العالم تريند

لماذا أحرق عناصر الباسيج هوياتهم العسكرية في إيران؟

قام عدد كبير من عناصر ومنتسبي ميليشيات #الباسيج، التابعة للحرس الثوري، بحرق هوياتهم العسكرية وتصويرها وبثها عبر مواقع #التواصل، معلنين انحيازهم للمظاهرات التي تعم إيران، والتي دخلت الأحد، يومها الحادي عشر، حیث يردد المحتجون شعارات تطالب بإسقاط النظام ومرشده علي خامنئي مرددين هتافات “الموت لخامنئي” و”اخجل يا خامنئي واترك الحكم” و”الاستفتاء” على نوع النظام الذي یریدونه.

الأمر الذي فاجأ الجميع هو أسباب هذه الانشقاقات رغم دور الباسيج عقائديا وتنظيميا وسياسيا وحتى اقتصاديا في الحفاظ على تركيبة نظام #ولاية_الفقيه الحاكم في #طهران وعملية غسيل الدماغ، الذي يقوم بها الحرس لعناصر الباسيج.

هذا بينما یقول الکثیر من هؤلاء العناصر المنشقين في الفیدیوهات التي ينشرونها إنهم لم ينتسبوا إلى الباسیج لکي یقتلوا شعبهم، ودعوا سائر العسکریين من الحرس الثوري والجيش النظامي إلى الوقوف إلى جانب الشعب في احتجاجاته ومطالبه، وأكدوا أنهم سئموا أكاذيب قادة النظام وتغطيتهم على مسلسل الفساد الحكومي ونهب المال العام من قبل كبار المسؤولين والمقربين من المرشد وقادة الحرس.

ويتطوع للباسيج أغلب الشباب والموظفين والعاطلين عن العمل وطلبة الحوزات الدینیة بهدف الحصول على امتيازات خاصة واستثنائية كالحصول على عمل أو قروض وسكن وسيارات أو سلع بالتقسيط أو سهولة الدخول الى الجامعة، مقابل المساهمة في أنشطة الباسيج، مثل العمل على جمع تقارير حول الأمن الداخلي وتوفير الخدمات الاجتماعية وتنظيم الاحتفالات الدينية العامة لصالح الترويج لأيديولوجية نظام ولاية الفقيه.

وأبدى الكثير من هؤلاء المنتسبين تعاطفا مع المظاهرات التي احتج المواطنون خلالها على الغلاء والبطالة وارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي وملايين الجياع، بسبب علمهم بالواقع الإيراني وقاموا من أجل الإعلان عن موقفهم الداعم للشعب والوقوف إلى جانب المستضعفين، ووثق عدد من عناصر الباسيج في تسجيلات مصورة إحراق هوياتهم العسكرية، معلنين بذلك انشقاقهم عن النظام وانحيازهم لمطالب المتظاهرين.

الجنرال غلام حسين غيب برور قائد الباسيج الايراني

نشر العناصر النشطة في طهران

هذا بينما أعلن قائد قوات فيلق “محمد رسول الله” التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد رضا يزدي، الأحد، عن بدء تسيير دوريات في شوارع طهران لقوات الباسيج قريباً، وذلك في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية.

وقال يزدي إنها ستبدأ عملها بالتنسيق مع أجهزة إنفاذ القانون والقضاء بهدف الحفاظ على أمن العاصمة ومواطنيها”، حسب تعبيره.

وأكد أن قوات الشرطة سوف تقوم بواجبها لتأمين العاصمة، ولكن ضمان الأمن الكامل في طهران يتطلب تعاون جميع الأجهزة بما فيها قوات التعبئة – الباسيج”.

الدور القمعي

ويعود مشاركة الأعضاء الفاعلين في الباسيج في قمع الاحتجاجات الشعبية إلى انتفاضة الطلبة عام 1999 ضمن جماعات الضغط المرتبطة بالحرس الثوري والتي قامت بالتنسيق معها بمواجهة الطلاب بشكل عنيف جدا، كذلك خلال الانتفاضة الخضراء عام 2009.

كما شارك عناصر الباسيج في اقتحام السفارات مثل السفارتين البريطانية عام 2011 والسعودية في عام 2016 بالإضافة إلى دورهم في استجواب وتعذيب معتقلين، وكذلك المشاركة في الحروب الإقليمية للحرس الثوري في العراق سوريا وغيرها من الدول.

التأسیس

وتأسست میليشیات الباسیج بأمر من المرشد الأول للنظام، روح الله #الخميني، بعد أشهر من انتصار الثورة التي أطاحت بالشاه الإيراني عام 1979 ويشرف عليها الحرس الثوري.

والمؤسسة تسمى بالفارسية “سازمان بسیج مستضعفین” أي “منظمة تعبئة المستضعفين” وهي ميليشيات تتكون من متطوعين من المدنيين ذكور وإناث، وكانت المنظمة تعرف في البداية باسم “قوة باسيج المقاومة”، حيث صوت عليها مجلس الشورى (البرلمان الإيراني) عام 1980 كجزء من قوات الحرس الثوري.

تجنيد الاطفال في ميليشيات الباسيج

فئات الباسيج وعددهم

ووفقا للمادة 13 من قانون تجنيد الحرس الثوري، يعرف الباسیجي بأنه شخص تطوع في صفوف جيش الحرس الثوري، الذي سيكون مكونا من 20 مليون جندي.

وتقسم قوات التعبئة “الباسيج” في نفس المادة إلى ثلاث فئات، هي: “قوات التعبئة العادية” و”التعبئة النشطة” و”التعبئة الخاصة” أو “منتسبو الحرس الثوري الفخريون”.

ومن بين القطاعات الثلاثة للتعبئة، تشمل مجموعة واسعة جدا من عناصر الباسيج العاديين. هؤلاء الأشخاص يقتصر حضورهم على المشاركة في المشاريع المدنية والأنشطة الدينية والتعبوية والدعاية للنظام، وذلك من أجل الحصول على مكاسب شخصية والكثير منهم لا يؤمنون بقيم النظام.

وتتبع قوات الباسيج كما الحرس الثوري سلطة المرشد الأعلى للنظام في إيران مباشرة، وعناصرها معروفون بالولاء لقائد الثورة، ويقدر عددهم حاليا بحوالي 5 ملايين منتسب وأغلبهم من الباسيج العادي، بينما الباسيج النظامي يصل عددهم إلى حوالي 100 ألف عنصر، بحسب الخبراء، لكن مسؤولي الباسيج والحرس الثوري يعلنون دائما أرقاما مرتفعة تصل حوالي 20 مليونا، لكي يوحوا للناس بأنهم حققوا أهداف الخميني بتشكيل جيش شعبي قوامه عشرون مليون منتسب.

مواجهة التهديدات

ويصنف محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري مهام الباسيج إلى مواجهة ثلاثة أنواع من التهديدات: 1- التهديدات الناعمة ضد تهديد النظام الإيراني مثل الحرب الإلكترونية والغزو الثقافي وتقويض قيم الثورة، 2- التهديدات نصف الجدية مثل الانتفاضات الشعبية دون استخدام السلاح والتهديدات الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية، و3- التهديدات الجادة مثل الانتفاضات المسلحة والحرب الأهلية والحروب الخارجية.

والتهديدات الأولى هي من مهام الباسيج غير النظامي (المدني) ومواجهة التهديدات الثانية من مهام الباسيج النظامي(العسكري) أمام مواجهة التهديدات من النوع الثالث فهو من مهام الحرس الثوري والباسيج العسكري، بحسب ما كشف جعفري في كلمة له خلال مناورات للباسيج عام 2008.

باسيج النساء

علي صابر هاماني قائد باسيج الطلبة

أهداف الباسيج

وأهداف الباسيج كما جاء في موقعها الإلكتروني على النحو التالي:

– تحقيق أوامر وأقوال روح الله الخميني مرشد النظم الأول حول تشكيل نواة جيش “حزب الله”.

– خلق القدرات اللازمة والاستعداد للدفاع في المجال العام في الدفاع عن البلاد.

– إنشاء القدرات القتالية اللازمة للانخراط في العمليات الكلاسيكية والواسعة النطاق.

– إنشاء القدرات اللازمة للمساعدة في حالات الكوارث والحوادث الطبيعية.

– مساعدة الحكومة على الإعمار.

تجنيد للحرب وانتهاك اتفاقية حقوق الطفل

قضية تجنيد إيران العناصر الباسيج بما فيهم تلاميذ المدارس والاطفال في الحروب ليست جديدة، وقد بدأت منذ الثمانينيات مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988) حيث تم إرسال آلاف الأطفال الإيرانيين تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 17 عاما، للجبهات كمتطوعين في صفوف الحرس الثوري في أخطر مواقع القتال بتدريب محدود.

وفي ديسمبر الماضي، دانت منظمة “هيومان رايتس ووتش” المعنية برصد انتهاكات حقوق الإنسان، إرسال السلطات الإيرانية أطفالا للقتال بصفوف قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وذلك عقب نشر التلفزيون الإيراني مقطعا مع مقابلة مع طفل مجند في الثالثة عشرة من عمره، وقال إنه جاء إلى سوريا تحت تأثير قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، المصنف على قائمة الإرهاب.

وتقول المنظمة إنه “بموجب القانون الدولي العرفي، يُعتبر تجنيد الأطفال دون سن الـ 15 جريمة حرب، حيث يحدد “البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل” 18 عاما كحد أدنى لسن التجنيد أو المشاركة في الأعمال الحربية”.

وفي نوفمبر من العام الماضي، رفض اللواء محمد رضا نقدي، القائد السابق لميليشيات الباسيج (التعبئة الشعبية) التابعة للحرس الثوري الإيراني، توقيع بلاده على اتفاقية حقوق الطفل الدولية تحت ذريعة أنه “خلاف للشرع” و”غير عقلانية تماما”، على حد تعبيره.

