أحزاب مصرية معارضة تنتقد السياسات الاقتصادية للسلطة
عربي تريند_ قال ممثلون لأحزاب «الحركة المدنية الديمقراطية»، المعارضة في مصر، وخبراء اقتصاديون، إن السياسات الاقتصادية التي تتبناها السلطة ستودي إلى مزيد من الخراب والدمار وإفقار المواطنين.
جاء ذلك خلال ندوة عقدتها الأمانة الفنية في الحركة المدنية مساء الأحد الماضي، تحت عنوان «أزمة الديون بين عجز الموازنة وأزمة الدولار»، في إطار عمل الحركة، على تحديد رؤيتها في مختلف القضايا وصياغتها وإعداد الأوراق والملفات المختلفة، تمهيدا لتقديمها ضمن «الحوار الوطني».
الأمين العام لحزب الكرامة، محمد بيومي، أكد في بداية الندوة على أن «الاستمرار في الحوار مرتبط بتحقيق الضمانات التي حددتها الحركة المدنية، وبينها تلك المتعلقة بالحريات والإفراج عن المسجونين، إذ لا يجوز الحوار ونحن مكبلو الأيدي»، فيما قال زهدي الشامي، نائب رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، إن «الاقتصاد المصري يعاني من عجز ميزان المدفوعات، خاصة الميزان التجاري منذ فترة زمنية طويلة ما يترتب عليه اللجوء إلى الاقتراض، وإن الاستثمارات التي كانت موجودة موجهة للقطاع النفطي».
وأوضح أن «ما حدث في السبع سنوات الأخيرة هو زيادة في الدين الخارجي الذي بلغ حد الخطورة».
وشدد على «ضرورة رفض سياسات صندوق النقد الدولي التي أثبتت فشلها في العديد من الحالات والتجارب الأخرى».
«الأموال الساخنة»
كذلك، بين محمد حسن خليل، القيادي في الحزب «الاشتراكي المصري»، أن «لا توجد استثمارات مباشرة أو حقيقية، ولكن يوجد ما يسمى بالأموال الساخنة التي سرعان ما تهرب للخارج فور تغير أسعار الفائدة في المركزي الفيدرالي الأمريكي»، لافتا إلى أن «الحل بالتأكيد ليس في البيع، فعملية البيع ما هي إلا تصدير للمشكلة وزيادتها».
ولفت إلى أنه «يمكن مراجعة تجارب دول تحدت سياسات الصندوق المتمثلة في التقشف، الخصخصة، وتحرير سعر الصرف كالبرازيل في 2000 وسبقتها الهند في السبعينيات، وحاليا روسيا في ظل قيادة بوتين. وأوضح أن «أزمة الدولار نابعة من عدة عوامل، مثل خروج الأموال الساخنة، وخدمة أعباء الديون، وعجز ميزان المدفوعات؛ خاصة العجز السلعي في الميزان التجاري». وأوضح أن «الحلول مترابطة، وأساسها وجود قرار سياسي بتحدي سياسات الصندوق».
سياسات خاطئة
أما، محمد خليل، أمين تنظيم الحزب المصري الديمقراطي، فقد قال إن الأزمة سببها بالأساس سياسات خاطئة وليس أزمة كورونا أو الأزمة الروسية الأوكرانية، مضيفا أنه لا بد من الاعتراف بذلك، حتى تكون الحلول صحيحة ونابعة من هذا المنطلق.
وأوضح أن، من بين أحد الحلول مراجعة النفقات، وأيضا الاستثمار الذي لا بديل عنه للنهوض بالاقتصاد الوطني، فنجاح التنمية الاقتصادية مرتبط بقدرتنا على جذب الاستثمار الخاص، المحلي منه والأجنبي لأنه يضيف رصيدا نقديا للبلد بالعملة الصعبة، وهناك حلول للأزمة الاقتصادية، لكن مطلوب إرادة سياسية.
