لوس أنجليس تايمز: مهما كانت النتيجة.. سيقول المعلقون نفس الشيء في ليلة الانتخابات النصفية
عربي تريند_ قال سيث ماسكيت، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز السياسة الأمريكي بجامعة دنفر، إن المعلقين السياسيين سيطلقون يوم الثلاثاء نفس السرديات المعروفة في كل عملية، مهما كان الفائز في الانتخابات النصفية. وقال: “بعيدا عما سيحدث الثلاثاء، فسنسمع الكثير من المحاولات لتوضيحه من خلال المعلقين في التلفزيون وقادة الأحزاب. وستبدو الكثير من هذه السريات عادية ومعروفة، ويمكننا كتابة بعضها الآن. ولكنها تختلف على مستوى كل حزب ولديها تأثير مختلف حول الطريقة التي يتصرف فيها الناخبون والقادة”.
ويقول ماسكيت إن السرديات مهمة في حياتنا وليس للسياسيين فحسب، فهي القصص التي نقوم ببنائها لكي نفهم عالمنا. وكما كتب جون ديدون: “نبحث عن خطبة في حالة انتحار وعن درس أخلاقي واجتماعي في جريمة قتل لخمسة”. ويشترك في العملية الانتخابية عشرات الملايين الذين يتخذون قرارات تقوم على مئات الدوافع المختلفة. وأن تفسر بالتحديد لماذا هزم جو بايدن دونالد ترامب أو لماذا هزم رونالد ريغان جيمي كارتر أمر مستحيل، إلا أن القصص التي نقوم بتركيبها تعمل على تبسيط الأحداث وترشدنا حول ما سنفعله في أعقابها.
ولكن ما هي السرديات التي سنسمعها ليلة الثلاثاء؟
إن معرفتها مقدما سهل جدا. فلو سيطر الجمهوريون على كلا المجلسين، فسيلوم المعلقون الديمقراطيين بأنهم كانوا حساسين أكثر من اللازم لقضايا الظلم في المجتمع وبخاصة العنصرية. وسيقدمون ترامب على أنه صانع الملوك. ولو سيطر الجمهوريون على مجلس النواب وليس مجلس الشيوخ، فسيقول المعلقون إن على ساسة أمريكا العمل معا بناء على الخطوط الحزبية.
ولو فاز الديمقراطيون بالمجلسين، فسيقول المعلقون إن هذا بسبب تأثير ترامب المدمر. وفي كل الأحوال سيطلب من الديمقراطيين التحلي بالاعتدال. ولكن كيف يمكننا معرفة أن هذه أمور مهمة؟ لأنها كذلك، فشبكات التلفزة والإذاعة والمعلقون يعتمدون دائما على تعليقات إخبارية مجربة وحقيقية لكي يملأوا ساعات البث في ليلة الانتخابات. ويطلب منهم الحديث عن أي شيء قبل وصول البيانات وتبدو تحليلاتهم منطقية. وربما صدقها المعلقون أنفسهم. وفي بعض الأحيان يعرف معلق عن تغير في وضع انتخابي بولاية مما يدفعه لتغيير موقفه، لكن هذا تصرف نادر.
ولا يتفق قادة الأحزاب على سرد معين بشأن الانتخابات، مع أنهم قد لا يتفقون في غالب الأحيان، حيث تظهر جماعة من داخل الحزب تلقي مسؤولية الخسارة على الفصيل الآخر. وشاهدنا هذا بعد انتخابات حاكم فيرجينيا حيث لام الديمقراطيون من تيار الوسط اليساريين بأنهم جعلوا الحزب غير صالح للانتخاب، فرد اليسار بأن الوسطيين لا يعرفون كيفية إدارة الحملات الانتخابية. ورأينا هذا عندما خسر ميت رومني أمام باراك أوباما عام 2012، عندما أصدر الجناح الذي يمثل المؤسسة في الحزب تحليله لسبب الخسارة وهي النظرة إليه كمعاد للمرأة والأقليات والمهاجرين. وهذه سرديات لحرف الحزب لهذا الاتجاه أو ذاك ولكنها محاولة من فصيل لحرف مسؤولية الخسارة على الطرف الآخر. وتظل سرديات الانتخابات مختلفة من حزب لآخر، فالجمهوريون يفسرون الخسارة بطرق أخرى مختلفة عن الديمقراطيين.
وتكشف أدلة الـ 50 عاما الماضية عن أن سردية الرؤساء من الحزب الديمقراطي تقوم على أن الحزب يخسر عندما يتمتع بليبرالية مفرطة ويفوز عندما يعدل مواقفه. ونظروا لخسارة جورج ماكفرن عام 1972 وولتر ماندل عام 1984 وآل غور عام 2000 وهيلاري كلينتون عام 2016 وتوصلوا لنتيجة وهي أن الحزب خسر لأن الرأي العام نظر إليه بأنه خارج السياسة الرسمية. والدرس المستخلص هو أن عودتهم للسلطة تحدث عندما يتبنون مواقف معتدلة، وتم تأكيد هذه النظرة بفوز جيمي كارتر وبيل كلينتون وجو بايدن عام 2020.
وبالنسبة للجمهوريين، فسردية الرؤساء خلال الخمسين عاما تقوم على أنهم يفوزون عندما يدافعون عما يعتقدون. فقد قيل لهم إن ريغان متطرف لكي يفوز ولكنه فاز. وقيل لهم إن عليهم تعديل مواقفهم بمرشحين مثل جون ماكين ورومني وخسرا. وقيل لهم إن دونالد ترامب ليس مرشحا صالحا، وهو ما كان حتى اللحظة الأخيرة ولكنه انتخب. وتحليل الحزبين ليس خطأ بالكامل، فهناك عامل “انتخابي” حيث يحقق المعتدلون نتائج أفضل، ولكن الأثر صغير بالنسبة للديمقراطيين وأكبر مما يعتقد الجمهوريون.
وعادة ما تقود السردية المختلفة لسلوك مختلف، فقد حاول الديمقراطيون التقليل من مواقف عناصرهم الليبرالية، وذهب بايدن بعيدا في تقليل الدعم للشرطة، بل ودعا للعكس. وبالتأكيد فالكثير من الديمقراطيين الذين كان بايدن خيارهم الرابع أو الخامس في 2020، دعموا ترشيحه لاعتقادهم أنه قابل للانتخابات، وأنه معتدل بدرجة تجعله يفوز مقارنة مع بقية المرشحين الديمقراطيين.
ويمكن مقارنة هذا مع سلوك الجمهوريين الذين لا يهتمون كثيرا بالتصريحات المقيتة من مرشحين مثل كلورين بوبيرت وماجوري تايلور غرين، أو يقللون من محاولات تقويض الانتخابات الديمقراطية التي يقوم بها أتباع ترامب. وبالتأكيد فقد قلل مسؤول جمهوري بارز من الجراح التي تعرض لها زوج رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي بعد الهجوم عليه، ونشر نظريات مؤامرة ضده.
وحاول أن تتخيل ماذا سيكون رد الجمهوريين لو قام فرد من الحزب الديمقراطي بالسخرية من ضرب ستيف سكاليز عام 2017، كما فعل دونالد ترامب الابن مع بيلوسي وزوجته. ولو حدث هذا فستجد الديمقراطيون يعتذرون طوال اليوم عن التعليق.
وفي النهاية يخوض الديمقراطيون الانتخابات بفكرة أن المتشددين منهم قد يكلفونهم الانتخابات، أما الجمهوريون فيخوضون الانتخابات بفكرة أن المتطرفين هم بطاقة الفوز لهم. كل هذا لا يعني أن حزبا استطاع معرفة الحقيقة للانتخابات والآخر واهم. فكل حزب لديه استراتيجية ونقطة مرجعية وكل واحد منهما احتل البيت الأبيض والكونغرس نفس السنوات في العقود الماضية. وما عليك في الساعات والأيام التي ستعقب انتخابات الثلاثاء إلا أن تحاول العثور على شيء جديد فيما سيقوله الحزبان.