وول ستريت جورنال: دبابات ليوبارد 2 الألمانية أصبحت مركز اهتمام القارة الأوروبية على طريق أوكرانيا نحو النصر
عربي تريند_ نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده ماركوس وولكر قال فيه إن أوروبا تتعرض لضغوط من أجل مساعدة أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، وسط مخاوف من تراجع الدعم الأمريكي.
وقال فيه إن أوروبا انتصرت في حرب الطاقة مع روسيا، فاقتصادها وسياستها مستقران أكثر مما توقع قادتها في المواجهة الأولى مع موسكو، والسؤال الآن فيما إن كانت أوروبا تريد لأوكرانيا الفوز في الحرب؟
ويعلق أن الصدع الحالي بين ألمانيا وعدد من أعضاء حلف الناتو بمن فيهم الولايات المتحدة حول إرسال دبابات ليوبارد2 الألمانية الصنع إلى أوكرانيا ينم عن الخلافات المستمرة بين قادة الغرب حول الرهانات والمخاطر النابعة من الحرب الروسية في أوكرانيا.
وتضيف الصحيفة أن الخبراء العسكريين يختلفون فيما بينهم حول أهمية ليوبارد2 للقوات الأوكرانية، إلا أن الدبابات تحولت إلى رمز سياسي حول استعداد أوروبا لدعم أوكرانيا كي تنتصر في الحرب. وتواجه ألمانيا التي يعكس ترددها من تسليح أوكرانيا السياسة المحلية والمخاوف من تصعيد نووي روسي، ضغوطا من حلفائها في شمال وشرق أوروبا التي تشعر بإلحاح اللحظة في وقت تحضر فيه القوات الروسية والأوكرانية لحملات عسكرية بعد نهاية الشتاء. وتخشى دول أخرى من اعتماد أوروبا على الدعم الأمريكي لأوكرانيا الذي قد يصبح ضحية للرمال المتحركة للسياسة الأمريكية الداخلية، إلا في حالة حققت أوكرانيا تقدما في الحرب.
وفي الوقت الذي صادق فيه الكونغرس على حزمة ضخمة من المساعدات العسكرية بمليارات الدولارات لأوكرانيا إلا أن المعارضة الجمهورية لمزيد من الدعم الأمريكي قد تعقد جهود إدارة بايدن. وهو ما يفسر الدفعة من بريطانيا وبولندا ودول أخرى لتسريع الدعم الأوروبي. وأغضب الإصرار الألماني على ضرورة إرسال الولايات المتحدة دبابات أبرامز لأوكرانيا قبل أن تفرج عن دبابات ليوبارد2، فرنسا التي طالما أكدت على أهمية قيام أوروبا بعمل المزيد من أجل أمنها.
وسيظهر الواقع القاسي في ساحة المعركة إن كانت مليارات الدولارات التي تعهد بها وزراء دفاع عدد من الدول في القاعدة الأمريكية رامشتاين الجوية في ألمانيا كافية لمنع التقدم الروسي وتسمح لأوكرانيا باستعادة السيطرة على مزيد من المناطق.
وما هو واضح الآن هو أن قادة أوروبا حصلوا على مساحة اقتصادية وسياسية تمنحهم القدرة على التنفس والاتفاق على استراتيجية إن كانوا يريدون واحدة. فقبل عدة أشهر كان القادة في أوروبا قلقين حول مساعدة أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا لمدة طويلة. فقد واجهت القارة أزمة طاقة بعدما خنقت روسيا إمدادات الغاز، مما أدخلها في حالة من الركود وردة فعل في المجتمعات التي تعاني من أجل دفع فواتير الطاقة وإنارة بيوتهم. وعول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا على زرع الانقسام في داخل الديمقراطيات الأوروبية، واعتقد أن عزيمتها السياسية هي أهم نقاط الضعف، في وقت سعى فيه لاستعادة النفوذ الروسي.
ولم تنجح استراتيجيته لجعل المجتمعات الأوروبية تعاني من برد الشتاء بسبب نقص الطاقة. واستطاعت أوروبا الحصول على مصادر بديلة للغاز الطبيعي وانخفضت أسعاره في وقت منح فيه تغير الجو شتاء معتدلا على غير المتوقع.
وقال فرانسوا هايزبورغ، المستشار الخاص لمؤسسة الأبحاث الإستراتيجية في باريس “خسرت روسيا الحرب و”الشتاء العام” تغير قبل أشهر”.
وتتراجع فرص الركود في أوروبا أيضا، حيث يقول أندرو كيننغهام، الخبير الاقتصادي البارز في “كابيتال إيكونوميست” في لندن “لقد دهشنا من قوة الاقتصاد”، مضيفا أن مزيجا من الحظ والجهود أدت إلى تجاوز الأزمة، فقد ساعد الجو على خفض استهلاك الطاقة ونفقات الحكومات على حماية أصحاب البيوت والصناعة من دفع فواتير طاقة عالية. وتقوم دول ببناء بنى تحتية للطاقة جديدة و”هناك فرصة منطقية لعدم حصول صدمة أسعار كما في عام 2022”.
وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، أدت زيادة الأسعار لتوجيه ضربة قوية للصناعات المكثفة مثل الكيماويات والمعادن، لكن الصناعات الأخرى تتعافى نتيجة تحسن سلاسل الإمداد العالمية بعد انحسار خطر كوفيد-19 وتحسن الرؤية العالمية بما فيها الصين، وكلها نذر جدية للصادرات الألمانية. وفي الوقت الذي أدى التضخم لتظاهرات وإضرابات وخلافات في العديد من الدول الأوروبية إلا أنها لم تؤثر على الدعم لأوكرانيا.
وبحسب استطلاع أجراه باروميتر الاتحاد الأوروبي في كانون الأول/ديسمبر وشارك فيه 26.000 ناخب في الدول الأوروبية الكبرى، فالغالبية تدعم استمرار تسليح أوكرانيا وتمويل ميزانيتها وفرض العقوبات على روسيا. وفقط عارضت غالبية في دول أوروبية صغيرة مثل اليونان وسلوفاكيا السياسة، وحتى في هنغاريا التي عارض رئيس وزرائها فيكتور أوروبان سياسة نقل الأسلحة والعقوبات على روسيا، فإن معظم السكان يدعمون جهود الاتحاد الأوروبي لتسليح أوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا.
وهناك ثلاثة من كل أربعة أشخاص في الكتلة الأوروبية يدعمون أوكرانيا، وفقط 7% يعارضون وبقوة الدعم لها. وهناك قلة من الدول الأوروبية الكبرى ستعقد انتخابات هذا العام مما يعطي القادة يدا حرة في التصرف، باستثناء بولندا التي يعتبر فيها الرأي العام وبشكل غالب مؤيدا لأوكرانيا. وقالت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما “لا توجد ضغوط متزايدة من المعارضة على الحكومة. وغياب الضغط الداخلي يثير أسئلة عن سبب عدم عمل المزيد”.
وأضافت أن أصواتا قليلة تدعو للحوار مع بوتين، لأن روسيا تواصل التصعيد في حربها ضد أوكرانيا وهو ما يظهر أنها تريد النصر لا السلام. وتناشد أوكرانيا دول أوروبا بتسريع المساعدات العسكرية، في وقت تحذر فيه دول مثل بريطانيا من دخول الحرب حالة من الجمود إلا في حالة استطاعت فيها أوكرانيا تحقيق تقدم حاسم. وطالما أكد المستشار الألماني أولاف شولتز أن الهدف هو منع روسيا من النصر لا التأكد من قدرة أوكرانيا على الفوز. ويجد نفسه معزولا بين القادة الأوروبيين، وحتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بات يدعم هزيمة روسيا.
وأضاف التردد الألماني لحالة عدم الثقة ببرلين في وسط وشرق أوروبا، حيث حملت دول عدة ألمانيا مسؤولية استرضاء روسيا خلال السنين الماضية وشجعتها بالضرورة على غزو أوكرانيا. وغطى الإحباط من ألمانيا على الدعم العسكري الجوهري الذي تقدمه لأوكرانيا، فهي من أهم الداعمين إلى جانب بريطانيا مع أن الولايات المتحدة لا تزال في المقدمة.
وتحدث المسؤولون الألمان عن عدة أسباب تمنعهم من إرسال ليوبارد2 منها الضغوط المحلية والمعوقات اللوجيستية ومخاوف حرب نووية روسية. وقال شولتز إن بلاده قد توافق على إرسال الدبابات حالة أرسلت أمريكا دبابات أبرامز التي تقول إدارة بايدن إنها ليست عملية للأوكرانيين. وقال وزير الدفاع الألماني الجديد يوم الجمعة إنه يجب عدم ربط مساعدات ألمانيا بالدبابات الأمريكية.
ويعكس الموقف الألماني من طبيعة الأسلحة التي يجب تقديمها لأوكرانيا، الطريقة التي عالجت فيها أزمات كبرى سابقة في أوروبا، ففي الأزمة التي كادت تؤدي لانهيار العملية المشتركة ما بين 2010- 2012، حاولت المستشارة الألمانية في حينه أنغيلا ميركل تطمين الجمهور المحلي القلق حول مخاطر عمل الكثير في وقت انتظر فيه الأوروبيون والأمريكيون قرارا حاسما. ومرة أخرى ينتظر المراقبون تخلي ألمانيا عن مقاومتها في اللحظة الأخيرة بسبب الضغط الدولي. ويعلق هايزبورغ “إذا لم تقدم ألمانيا، فسنشهد أزمة في الناتو”.