار مرتفعة جداً، ويشتريه كلما دعت الحاجة إلى وقف الألم مؤقتاً، وللتمكن من مواصلة الحياة بشكلها الطبيعي نوعاً ما.

يقول ياسر لـ”العربي الجديد”: “علاج الأسنان في المخيم سيئ جداً لغياب الطبيب المتخصص. المرضى غير قادرين على مغادرة المخيم باتجاه مناطق سيطرة النظام أو حتى الأردن، ويكتفون مثلي بالمسكنات، التي توفرها صيدليات المخيم في بعض الأوقات”. يضيف ياسر: “في العام الماضي جاء معالج أسنان، تعلم مهنته من النور (الغجر أو كما يعرفون في سورية بالقرباط) وللأسف بعد عدة أشهر توفي بذبحة قلبية. كان يتقاضى لقاء إصلاح الضرس 13 ألف ليرة سورية (25 دولاراً أميركياً) ومقابل اقتلاعه 3 آلاف ليرة (6 دولارات). في المخيم الآن اختصاصي تمريض غير قادر على إجراء عمليات أو إزالة التسوس، فيكتفي باقتلاع الضرس في الحالات الميؤوس منها. ويتولّى شخص آخر يدعى سلطان اقتلاع الأضراس أيضاً لكنّه غير متخصص، إنّما تعلم القلع كمهنة له يكسب منها معيشته”.

عن أغرب الحالات التي رآها ياسر في المخيم من وسائل علاج قديمة وبدائية لآلام الأسنان يقول: “طبيب من القرباط المعروفين بتوارث علاج الأسنان كمهنة، إذ يضعون أدواتهم في حقيبة يحملونها أينما ذهبوا، ويعتمدون حشوات أضراس من النحاس والذهب، صادفته حالة لأحد أقاربي الذي كان يتألم بشدة، فأجرى له عملية كيّ فوق كعب قدمه، وتمكن في اليوم الثاني من اقتلاع ضرسه من دون أيّ الم. لكن هذا المعالج الذي كان يحمل لقب الطبيب، مات أيضاً”. يتابع ياسر: “لا يقتصر العلاج البدائي على الأسنان في مخيم الركبان، إنما يمتد إلى عدة حالات، كالبتر الذي نلجأ فيه إلى السمن العربي، الذي يترك على النار حتى الغليان، وبعد إجراء البتر يوضع الطرف المبتور فيه لفترة حتى يتوقف نزيف الدم. وهذه العملية مؤلمة بشكل لا يصدق، وقد أجريت لعدد من الأشخاص في المخيم”.

الناشط عماد غالي، المقيم في المخيم يقول لـ”العربي الجديد”: “50 ألف نسمة هو عدد سكان مخيم الركبان، مع ذلك لا رعاية صحية فيه، والنقطتان الطبيتان هناك: شام وتدمر. في نقطة تدمر غير المجانية قابلة قانونية وممرض وممرضة، والممرضان لا يحملان شهادات في الاختصاص. وفي نقطة شام، ثلاثة ممرضين من ذوي الشهادات الطبية، يقدمون المعاينة مجاناً، كما توزع الأدوية على المرضى مجاناً. لكن في النقطتين لا أطباء أسنان أو غيرهم من الأطباء”.

يعتمد الأمر على الخبرة والمؤهلات الضعيفة هناك. ويقول غالي: “القرباط معروفون منذ زمن بعيد بالتجول لعلاج الأسنان في القرى والبلدات، وهو ما يحدث الآن في المخيم. كذلك، هناك بعض الأشخاص ممن عملوا سابقاً لدى أطباء الأسنان وقد بدأوا بالعمل في هذا المجال. بالنسبة لي، درست في معهد مختبرات أسنان فترة، لكنّي لم أفكر في العمل في هذا المجال بالرغم من أنّي أمتلك شهادة، وقادر على إجراء عمليات التخدير والحفر وزرع الحشوات، لكن لا يمكنني أداء هذا العمل كونه في حاجة إلى دعم ومواد ومعدات”.

عن حجم مشكلة الأطباء ككلّ في المخيم، يقول غالي: “الأخطر من غياب أطباء الأسنان غياب الأطباء العامين والجراحين، فمصابو الحرب يتألمون في اليوم ألف مرة، والنساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى عمليات قيصرية قد يتعرضن لخطر الوفاة، فقد توفيت امرأة في المخيم مع جنينها بعد حمل دام عشرة أشهر، لعدم التمكن من إجراء العملية لها. كذلك، ينتشر التهاب الكبد الوبائي بين الأطفال الذين يحتاجون إلى متابعة طبية. المريض هنا حقل تجارب للأشخاص لغير المتخصصين”.

عمر سليم، اقتلع ضرسه بنفسه باستخدام الكماشة الخاصة بالمسامير، ما تسبب بتورم شديد في الفك العلوي ونزيف. وبقي الألم شهراً ونصف الشهر. هذه الطريقة معتمدة لدى كثيرين هناك للتخلص من أسنانهم المتضررة التي فقدوا الأمل بعلاجها. يقول سليم لـ”العربي الجديد” إنّه وصل إلى مرحلة لم يعد قادراً فيها على الأكل، كما لازمه الصداع بما لا يطاق، لذلك اقتلع ضرسه بهذه الطريقة، وتحمّل من جراء ذلك آلاماً من نوع آخر.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى