بريطانيا قد تصنف الحرس الثوري “منظمة إرهابية”.. وإعدام أكبري دليل على ضعف طهران
عربي تريند_ ردت الصحف البريطانية على إعدام نائب وزير الدفاع الإيراني السابق، بشجب الخطوة الإيرانية، خاصة أن علي رضا أكبري يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب جنسيته الإيرانية.
واتخذت الحكومة البريطانية سلسلة من الخطوات، منها استدعاء سفيرها في طهران. وقالت صحيفة “أوبزيرفر” إن الحكومة البريطانية ستقوم بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، وتتوقع أن تنسق الرد مع الاتحاد الأوروبي على إعدام أكبري المتهم بالتجسس.
وقال باتريك وينتور، إن أكبري خدعته الاستخبارات الإيرانية قبل ثلاثة أعوام من أجل العودة إلى إيران. وكان أكبري مسؤولا دفاعيا بارزا في حكومة المعتدلين قبل عقد من الزمان، وقد شنق في إيران بتهمة التجسس للمخابرات البريطانية الخارجية (أم أي6)، وهي تهمة تنفيهاعائلته. وقال صديق للعائلة: “هذه جريمة قتل” وتعهد بإثبات براءة المسؤول السابق البالغ من العمر 61 عاما، وأنه قبض أموالا من البريطانيين.
وخلف أكبري وراءه ابنتين وزوجة تعيش في بريطانيا. وعلمت زوجته بنبأ إعدامه قبل فجر السبت من وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وفي خطوات أولية، قررت الحكومة البريطانية حظر سفر وتجميد أموال المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، والذي وصفته وزارة الخارجية بأنه “واحدا من أقوى الشخصيات في النظام القضائي الإيراني”.
واستدعت الحكومة البريطانية القائم بالأعمال الإيراني. بدورها استدعت الخارجية الإيرانية، السفير البريطاني في طهران ستيفن شيركليف، حيث عنّفته على ما وصفته تدخلا في شؤون الأمن القومي للبلاد، وزعمت أن أكبري جنده السفير البريطاني السابق في طهران. وتقوم الحسابات البريطانية الآن على اتخاذ خطوات أخرى حاسمة قد تغلق الباب أمام محادثات أخرى بشأن الملف النووي الإيراني، أو أن انتشار الخطر النووي في الشرق الأوسط عظيم بدرجة تجعل الحكومة البريطانية تفكر مليا قبل أن تقوم بخطوات تستعدي بها النظام في طهران.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثات النووية، متوقفة منذ زمن، ومُنع المفتشون التابعون للأمم المتحدة من دخول المنشآت النووية الإيرانية. وبدون أي خرق في المحادثات، تقول القوى الغربية إنه طالما استمر القمع ضد المتظاهرين في الشوارع الإيرانية، فلم يعد الملف النووي مركز اهتمامهم. ويُعتقد أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصناعة القنبلة النووية، ولكنها لا تستطيع تحويل المواد إلى قوة عسكرية.
ولو قررت بريطانيا ومعها الاتحاد الأوروبي تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إيرانية، فهذا يعني ردا انتقاميا من إيران. وقال وزير الأمن البريطاني توم توغينغات، إن الخطوة مبررة، “يظهر إعدام الدولة مواطنا وحشية النظام الإيراني الذي يهدد المواطنين البريطانيين حتى في بريطانيا، كما حذر مدير أم أي فايف (المخابرات الداخلية) قبل فترة، وسندافع عن أمننا”.
وفي الأسبوع الماضي، قال المُراجع المستقل لتشريع الإرهاب، جوناثان هول، في مذكرة: “تصنيف كيان دولة بناء على قانون الإرهاب عام 2000 سينحرف عن السياسة البريطانية المتماسكة منذ عقود، ويثير التساؤلات حول تعريف الإرهاب الذي أثبت أنه عملي وفعال حتى الآن”، مشيرا إلى تسميم العميل الروسي في سالزبيري الذي اعتبر “عملا عدائيا من دولة وليس إرهابا”.
لكنه أضاف أن هذا يبدو وكأنه موقف متعلق بالسياسة بدلا من كونه رأيا قانونيا يتعلق بتفسير القانون، مما يمنح وزراء الحكومة مرونة في تصنيف الحرس الثوري لو أرادوا ذلك. وكان مدير المخابرات الداخلية (أم أي 5) كين ماكولام، قد وصف العام الماضي الجمهورية الإسلامية بأنها “قلق كبير، ومن خلال خدماتها الاستخباراتية تهدد مشاريع بريطانيا مباشرة، وهذا يشمل اختطاف أو قتل البريطانيين ومن يتخذون بريطانيا مركزا لهم، ومَن تنظر إليهم كتهديد للنظام”.
ويقول أصدقاء أكبري إنه كان ضحية نزاع على السلطة داخل النظام وجهود البعض فيه لتقويض سلطات الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، الذي كان أكبري مقربا وحليفا له حتى عام 2005 عندما غادر الحكومة. ومن المتوقع أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على حوالي 20 إيرانيا بمن فيهم وزير الرياضة.
وفي افتتاحيتها، قالت صحيفة “صاندي تايمز” إن إعدام أكبري هو تحذير جديد للغرب. وأضافت أن إيران قدمت أحدث دليل على عودتها لوضع الدولة المارقة، عندما أعدمت أكبري. وتقول إن أكبري اعترف بتقديم معلومات عن الملف النووي للمخابرات البريطانية، في شريط فيديو يبدو أنه تعرض للحذف والتحرير بشكل كبير.
وبثت “بي بي سي” باللغة الفارسية، رسالة من أكبري قال فيها إنه تعرض للتعذيب وأُجبر على الاعتراف. وتقول إن النظام الإيراني زاد من عمليات الاعتقال بعدما انفجر الغضب السكاني احتجاجا على مقتل الفتاة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق قبل عدة أشهر. وأُعدم أربعة من المحتجين إضافة لسجن الآلاف منهم حتى الآن.
ويبدو أن مقتل أكبري هو رسالة موجهة للغرب، وجاء بعد أيام من اعتراض البحرية الأمريكية شحنة من البنادق القتالية كانت في طريقها للمتمردين الحوثيين في اليمن. وكذلك بعد استخدام المسيرات الإيرانية في الحرب الأوكرانية، حيث زودت إيران روسيا بها مما يؤكد استمرار طهران في جهودها لكي تظل قوة تهدد استقرار الشرق الأوسط.
وتظل جهود إيران النووية هي المفتاح، ففي الأسبوع الماضي، زعم قائد الجيش الإسرائيلي الذي انتهت مهمته، بأن طهران لديها ما يكفي من المواد المخصبة لكي تنتج القنبلة النووية. وبعودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة على رأس حكومة متطرفة، يجب على بايدن أن يواجه علبة الكبريت المشتعلة في الشرق الأوسط. وقللت الصحيفة من إمكانية عقد اتفاقية نووية جديدة وسط حملة الإعدامات بدون محاكمة للناشطين، وإرسال الأسلحة لفلاديمير بوتين، وخلع الحليف الأكبر للغرب، أي إسرائيل، القفازات، فهذا وضع قد يتطور بسرعة.
ورأت صحيفة “إندبندنت” أن إعدام أكبري هو إشارة عن ضعف النظام الإيراني. وقالت إنه كلما علم الإيرانيون حجم الدعم الخارجي لهم، كلما تحرروا من سيطرة النظام عليهم.
واعتبرت الصحيفة أن الآمال التي علقها الغرب على تحسن العلاقات مع النظام الإيراني بعد إطلاق نازنين زغاري- راتكليف، وأنوش أشوري في آذار/ مارس من العام الماضي، تبددت بإعدام طهران لأكبري. ولا شك في هذا، لأن التظاهرات التي عمت البلاد بعد مقتل أميني، كانت دليلا على أن الجمهورية الإسلامية لن تخفف القيود بشكل طوعي على المواطنين. وأظهر النظام وجهه الحقيقي بعد إعدام أكبري، بطريقة لم يعد فيها هناك أي أمل بفتح طهران حوارا مع الديمقراطيات الغربية.
بل على العكس، فإعدام أكبري هو رسالة يحاول فيها النظام الإيراني تأكيد دعايته أن التظاهرات التي تشهدها البلاد تجري بتحريض من الخارج.
وهذا دليل ضعف لا قوة للنظام الحاكم، بحسب ما ترى الصحيفة. وتقول إن الشيء الوحيد الذي لا يريد النظام الاعتراف به، هو أن الشعب الإيراني لديه القوة لكي يطالب بحقوقه، خاصة المرأة التي تستطيع المطالبة بنفس الحقوق على قدم وساق مع الرجال.
وتتساءل الصحيفة إن كانت المشكلة التي ستظهر بعد التعبير عن الصدمة والتعاطف مع عائلة أكبري، هي كيفية الرد على دولة لا تعترف بالأعراف الدولية، بل وتنظر إليها كجزء من التفكير الاستعماري الغربي. ولا توجد أجوبة واضحة، فكما في حالة زغازي راتكليف وأشوري، فالحوار يجدي مع النظام، وكذا في التفاوض حول الملف النووي. واتخذت الحكومة البريطانية إجراءات رمزية ضد إيران، مثل العقوبات على المدعي العام الإيراني. وأشارت إلى النقاش حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.
وقالت أليشيا كيرنز، مسؤولة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، إن النواب متّحدون حول الموضوع، وأن الوقت قد حان لتصنيف الحرس الثوري “منظمة إرهابية”. ورأت أن دعم الحكومة البريطانية والإعلام الحر لحق المرأة بالسير في الشوارع بدون حجاب، والمطالبة بحقوقها، يعني شعور الإيرانيين في الداخل أن هناك من يسند ظهورهم في الخارج.