وتجند ميليشيات الباسيج والحرس الثوري الأطفال في صفوفها لإعدادهم في المشاركة في الحروب حيث قتل العديد من منهم في سوريا تحت مسمى “الدفاع عن مقامات أهل البيت”، و”الدفاع عن الأمن القومي الإيراني” خلال ست سنوات من تدخل إيران العسكري في سوريا.

قائد الباسيج الايراني السابق في القنيطرة جنوب سوريا في يوليو 2017

قتلى الباسيج في سوريا

كما قتل في أكتوبر 2015 قيادي آخر في قوات الباسيج، وهو نادر حميد ديلمي، الذي لقي مصرعه متأثرا بإصابته في اشتباكات بسوريا مع المعارضة السورية في مدينة القنيطرة السورية.

وفي ديسمبر 2016 أعلن داود غودرزي، رئيس منظمة “باسيج” الطلبة في جامعات إيران، أن 50 طالبا من منتسبي ميليشيات الباسيج قتلوا بصفوف الحرس الثوري الإيراني أثناء المعارك المعارضة السورية المسلحة.

مشاركة الباسيج بالحرب الإلكترونية

في ديسمبر 2016 أعلن قائد ميليشيات الباسيج للتلاميذ في المدارس الإيرانية، على صابر هاماني، عن تشكيل “كتائب إلكترونية” من طلبة المدارس بهدف ” إشراكهم في الحرب الإلكترونية الناعمة ضد البلاد”، وذلك على غرار “الجيش الإلكتروني” المشترك التابع لأجهزة الاستخبارات الايرانية، والذي يتولى مهمة مراقبة النشاطات المعادية عبر الإنترنت.

ونقلت وكالة “فارس” عن هاماني قوله إن قسم الباسيج للطلبة أنشأ “لجنة الفضاء المجازي” لتدريب هؤلاء الطلبة على كيفية النشاط ولعب دور مفيد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتوعيتهم بأضرار هذه الشبكات”.

موازنة الباسيج

في موازنة 2017 رفعت إيران ميزانيتها العسكرية 1.3 مليار دولار آخر لتصل إلى حوالي 11.6 مليار دولار قبل أن تبدأ الميزانية السنة الجديدة التي ستبدأ في 21 آذار/ مارس المقبل، حسب التقويم الفارسي والتي شهدت زيادة ميزانية الحرس الثوري وميليشيات الباسيج التابعة لها أيضا.

وزادت حكومة الرئيس الايراني حسن روحاني النسبة المخصصة للدفاع 39% من إجمالي مبلغ موازنة العام الإيراني الحالي (من 21 آذار مارس 2017 حتى 21 آذار/مارس 2018) إلى 99.7 مليار دولار، وزيادة الحصة المخصصة للدفاع 39% لتبلغ نحو 10.3 مليار دولار.

ورفعت حكومة روحاني موازنة الدفاع منذ استلامها السلطة من ستة مليارات دولار 2013، في عهد سلفه محمود أحمدي نجاد إلى نحو ثمانية مليارات دولار عام 2014، ونال الحرس الثوري الذي يدير معارك إيران وتدخلاتها في دول المنطقة الحصة الأكبر، حيث حصل على 3.3 مليار دولار عام 2013، وزادت عام 2014 لتصل نحو 5 مليارات دولار، ونحو 6 مليارات دولار عام 2015.

ورغم خفض موازنة الحرس الثوري في الموازنة العامة لعام 2016 إلى 4.5 مليار دولار، إلا أنَّ موازنة وزارة الدفاع والجيش زادت.

وفي 2017، حظيت الموازنة المخصصة للحرس الثوري في مشروع الموازنة العامة على زيادة قدرها 53% مقارنة بالعام الماضي، حيث ارتفعت إلى 6.9 مليار دولار.

ووفقاً لذلك، فقد زاد الموازنة المخصصة للجيش، والحرس الثوري، وقوات المتطوعين “الباسيج” وهيئة الأركان العامة بنحو 80% منذ وصول حكومة روحاني إلى الحكم في يونيو 2013.

قائد الباسيج

يذكر أن قائد الباسيج العميد غلام حسين غيب برور، الذي تم تعيينه في ديسمبر 2016، من قبل المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، عقب إقالة اللواء محمد رضا نقدي، الذي قاد الباسيج لحوالي 9 سنوات، كان أحد قياديي القوات الايرانية في سوريا لفترات متفاوتة، ويعرف بمواقفه المتشددة تجاه المعارضة الداخلية، لاسيما الحركة الطلابية والحركة الخضراء، التي وصف قادتها في تصريحات سابقة له، بأنهم “سياسيون أنجاس” و”خونة”.

وكان غيب برور يشرف على مقر قوات” الحسين” التابعة للحرس الثوري، في حلب شمال سوريا، كما ترأس قبل ذلك لنحو 11 عاما، قيادة فيلق “فجر” في محافظة فارس، فيما سبقت هذه الفترة توليه منصب مساعد شؤون التدريب بالقوة البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى