السعودية

السعودية تعاكس أميركا بحلفها النفطي مع روسيا: أوبك+ مسار للخلافات

عربي تريند_ عندما ابتلع الرئيس الأميركي جو بايدن، كبرياءه، وسافر إلى المملكة العربية السعودية، في يوليو/تموز الماضي، للالتقاء مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أعرب عن تفاؤله في أنّ الرياض ستتخذ خطوات لتعزيز إمدادات النفط “في الأسابيع المقبلة”.

بدلاً من ذلك، وبعد أقل من ثلاثة أشهر، تقول وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، في تقرير لها، اليوم الخميس، حصل بايدن على عكس ما كان يأمله: خفض كبير في إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً من أوبك+، حيث المملكة العربية السعودية هي المحرك الرئيسي. 

واعتبر الكرملين، الخميس، أنّ خفض إنتاج أوبك+ الكبير المُعلن عنه، أمس الأربعاء، “سيؤدي إلى استقرار سوق النفط”، بعد أن اتهمت الولايات المتحدة المنظمة بـ”الانحياز إلى روسيا” في اتخاذ مثل هذا القرار.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحافيين وفق “رويترز” إنّ “القرارات التي اتخذت تهدف إلى تأمين استقرار سوق النفط”. وأضاف أنّ “بعض الدول تتفهم عبثية القرارات التي تدفع الولايات المتحدة باتجاهها”، في حين تريد واشنطن تحديد سقف لأسعار النفط الروسي.

وتشرح “بلومبيرغ” أنه بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، الذين أمضوا الأيام القليلة الماضية في جهود ضغط محمومة لإقناع الرياض والأعضاء الآخرين في مجموعة منتجي النفط بتغيير المسار، فإنّ المعنى واضح: في حرب الطاقة متزايدة العداء بين روسيا والغرب، المملكة العربية السعودية على استعداد لمساعدة فلاديمير بوتين وازدراء جو بايدن.

رفع الأسعار

وبينما قال مسؤولون سعوديون إنّ الدافع وراء الخفض، هو القلق بشأن الاقتصاد العالمي، كان التأثير هو إثارة ارتفاع في أسعار النفط بأكثر من 10% من أدنى مستويات الأسبوع الماضي. وعلى خلفية انخفاض المخزونات النفطية، حذر بعض المحللين من أنّ هذه الخطوة قد تدفع الأسعار إلى الأعلى.

وقال داميان كورفالين من مجموعة غولدمان ساكس، إنّ التخفيضات قد تضيف 25 دولاراً للبرميل إلى أسعار برنت في عام 2023 إذا أبقت أوبك+ عليها طوال العام. وتابع كورفالين أنّ هناك “احتمالية لارتفاع الأسعار إلى مستويات أعلى إذا استنفدت المخزونات بالكامل”.اقتصاد دولي

بالنسبة لبايدن، يعتبر قرار خفض إنتاج النفط بمثابة ضربة قاضية. إنه رفض شخصي لرئيس كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة”، فقط للسعي لإصلاح العلاقات هذا العام على أمل تأمين إمدادات نفطية أعلى. كما أنه يعيق محاولاته لخفض الأسعار وضغط عائدات روسيا، من خلال الضغط من أجل فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي، والإفراج عن المخزونات من احتياطي النفط الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وقال بن كاهيل، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لـ”بلومبيرغ”: “كان هذا التخفيض مدفوعاً بالجغرافيا السياسية، وليس فقط أساسيات السوق. أوبك+ تقاوم جهود مستوردي النفط، بما في ذلك قرار وضع الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي، وإصدارات الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة، والعمل المنسق بين المشترين. إنها خطوة محفوفة بالمخاطر”.

ويمكن للقرار أن يعزز خزائن روسيا قبل حظر الاتحاد الأوروبي لمعظم صادراته من نفطها في وقت لاحق من هذا العام ومحاولة مجموعة الدول السبع للحد من أسعار النفط. لكن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك الذي شارك في اجتماع “أوبك+”، قال إنّ تحديد سقف للسعر سيكون له “تأثير ضار” على قطاع النفط العالمي، مؤكداً أنّ الشركات الروسية “لن تزود الدول التي تستخدم هذه الأداة بالنفط”.

خيبة الأمل الأميركية

صدمت الولايات المتحدة بقرار متابعة مثل هذا التخفيض الكبير، ومع اتضاح خطط مجموعة المنتجين في الأيام القليلة الماضية، اتصلت سلسلة من المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم وزيرة الخزانة جانيت يلين، بنظرائهم في دول الخليج الأعضاء في أوبك لمحاولة إقناعهم بالتغيير. وقالت مصادر مطلعة لـ”بلومبيرغ” إنّ يلين أجرت مكالمات مع عدد من الوزراء الإقليميين، لكنها لم تحصل على التزامات مؤكدة منهم.

وأمس الأربعاء، قال البيت الأبيض إنّ بايدن “يشعر بخيبة أمل بسبب القرار قصير النظر الذي اتخذته أوبك+ لخفض حصص الإنتاج”، وهدد بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات “للحد من سيطرة أوبك على أسعار الطاقة”.اقتصاد دولي

كان بعض السياسيين الأميركيين أكثر صراحة. غرّد السناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت وعضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس كريس مورفي: “اعتقدت أنّ الهدف الكامل من بيع الأسلحة إلى دول الخليج على الرغم من انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وحرب اليمن غير المنطقية، والعمل ضد المصالح الأميركية في ليبيا والسودان، أنه عندما تحدث أزمة دولية كان بإمكان الخليج اختيار أميركا على روسيا/الصين”.50px

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار إنّ القرار “يشكل خطأ”، مضيفة “من الواضح أنه عبر قراره اليوم، فإنّ أوبك+ يقف الى جانب روسيا”. وتوقيت القرار سيئ أيضاً لأجندات بايدن السياسية، إذ يأتي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي الشهر المقبل. 

قرر تحالف “أوبك+” إجراء خفض كبير في الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً في إبريل/نيسان 2020، ما أنهى الانخفاض الهائل في أسعار النفط الناجم عن عمليات الإغلاق خلال تفشي كوفيد 19.

وباشر التحالف زيادة الإنتاج العام الماضي بعد تحسن السوق، وعاد الإنتاج إلى مستويات ما قبل الجائحة هذا العام، ولكن على الورق فقط، إذ يواجه بعض الأعضاء صعوبات للوفاء بحصصهم.

واتفقت المجموعة الشهر الماضي على خفض رمزي صغير قدره 100 ألف برميل يومياً من أكتوبر/تشرين الأول، كان الأول منذ أكثر من عام. دعت الدول المستهلكة لأشهر “أوبك+” لزيادة الإنتاج على نطاق أوسع بهدف خفض الأسعار، لكن التحالف واصل تجاهل تلك النداءات.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى