ترقب لنتائج “تعديلات” لبنان على العرض الأميركي لترسيم الحدود البحرية
عربي تريند_ عقدت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا لقاءات، اليوم الثلاثاء، مع مسؤولين لبنانيين، أبرزهم نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب، للوقوف عند تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والتعديلات التي أدخلها الجانب اللبناني على مسودة العرض الأميركي، حيث سترسلها شيا إلى وسيط الولايات المتحدة عاموس هوكشتاين المنتظر أن يجيب نهائياً على التعديلات بعد عرضها أيضاً من قبله على الطرف الإسرائيلي.
وتابع الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الثلاثاء، التطورات المتعلقة بالملاحظات التي أبداها لبنان في ضوء الاجتماع الذي عقِد أمس في قصر بعبدا في حضور رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأعضاء اللجنة الفنية لترسيم الحدود، بحيث كان لافتاً لقاؤه اليوم وزير الصناعة الأسبق عماد حب الله الذي كان يُعدّ من حصة “حزب الله” الحكومية.
وقال حب الله، بعد اللقاء، في تصريحات، إنه اطلع من الرئيس عون على آخر مستجدات الترسيم، “خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقد أمس، ومعرفة فحوى رسالة هوكشتاين، والرد اللبناني اليوم هو خطوة ثابتة، ومتقدمة على طريق ضمان حقوق لبنان في أرضه ونفطه وسمائه”، مضيفاً، “لقد حققت مصادر قوة لبنان ووحدة دولته وقيادته ما وصلنا إليه على هذا الطريق”.
ودرس الرؤساء، عون وبري وميقاتي، أمس الاثنين، مسودة العرض الأميركي التي أرسلها إليهم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين عبر السفيرة شيا، وقد وضعوا ملاحظاتهم عليها وبعض التعديلات التي صُنِّفت “بالقانونية والمنطقية” من دون ذكر تفاصيلها رسمياً، وذلك في موقف موّحد اتخذه لبنان بعد الأخذ أيضاً برأي لجنة تقنية مدنية عسكرية.
ويؤكد المسؤولون اللبنانيون أن التعديلات مفترض ألا تؤثر على مسار الاتفاق الذي يؤمَل أن تكون خواتيمه سعيدة، مشددين على أنّ لبنان حصل على كامل حقوقه في حقل قانا، كما اعتماد الخط 23، والسماح له ببدء عمليات التنقيب في الحقول اللبنانية، وبدء شركة “توتال” الفرنسية بأعمالها أيضاً عند إنجاز الاتفاق، مع إعطاء ضمانات لها، خصوصاً أمنياً، مع فصل الترسيم البحري عن البرّي.
التعديلات اللبنانية على مسودة العرض الأميركي
ويقول مصدرٌ مسؤولٌ في قصر بعبدا، لـ”العربي الجديد”، إنّ “التعديلات منها جوهري وأخرى عادية تأتي في إطار تصحيح لغوي وإضافة كلمة من هنا وأخرى من هناك، لكن هدف التعديلات توضيح بعض النقاط منعاً لحصول أي التباس في المستقبل في حال تم التفاهم ودخل موضع التنفيذ”.
ويشير إلى أنّ “أبرز الملاحظات التي وضعت، مرتبطة بطلب توضيح وضعية حقل قانا وطريقة الاستفادة منه، وهناك أمور تتصل بآليات العمل، وأخرى تتعلق في حال تبين أي مشترك تحت المياه؛ مثلاً حقول متصلة ببعضها، وسط تشديد لبنان على عدم مشاركة إسرائيل، إلى جانب نقاط تتعلق بالضمانات الأميركية، وما يتعلّق بحرية تحرّك المشغل، أي عملياً شركة (توتال) من قبل لبنان بما يتعلق بعمليات التنقيب”.
ويشدد المصدر على أنه “لا مناطق آمنة أو غير آمنة تحت سيطرة العدو، ولن يقبل لبنان أي التزام من هذا النوع، في حين يؤكد أنّ المسائل والمشاكل المالية تبقى بين توتال وإسرائيل، ولبنان ليس شريكاً مع العدو بأي شيء، وغير معنيّ بالمحادثات التي تحصل، فحصّة لبنان من حقل قانا ستكون بكاملها للبنان”.
