لوموند: في تونس.. الامتناع المتكرر عن التصويت يدق ناقوس الخطر
عربي تريند_ “تونس.. خيبة أمل ديمقراطية مقلقة”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية في افتتاحيتها، إن الخمول الانتخابي الذي تغرق فيه تونس، اقتراعاً بعد آخر، محبط.
فهذا البلد في شمال أفريقيا الذي كان محط إعجاب قبل أكثر من عقد من الزمن، لدوره الرائد في موجة “الربيع العربي” وكان مختبراً لتجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة، ها هو اليوم يحطم الأرقام القياسية في الامتناع عن التصويت في الانتخابات. فقد عزف 89 في المئة من التونسيين عن التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم الأحد 29 يناير/ كانون الثاني.
وهي نسبة المقاطعة نفسها التي سجلتها الدورة الأولى من هذه الانتخابات.
وقبلهما، عزف نحو 70 في المئة من الناخبين التونسيين عن التصويت في الاستفتاء على الدستور الرئاسي الجديد الذي صاغه الرئيس قيس سعيد.
وتلك هي فدية المغامرة الشخصية التي بدأها قيس سعيد منذ انقلابه في يوليو 2021، بحسب قول الصحيفة، مضيفة: “صحيح أن قيس سعيد قد استفاد من الدعم الأولي لمواطنين غاضبين من لعبة برلمانية أصبحت مختلة على خلفية الانحدار الاجتماعي والاقتصادي. وتجسد الأمل في العودة إلى التطلعات الشعبية للثورة التي خانتها النخبة الحاكمة الفاسدة وغير الكفؤ. لكن التونسيين سرعان ما أصيبوا بخيبة أمل مرة أخرى. فخلف شعبويته الخطاب، حبس الرئيس قيس سعيد نفسه داخل سلطة شخصية. إنه يعمل في فقاعة غير حقيقية حيث يحل الكلام الشعبوي محل الأفعال”.
فمن ناحية، يثبت أنه عاجز عن رفع اقتصاد البلاد الذي هو على وشك الإفلاس، ومعلق على احتمالات الإنقاذ من صندوق النقد الدولي. ومن ناحية أخرى، يستمر انجراف سعيد الاستبدادي في تمزيق الميثاق الديمقراطي الذي تم إبرامه، وإن كان بطريقة غير كاملة في أعقاب ثورة 2011.
ومع ذلك، فإن الشذوذ المحيط لا ينذر بالانهيار الوشيك لقيس سعيد. وما تزال أحزاب المعارضة غير مؤهلة وعاجزة عن تقديم خلفية لسعيد، موثوق به في المدى القصير. وما يزال أمام منظمات المجتمع المدني، التي يبدو أنها تستيقظ من جديد حول الاتحاد العام التونسي للشغل، طريقٌ طويل لتقطعه لإعادة التواصل مع المواطنين.
أما بالنسبة للمستشارين الغربيين القلقين بالتأكيد من الهجمات على حكم القانون، فهم غير مستعدين للتخلي عن قيس سعيد في الظروف الحالية، تتابع “لوموند”، معتبرة أنهم يخاطرون بفتح فراغ أكثر خطورة في أعينهم.
مع ذلك، فإن الامتناع المتكرر عن التصويت في الأشهر الأخيرة يدق ناقوس الخطر: شرعية رئيس الدولة آخذة في التقلص على مدى الأسابيع. هذا التطور الجديد داخل تونس وخارجها محفوف بالتعديلات القادمة. يجب أن يكون الجميع على علم بهذا، تختتم “لوموند”.