الناشط الجزائري نكاز خارج السجن بعفو رئاسي بعد تدهور وضعه الصحي وإعلانه وقف العمل السياسي
عربي تريند_ أطلقت السلطات القضائية الجزائرية سراح الناشط السياسي رشيد نكاز المحكوم عليه نهائيا بالسجن لمدة 5 سنوات، وذلك في إجراء يلي نداءً كان قد وجهه نكاز للرئيس بالإفراج عنه لأسباب صحية مع تعهده بوقف العمل السياسي.
وذكرت صحيفة “لوسوار دالجيري” المحلية في الجزائر أن الرئيس عبد المجيد تبون أصدر عفوا عن نكاز وفق ما تخوله له صلاحياته الدستورية. ويرجح أن يكون الدافع وراء ذلك تدهور الظروف الصحية للناشط، الذي يتطلب وضعه تكفلا خاصا.
وكان نكاز قد أعلن قبل أيام وقف نشاطه السياسي بشكل نهائي، بسبب ظروفه الصحية ورغبته في الالتحاق بعائلته التي تعيش خارج البلاد، ملتمسا من الرئيس تبون تمكينه من حقوقه بعد قرار القضاء مؤخرا إلغاء تخفيض عقوبته بسنة ونصف بناء على عفو رئاسي.
وذكرت الصفحة الرسمية لنكاز على فيسبوك أن الناشط وجّه رسالة للرئيس تبون يبلغه فيها أنه استقال بفعل قهر الظروف من العمل السياسي، مستلهما قراره من تاريخ الأمير عبد القادر الجزائري في مقاومة الاستعمار الفرنسي، على حد قوله.
وأشارت الرسالة إلى أن نكاز يرغب حاليا في أن يكرس وقته كليا لمعالجة مشاكله الصحية، حيث يعاني من سرطان البروستاتا، ومشاكل في الجيوب الأنفية والجهاز السمعي، وكذلك للكتابة والاعتناء بعائلته التي ذكر أنه تخلى عنها في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات ولم يلتق بها منذ 3 سنوات، بسبب رغبته، وفق ما قال، في المساهمة في بناء دولة ديمقراطية في الجزائر.
وجاء إعلان نكاز وفق ما ذكر في رسالته متأثرا بقرار إلغاء العفو الرئاسي الصادر في حقه. وبحسب صفحته الرسمية، فقد “أبلغ الناشط بعد الحكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات، بأنه سوف يستفيد من تخفيض 18 شهرا كعفو رئاسي لكن وبعد أسبوع من الإبلاغ وبدون سابق إنذار تم إلغاء العفو الرئاسي والسبب يبقى مجهولا”. ويشير هذا النداء الموجه للرئيس، إلى رغبة نكاز في الحصول على عفو يسمح له بمغادرة السجن وتمكينه من الالتحاق بعائلته، حيث سبق له أن ذكر أنه منع من الحصول على جواز سفر لمغادرة التراب الجزائري.
وواجه نكاز في السنوات الأخيرة ثلاث قضايا، حصل في آخرها على البراءة من تهمة الاعتداء على الشرطة التي تعود لفترة لفترة المسيرات الضخمة خلال الحراك الشعبي. وقبل ذلك، أدين نكاز بـ6 أشهر حبسا نافذا بتهم “التحريض على التجمهر غير المسلح وإهانة موظف بمناسبة تأدية مهامه ونشر وترويج أخبار كاذبة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن وسكينة واستقرار المجتمع”، بعد نداء وجهه عبر صفحته على فيسبوك، دعا فيه لمظاهرات في 14 أيار/مايو الماضي أمام سجن الشلف والقليعة وأمام القنصلية العامة للجزائر في باريس للمطالبة بالإفراج عن 270 سجينًا سياسيًا، وفق ما ذكر.
لكن أخطر القضايا التي واجهها نكاز، تلك التي أدين فيها من قبل محكمة الجنايات الاستئنافية بالعاصمة الجزائرية، منتصف العام الماضي بـ5 سنوات سجنا نافذا، بتهمة التحريض على حمل السلاح للاعتراض على قانون المحروقات. واللافت أن هذا الحكم الاستئنافي جاء على غير العادة مشددا مقارنة بالحكم الابتدائي في كانون الأول/ديسمبر 2021، الذي أدانه بعام سجنا نافذا فقط وسمح له بالبقاء حرا بعد تغطيته مدة العقوبة.
أخطر القضايا التي واجهها نكاز تلك التي أدين فيها بـ5 سنوات سجنا نافذا، بتهمة التحريض على حمل السلاح للاعتراض على قانون المحروقات
وتعود وقائع القضية إلى كانون الأول/ديسمبر 2019، حيث تم اعتقال نكاز وهو يهم بمغادرة الجزائر، ووجهت له تهمة تحريض السكان على حمل السلاح وعرقلة الانتخابات الرئاسية، وذلك بعد نشره فيديو على صفحته يعتبر فيه تصويت النواب على مشروع قانون المحروقات خيانة ويدعو للاعتراض على ذلك ولو بالسلاح. ولاحقا ذكر نكاز أن الفيديو تمت فبركته لتوريطه، مشيرا إلى أن معارضته للقانون كانت ضمن نشاطه السياسي.
وخلال فترة سجنه، نقل محامو نكاز أنه يعاني من عدة متاعب صحية، فقد أجرى عملية في أنفه بسبب مضاعفات الشجار الذي جمعه بباريس مع صهر عمار سعداني رئيس البرلمان سابقا قبل 4 سنوات، وذلك في سياق تنديد نكاز في ذلك الوقت بـ” فساد سعداني” وتنظيمه مظاهرات أسبوعية أمام منزل لابنته بحي راق في باريس، كما يقول إنه فقد السمع كليا في إحدى أذنيه بسبب تلك الواقعة. ومؤخرا، أعلن نكاز عن إصابته بسرطان البروستات، خلال فترة احتجازه من كانون الأول/ديسمبر 2019 إلى غاية شباط/فبراير 2021 حيث غادر السجن بموجب تدابير عفو رئاسية قبل أن يعود إليه بعد نحو سنة.
وظل نكاز منذ نحو 10 سنوات يمارس العمل السياسي في الجزائر، محاولا ابتكار أساليب جديدة في استمالة الشباب لخطابه. وبنى الرجل معركته على محور مكافحة الفساد حيث كان ينظم مظاهرات باستمرار في العواصم الأوروبية تنديدا بفساد المسؤولين في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، مستغلا المتابعة الواسعة التي كان يحظى بها على مواقع التواصل في الترويج لنشاطه، فقد اشتهر قبل ذلك بسداده للغرامات المسلطة على المنقبات في فرنسا، وهو ما أكسبه شهرة في العالم الإسلامي.
وقرر نكاز المعروف بكونه رجل أعمال، التخلي طواعية عن جنسيته الفرنسية من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر، لكنه منع من ذلك مرتين سنة 2014 و2019 بسبب شروط دستورية تتعلق بمحل إقامته. وأثارت حملته لجمع التوقيعات سنة 2019 زخما واسعا في أوساط الشباب الذين كانوا يستقبلونه في الولايات لمنحه توقيعهم. ورأى البعض في ذلك، مقدمة لرفض العهدة الخامسة، خاصة لما أدى تجمع شعبي لنكاز بولاية خنشلة شرق البلاد لإسقاط صورة الرئيس بوتفليقة، أياما قبل انطلاق الحراك الشعبي الذي أدى لنهاية حكمه. لكن الكثيرين يعيبون على الرجل، خطابه الشعبوي المؤسس أحيانا على معلومات غير صحيحة وافتقاده لمشروع سياسي واضح المعالم.