ويلفت إلى أنّ “التواصل قائم دائماً مع الفرنسيين والرئيس إيمانويل ماكرون مع وجود ضمانات بعودة (توتال) وبدء عمليات التنقيب في حقل قانا الذي عملياً هو جزء من البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة، لكن ذلك ينتظر الإعلان عن التفاهم”.
ويؤكد المصدر تمسّك لبنان بأن يتم التفاهم في الناقورة جنوب البلاد، برعاية أممية ووساطة أميركية لكن بطريقة غير مباشرة، وهو الموقع الذي شهد انطلاقة المفاوضات في أكتوبر/تشرين الأول 2020، قبل أن تتوقف بعد خمس جولات في مايو/أيار 2021 نتيجة خلافات حول المساحة المتنازع عليها، ومن ثم يتولى الوسيط الأميركي مهمة المفاوضات وإرسال العروض ونقل الأجوبة بين الطرفين.تقارير دولية
وفي وقتٍ كان الاحتلال الإسرائيلي استبق الجواب اللبناني على مسودة العرض الأميركي، وأجرى، يوم أمس الاثنين، محادثات مع شركة “توتال” الفرنسية بشأن تقاسم أرباح محتملة مستقبلاً من تنقيب الشركة في حقل قانا للغاز الطبيعي، بدأت وسائل إعلام إسرائيلية تستبق الاطلاع على التعديلات اللبنانية برفضها، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول تقدّم الأجواء السلبية هذه المرّة على تلك الإيجابية والتفاؤلية التي كانت أشيعت خلال الأيام الماضية.
ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية “كان 11” عن مصادر سياسية رفيعة ضالعة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب، قولها إن الاحتلال الإسرائيلي لن يستجيب لطلب لبناني محتمل حول إجراء تعديلات جوهرية على الاتفاق المتبلور.
وحلّ ملف الترسيم أيضاً على طاولة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب خلال لقائه السفيرة الأميركية، وكذلك اجتماعه مع مديرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية آن غيغان.
ميقاتي: ماضون في عملية تشكيل الحكومة الجديدة
وفي الملف الحكومي الذي ينتظر لبنان أيضاً “انفراجة” قريبة، يعوِّل أن تنسحب أجواء الترسيم الإيجابية عليه، إذ أكد ميقاتي، اليوم الثلاثاء، أننا “ماضون في عملية تشكيل الحكومة الجديدة رغم العراقيل الكثيرة التي توضع في طريقنا والشروط والإيحاءات التي تهدف إلى خلق أمر واقع في أخطر مرحلة من تاريخنا”.
وقال، خلال رعايته إطلاق “منتدى شباب نهوض لبنان نحو مئوية جديدة” “نحن مصمِّمون على متابعة العمل وفق ما يقتضيه الدستور والمصلحة الوطنية، ولن يكون مسموحاً لأحد بتخريب المسار الدستوري وعرقلته”.
وتمنى ميقاتي أن يوفَّق المجلس النيابي في انتخاب رئيس جديد للبلاد ضمن المهلة الدستورية “لأنّ التحديات تقتضي اكتمال عقد المؤسسات الدستورية وتعاونها وتكاملها”.
وبدأ العد العكسي لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسط تعويل على تشكيل حكومة جديدة قبل التاريخ المذكور، مع تلويح فريق الرئاسة اللبنانية بفوضى دستورية في حال عدم التأليف، وتمسّكه بموقفه بأن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تتولى صلاحية رئيس الجمهورية في حال الفراغ.
وفشل البرلمان اللبناني في الجلسة الأولى التي عقدها، الخميس الماضي، برئاسة بري، في انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل عدم تأمين أي مرشح نصاب الثلثين، أي ما يعادل 86 نائباً من أصل 128، في الدورة الثانية، بينما سارع بعض الكتل خصوصاً “حزب الله” و”حركة أمل”، اللتين صوتتا بورقة بيضاء مع حلفائها، إلى مغادرة القاعة لإسقاط نصاب الدورة الثانية، فيما أكد رئيس المجلس النيابي أنه لن يدعو إلى جلسة ثانية بانتظار حصول نوع من التوافق.