البرلمان اللبناني يفشل للمرة السابعة في انتخاب رئيس للجمهورية وسط تحذير من الانفجار
عربي تريند_ أخفق البرلمان اللبناني مجدداً، اليوم الخميس، في انتخاب رئيس جديد للبلاد مع تحديد موعد جلسة جديدة يتزامن مع مرور شهر على انتهاء ولاية ميشال عون ودخول البلاد في الفراغ الرئاسي.
وتكرّر المشهد الأسبوعي الرئاسي في لبنان، اليوم الخميس، مع انعقاد الجلسة البرلمانية بحضور 110 نواب شاركوا في التصويت قبل أن تبدأ سلسلة الانسحابات خلال عملية الفرز التي تفوقت فيها ورقة “حزب الله” وحلفائه البيضاء، على مرشح أحزاب المعارضة وبعض المستقلين والتغييرين النائب ميشال معوض، ليسقط بعد ذلك نصاب الثلثين المعتمد (86 نائباً من أصل 128)، ليحدد موعد جلسة جديدة لانتخاب رئيس للبلاد يوم 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبعد الجلسة السابعة للبرلمان لانتخاب رئيس، توالت المواقف السياسية، أبرزها ما جاء على لسان نائب “حزب الله” علي عمار، الذي حذر من انفجار اجتماعي ووضع كارثي أكثر من الراهن يتحتّم تداركه والإسراع في الوفاق الذي يجب أن يكون “سيّد القصر”، وفق تعبيره، متذرعاً بأن تمنّع البعض عن الحوار والوفاق يدفعنا إلى الخروج من الجلسة.
ويجاهر “حزب الله”، الذي يُتهم بتعطيل الاستحقاق الرئاسي، بأنه لن يصل إلى سدة الرئاسة إلا من نريده، وقد حدّد مواصفات رئاسية عنوانها العريض “عدم طعن المقاومة في ظهرها أو التآمر عليها أو بيعها”، وقد رفعها عمار اليوم أيضاً باعتبارها مسلّمات تتمثل بـ”الثالوث المذهّب، الجيش، الشعب والمقاومة”، وذلك كطريق يفترض سلوكه من أي رئيس يُنتخَب.
ويعاني فريق “8 آذار” من تشتت على مستوى التوافق على مرشح واحد، ما يجعله متمسكاً حتى اللحظة بالورقة البيضاء، لكن بدأت الأنباء السياسية ترتفع لناحية محاولة حزب الله إقناع حليفه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بالسير برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية والتصويت له، بيد أنه لم ينجح في ذلك بعد.
في المقابل، يواصل باسيل حراكه الداخلي والخارجي، الفرنسي بشكل خاص، لتسويق فكرة أن فرنجية لا يمكن أن يصل إلى الرئاسة من دون أصوات النواب المسيحيين، كما بدأ يطرح أسماء بديلة مع تراجع حظوظه، منها وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، وشخصيات مالية مصرفية مستقلة، يقطع من خلالها أيضاً الطريق على منافسه الرئاسي فرنجية.
ولم ينفِ أو يؤكد النائب عمار أن “حزب الله” يدعم فرنجية الذي يحوز على تأييد كبير من جانب “حركة أمل” (برئاسة نبيه بري)، أو يدحض الأنباء التي تتحدث عن محاولات لإقناع باسيل بالعدول عن رفضه، لكنه اكتفى بالقول للصحافيين: “نحن لم نستطع إقناع حليفنا أو هو لم يستطع إقناعنا، هذا سابقٌ لأوانه، الحوار ما زال في أوله، وسنستمرّ به، وسندمن الحوار ونجتهد ونبدع به لنتوصل سواء مع حلفائنا أو مع الفريق الآخر إلى رئيس توافقي، نستطيع من خلاله وما يترتب على انتخابه من حكومة وغيره استيعاب كل التحديات”.تقارير عربية
وأضاف عمار: “نحن على تواصل دائم مع التيار الوطني الحر، وكل الأمور مطروحة على الطاولة، لم نبلغ النتيجة حتى الآن، ولكن سنستمرّ بمحاولتنا للوصول إلى نتيجة تتمثل بأن يكون الوفاق سيد القصر”.
وفي معرض ردّه على لقاء جمع مسؤولاً في “حزب الله” مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يعد من المرشحين الطبيعيين الذين يملكون حظوظاً متقدمة، خصوصاً في حال السير بتسوية داخلية – خارجية، اكتفى عمار بالقول إن عون قدم نموذجاً جيداً بإدارته للمؤسسة العسكرية وحمايته للسلم الأهلي والأمن الوطني، لكن ذلك لا علاقة له بالاستحقاق الرئاسي. كما أنه لم يقطع الطريق بالكامل عليه، علماً أن هناك تحفظات عليه من قبل الحزب والتيار الوطني الحر.
