كيف يبدو وضع الرقة بعد خمس سنوات من طرد “داعش”؟
عربي تريند_ في السابع عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، تمكّنت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من تحرير مدينة الرقة بشكل كامل من تنظيم داعش، بدعم من التحالف الدولي، بقيادة الولايات الأميركية، لتعود الحياة الطبيعية تدريجياً من حركة سكانية واقتصادية، وإعمار، وعودة بعض المهجرين والنازحين، واستعادة المشهد الثقافي والفني في المدينة.
وجرت معركة الرقة للسيطرة على مركز محافظة الرقة في شمال سورية، بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام السوري، وشنّت المعارضة الهجوم مطلع شهر مارس/آذار 2013، وأعلنت السيطرة على المدينة في 5 مارس/آذار 2013، لتصبح أول محافظة تسقط بيد المعارضة منذ بدء الثورة.https://03b6127724ec14c182ebd6d96336c0c1.safeframe.googlesyndication.com/safeframe/1-0-38/html/container.html
جاء ذلك في أعقاب سيطرة المعارضة على ريف المحافظة ومدنها، وعلى رأسها مدينة تل أبيض ومعبرها الحدودي مع تركيا، وقادت جبهة النصرة وحركة أحرار الشام حينذاك قوات المعارضة في المعركة، بالإضافة إلى فصائل من الجيش السوري الحر، مثل لواء ثوار الرقة ولواء أحفاد الرسول. ولم يكد سكان الرقة يتنفسون الصعداء، وهواء الحرية، حتى أُعلن في إبريل/نيسان 2013 عن إقامة ما يُعرف بـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام” بزعامة أبو بكر البغدادي، وما رافقها من انشقاق ومواجهات بين التنظيم وجبهة النصرة حينذاك، والتي رفضت مبايعة البغدادي.
وقام تنظيم “داعش” بطرد جميع الفصائل من ريف المحافظة، بما في ذلك معبرها الحدودي مع تركيا تل أبيض، الذي دخله التنظيم في 12 يناير/كانون الثاني 2014، وأصبحت الرقة عاصمة دولة الخلافة التي أسسها تنظيم “داعش”، وكان عدد سكانها يزيد عن نصف مليون نسمة.
وشهدت المدينة عشرات حالات القتل والاغتيال والتصفية، استهدفت أسماء وشخصيات بارزة في الحراك السلمي والمدني، ومؤسسي المجالس المحلية، والتنسيقيات الثورية، ومنظمي الاحتجاجات والمشاركين بها.
وأعلنت “قوات سورية الديمقراطية” رسمياً بدء عملية طرد “داعش” في 6 نوفمبر/تشرين الثاني في بلدة عين عيسى. وكانت الخطة تقضي بالمضي قدماً على مراحل، تبدأ بالاستيلاء على المناطق حول الرقة وعزل المدينة، والتقدم من ثلاث جبهات، ثم السيطرة على المدينة نفسها. ودعت القيادة العامة لقوات سورية الديمقراطية، التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، لدعم العملية بتوفير الغطاء الجوي. ورحب وزير الدفاع الأميركي آنذاك آشتون كارتر بالإعلان، لتنتهي العملية في السابع عشر من أكتوبر عام 2017، بإعلان “قسد” تحرير الرقة من تنظيم “داعش” الإرهابي.تقارير عربية
وفي السياق، يقول الحقوقي أبو عمر البوكمالي لـ”العربي الجديد”، “للرقة خصوصية نعم. كان هناك تحرير منذ خمس سنوات، ولكنه تحرير رافقه دمار شبه كلي للمدينة، ولبيوتها، ومحلاتها التجارية، ومبانيها، ومؤسساتها الخدماتية والاقتصادية، والبنية التحتية، كالكهرباء والطرقات والمياه”، لافتاً إلى أن التطور وإعادة البناء بعد التحرير يعود للأهالي، وتبنيهم إعادة الأعمار الذاتية، وعودتهم، ووجود رؤوس أموال مقبولة، كما وتأمين الحد الأدنى للمعيشة، وإن أخذ الجانب التجاري من محلات ومطاعم والمجمعات التجارية الطابع الأكثر رواجاً.
ويتحدث كذلك عن دور آخر للمنظمات الدولية والمحلية، مشدداً على أنه “لا يمكن بطبيعة الحال إنكار دور “قوات سورية الديمقراطية”، وإن كان الاهتمام بالمركز على حساب الأطراف مثل حي الدرعية، والتي ما زالت مهملة”.
ويتابع “الآن ومنذ قرابة 3 سنوات، أصبحت الرقة ملجأ للناس، فعدد سكانها زاد عن المليون، وفيها قرابة 40 بالمائة من النازحين من بقية المناطق السورية، وأصبحت تستقطب وتجذب السكان نتيجة للبدء في الاستثمار وعمليات البناء، في وقت ما زال محيطها وأطرافها يعانون من نقص الخدمات”.
وعلى الرغم من تأكيده أن الرقة باتت تُعتبر اليوم من أوائل المدن السورية المزدهرة تجارياً وعمرانياً، إلا أنه يرى أن هناك خللاً يتجسّد بوجود هجمات إرهابية وتفجيرات، وإن تراجعت نسبتها.
ووفق البوكمالي، تعاني المدينة أيضاً من زيادة نسبة الجريمة، نظراً لانتشار ظاهرة المخدرات التي تُستقدم من مناطق الرقة التي تقع تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني والنظام.قضايا وناس
بدوره، يقول المتحدث الرسمي باسم قوات سورية الديمقراطية (قسد) آرام حنا لـ”العربي الجديد”، “في ذكرى تحرير مدينة الرقة الخامسة، لا يسعنا إلا أن نذكر التضحيات والجهود التي قدمتها قوات سورية الديمقراطية في سبيل تحرير المدينة، وتخليص شعبنا فيها من حكم الإرهاب والفكر المتطرف الذي نواجهه مع شركائنا في التحالف الدولي ضد الإرهاب”.
ويرى أن الحلّ الأجدى لعودة الحياة الطبيعية إلى مساراتها من النواحي المعيشية والخدمية والتعليمية والاقتصادية، هو بالقضاء على الإرهاب، عبر استمرار تنفيذ مهام وعمليات مشتركة تثبت فيها قواتنا الجدارة والكفاءة العالية في الميدان، بهدف الوصول لهزيمة الإرهاب، والقضاء عليه نهائياً، وذلك يستدعي حسب حنا، خطوات مترافقة مع الجهود الميدانية على الصعد الدبلوماسية والسياسية”.
ويجد حنا أن هذه الجوانب السياسية والدبلوماسية والخطوات يجب أن تكون بالشكل الذي يضمن تحقيق حياة كريمة وآمنة لأهلنا، وتوفير الأمن والاستقرار. واستدرك قائلاً: “لذا لا يمكن التغاضي عن تصاعد الأنشطة الإرهابية في المنطقة على وجه العموم”، مشيراً إلى أن “الرقة اليوم تُعتبر مثالاً حقيقياً لتطلعاتنا ورؤيتنا للحلّ السوري الحقيقي المبني على إرادة الحياة بحرية، والوفاء لتضحيات الآلاف من شهدائنا”.