هدوء نسبي في بغداد بعد يوم من تظاهرات حاشدة والأمن يؤكد استمرار التأهب
عربي تريند_ أعادت السلطات الأمنية في العراق فتح أغلب الطرق في العاصمة العراقية بغداد، بعد يوم من تظاهرات شعبية حاشدة إحياءً للذكرى الثالثة لثورة تشرين عام 2019، والتي شهدت، يوم أمس، احتكاكاتٍ بين قوات الأمن والمتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد.
وتسببت الاحتجاجات بتسجيل حالات اختناق وإغماء بين المتظاهرين بسبب قنابل الغاز المسيلة للدموع، التي استخدمتها قوات مكافحة الشغب.
وشهدت ساحتا التحرير بجانب الرصافة من بغداد والنسور بجانب الكرخ، أمس السبت، تظاهرات أحياها آلاف العراقيين، وصلوا عبر دفعات موحدة ونظامية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة والحواجز التي شملت الكثير من الطرق والجسور المؤدية إلى ساحة التحرير وإلى المنطقة الخضراء، فضلاً عن تضييق كبير عند مداخل بغداد. وتقود هذه الاحتجاجات الحركات التي انطلقت عقب انتهاء تظاهرات عام 2019، من بينها تحالف “قوى التغيير” الذي يشمل معظم القوى السياسية المدنية الجديدة، إضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي.
كما خرج، بعد ظهر أمس، المئات من أهالي محافظة النجف والبصرة وميسان وبابل والديوانية وذي قار (جنوباً) بتظاهرات رافقتها أعمال عنف واشتباكات مع عناصر الأمن، خاصة في محافظة البصرة، إذ استخدم عناصر الأمن قنابل الغاز، وأطلقوا الرصاص في الفضاء لتفريق المتظاهرين، ما تسبب بتسجيل إصابات وحالات اختناق.
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أكد، ليل أمس، أن “الحكومة نفذت مطالب المتظاهرين حسب صلاحياتها، منها إرسال الجرحى خارج العراق والتكفل بعلاجهم، واعتبار شهداء تشرين ضمن مؤسسة الشهداء، وملاحقة المتورطين بدم العراقيين من فرق الموت وغيرها، والذين تم اعتقالهم سابقاً، وما زالت أجهزتنا تلاحق هؤلاء، وكان آخرها الأسبوع الماضي عندما ألقينا القبض على أحد المتهمين بقتل الناشطين”.
كما عبّر عن شكره لـ”القوات الأمنية لأدائها المهني العالي في التعامل مع التظاهرات”، وعبر عن شكره لـ”المتظاهرين لالتزام معظمهم بالسلمية، وتعاونهم مع القوات الأمنية”، مؤكداً أن “التظاهر حق مشروع كفله الدستور”، مشدداً على اللجان الأمنية في المحافظات بـ”متابعة الوضع الأمني بشكل كامل، والحفاظ على المنجز الأمني ضمن سياق التعليمات الأمنية، وما وجهنا به من الالتزام بحقوق الإنسان، وحق التظاهر السلمي”.
وقال قائد عمليات بغداد الفريق الركن أحمد سليم لوكالة الأنباء العراقية (واع)، مساء أمس السبت، إن “القوات الأمنية ما زالت في حالة الإنذار (ج) الذي من المفترض أن ينتهي العمل به صباحاً”، مبيناً أن “القوات ما زالت منفتحة في مناطق بغداد بتوزيعها السابق باستثناء بعض النقاط المهمة التي تمسك بالقوات الاعتيادية في الوقت الحالي”.
وأضاف أنه “تم انتهاء العمل بتنفيذ خطة الطوارئ، واعتباراً من منتصف ليلة أمس السبت، بدأت الوحدات الهندسية بفتح جميع الطرق عدا جسري السنك والجمهورية”، مشيراً إلى أن “جسر الجمهورية تعرض إلى أضرار أثناء التظاهرات بسبب حرق بعض الإطارات في أماكن مفصلية”.
كما أشار إلى أن “الجسر يحتاج إلى وقت لغرض إدامته، وأن الجهات المختصة هي من تقدر مدة الانتهاء من أعمال صيانته”، مؤكداً أن “معظم الطرق في بغداد فُتحت، والآن يجرى العمل على فتح بقية الطرق من قبل هندسة الفرق، وكتيبة الجهد الهندسي في قيادة عمليات بغداد، الذي يقوم حالياً بفتح جميع الطرق المغلقة”.
وما زالت المنطقة الخضراء، التي تضم مباني البرلمان والحكومة والسفارة الأميركية ومقار البعثات الدبلوماسية الأجنبية، مغلقة ومحاطة بعناصر الأمن، وقال ضابط أمن رفيع، لـ”العربي الجديد”، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن “الخطة الأمنية تقتضي استمرار حالة الإنذار داخل وفي محيط المنطقة الخضراء، خوفاً من أي خطوات تصعيدية قد تحدث”.
وأشار إلى أن “الوضع حالياً يشهد هدوءاً نسبياً، وأن خطتنا تهدف إلى ديمومة الهدوء ومنع أي محاولات من أي جهات لاستغلال الوضع لأجندات خاصة”، مؤكداً أن “حالة التأهب مستمرة، وأن القوات انتشرت، ليلة أمس، في ساحة التحرير وساحة النسور”.
وأبدى الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، استغرابه من إصرار عناصر الأمن على مواجهة التظاهرات بالعنف، وقال في تغريدة له: “رغم مطالبة الكاظمي بمنع استخدام الرصاص الحي والمطاطي أو الدخاني ضد المتظاهرين، إلا أن القوات الأمنية تلجأ لكل الوسائل لإنهاء الاحتجاجات بالقوة والعنف!”، متسائلاً، “لماذا لا يلتزمون بأوامر رئيس الوزراء؟ وأين يختفون عندما تستعرض المليشيات وتتجول بسلاحها في الشوارع؟”.
واندلعت التظاهرات العراقية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، عُقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.
وشهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، لا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ”الطرف الثالث”، على خط قتل المحتجين والناشطين وقمعهم واختطافهم. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.