من جهته، كرّر النائب ميشال معوض دعوته القوى المعارضة والتغييرية والمستقلة إلى التلاقي وبناء الجسور لكسر سيناريو الجمود والتعطيل، معتبراً أن بقاءهم مشتتين من شأنه أن يخدم الفراغ، ويوصل رئيساً للجمهورية يكون امتداداً للانهيار الحاصل.
لا مفاجآت في الجلسة السابعة لانتخاب رئيس للبنان
ولم تسجِّل جلسة اليوم أي مفاجآت، إنما أتت كسابقاتها، حيث إنه على صعيد النتائج، تفوّقت الورقة البيضاء بحيازتها 50 صوتاً على النائب ميشال معوض، مرشح أحزاب المعارضة، “القوات”، “التقدمي الاشتراكي” (بزعامة وليد جنبلاط)، “الكتائب اللبنانية” (برئاسة النائب سامي الجميل)، وبعض نواب التغيير والمستقلّين، الذي نال 42 صوتاً، والذي نجح في استمالة نائبين تغييريَيْن جديدَيْن إلى صفوفه، هما مارك ضو ونجاة صليبا، اللذان برّرا خطوتهما باعتبار معوض “مرشحاً جدياً للرئاسة”.
ونال شعار “لبنان الجديد” 8 أصوات يمثلون نواباً مستقلّين، فضّلوا عدم الغوص بالأسماء حتى حصول التوافق على شخصية رئاسية للسير بها، بينما حاز الباحث والمؤرخ عصام خليفة على 6 أصوات من تكتل “النواب التغييريين” المشتت بخياراته، فيما نال وزير الداخلية الأسبق زياد بارود صوتَيْن، وتم اعتبار ورقة واحدة ملغاة.
وكان لافتاً إدراج أحد النواب اسم مدير عام الجمارك بدري ضاهر (محسوب على التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل)، الموقوف بانفجار مرفأ بيروت، وذلك في وقتٍ كان فيه محيط البرلمان يشهد تظاهرة لناشطين ومودعين يرفعون هتافات ضد المنظومة السياسية وارتكاباتها المالية، ومسؤوليتها عن “مجزرة 4 آب” وتعطيل التحقيقات.
كما تكرّرت سيناريوهات الفوضى في الجلسات التي وصفها النائب سجيع عطية بـ”المملة”، ودعا إلى تشكيل لجنة مختلطة تنسيقية لكسر الجمود، فكان أن اعترض بعض النواب على الخطأ الذي حصل في جمع الأصوات بداية، مع إعلان بري أن معوض حصل على 40 صوتاً، والورقة البيضاء على 52، قبل أن يتبين أن معوض نال 42 صوتاً، والورقة البيضاء 50، كما كان اعتراض على مسارعة بري إلى الخروج وتحديد الخميس المقبل جلسة ثامنة، فور انتهاء عملية الفرز من دون تعداد النواب الذين لم يغادروا القاعة، والتأكد تالياً من النصاب.
وتعليقاً على سيناريو الجلسات، يقول الناشط السياسي علي خليفة لـ”العربي الجديد”، إن “هناك خطفاً للنظام السياسي اللبناني بآلياته والأطر التي يعمل عليها”.
ويلفت إلى أن القانون الدستوري ينص على انتخاب رئيس وفق آليات تلحظها مواد دستورية، ولم يأتِ على ذكر التوافق على شخصية الرئيس أو على صفقة يتم بموجبها تخريج اسم رئيس للجمهورية، واصفاً ما يحصل بـ”الابتزاز”، ومعتبراً أيضاً أن اللجوء إلى الورقة البيضاء بالشكل الحاصل أصبح تعسفاً باستخدام الحق وتعطيل مسبق للنظام.
ويرى خليفة أن “التغيب بالدورة الثانية معناه التعطيل وخطف المؤسسة التشريعية، وأخذ الاستحقاق من صفته الدستورية إلى صفة أخرى يغلب عليها الابتزاز أو الحث في سبيل إنضاج صفقة أو سلة متكاملة من ضمنها التوافق على اسم رئيس الجمهورية”.
وإذ يربط خليفة الاستحقاق أيضاً بموازين القوى الخارجية، يقول إن “الضعف الذي تشهده الأوضاع في المنطقة وما تعانيه إيران من جراء تصاعد الاحتجاجات الشعبية في داخلها، يجعل الأنظار تتجه إلى مدى قدرة قوى الممانعة واستعدادها لخفض السقف وتقديم تنازلات لخصومها يمكن أن تترجم على صعيد اسم الرئيس، علماً أنها مأزومة في ما بينهما، وهو ما يظهر في الورقة البيضاء التعطيلية، وعدم اتفاقها حتى على أي بديل”.
في المقابل، يوجه خليفة دعوة إلى قوى التغيير والمعارضة في مجلس النواب بالاتفاق سواء على معوض أو مرشح آخر، لتحقيق الخرق، أفضل من التشتت الحاصل اليوم في صفوفها.