في السياق أوضح، النائب السابق طلعت خليل، أمين عام حزب المحافظين، أن «هناك مبادئ أساسية دولية تقوم عليها الموازنة العامة تتمثل في الشمول، الشفافية، الواقعية، الاتساق، الترابط، المساءلة، وعند تطبيق تلك المبادئ على الموازنة العامة في مصر نجد غياب الشفافية، غياب فكرة الشمول، غياب المساءلة، وغياب الواقعية».
55 ألف نصيب الفرد
كما لفت إلى أن الدين العام الحكومي وصل في 30 يونيو/ حزيران 2021 إلى تريليون و276 مليار و637 مليون جنيه، ويبلغ نصيب الفرد منه حوالي 12 ألف و672، وتوجد ديون أخرى على هيئات اقتصادية وديون بضمانات وزارة المالية، ونصيب الفرد من إجمالي الديون حتى 30 يونيو 2021 بلغ 55 ألفا و431 جنيها. وذكر بأن الدين الداخلي بلغ حدا مرعبا، بقيمة 4 تريليون و279 مليار، ويصل نصيب الفرد منه 42.755 ألف.
وقال: نحن أمام ارتباكات واختلالات في موازنة الدولة ستؤدي إلى مزيد من إفقار الناس، وعلى المسؤولين أن يستمعوا إلينا جيدا، وإلا فإن تلك الطريقة ستؤدي إلى الخراب والدمار، وكلما زادت مخصصات تكافل وكرامة دل على الفشل في القضاء على الفقر، لافتا الى أن الحلول كثيرة، ولكن يظل المحور السياسي هو الأساس الذي ننطلق منه.
عجز الموازنة
وحسب، عبد النبي عبد المطلب، الخبير الاقتصادي، فإن «عجز الموازنة مستمر على مدار العقود السابقة، وإن الموازنة تتم وفق أسس غير علمية، ما يؤدي إلى توقعات غير دقيقة وغير واقعية». وأضاف في كلمته، أن «السبب الرئيس لعجز الموازنة العامة للدولة يرجع بشكل أساسي إلى زيادة المديونية الداخلية والخارجية».
وزاد: «تبلغ التزامات الديون الخارجية نحو 148 مليار جنيه، منها 64 مليار جنيه فوائد الديون، ونحو 84 مليار جنيه أقساط، وإذا تم حساب التزامات الدين العام فسوف تبلغ نحو 1755 مليار جنيه، أي ما يفوق قيمة الإيرادات المقدرة».
قالت إنها ستؤدي إلى مزيد من الخراب وإفقار المواطنين
وأكد أن «تقليل عجز الموازنة يبقى مرهونا بزيادة الايرادات، وهذا يستلزم زيادة الإنتاج بكافة أشكاله، من زراعة وصناعة، رفع كفاءة أجهزة التحصيل الضريبى والجمركي، العمل على استعداد أملاك وأموال الدولة المنهوبة، سواء من خلال الفساد أو وضع اليد بشكل مخالف للقانون».
وأضاف أن «على الجانب الآخر يجب ترشيد الإنفاق»، لافتا إلى أن ذلك يستلزم حصر الاحتياجات الضرورية للحكومة والجهاز الإداري للدولة والعمل على هيكلة بنود الدين العام بما يساعد على تقليل مدفوعات خدمة الدين من فوائد وأقساط.
وفي ملف الأزمة الاقتصادية أيضا، انتقدت دار الخدمات النقابية والعمالية (منظمة مجتمع مدني مهتمة بشؤون العمال)، وثيقة ملكية الدولة التي تستعد الحكومة المصرية لطرحها وتتضمن خطة لتخارج الدولة من قطاعات اقتصادية بعينها لمصلحة المستثمرين.
وقالت إن «الدولة تعيد في هذه الوثيقة صياغة شكل ملكيتها للأصول والتحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة من خلال تحديد آليات تخارجية للأصول المملوكة لها، أي أننا أمام «مرحلة جديدة من الخصخصة».
وأضافت: «لما كان طرح سياسة جديدة للدولة في شأن ملكيتها أمرا شديد الأهمية والخطورة يمس مصالح فئات وقطاعات الشعب المصري جميعها فقد كان من المفترض إدارة حوار مجتمعي موسع تشارك فيه جميع هذه الفئات والقطاعات قبل إصدار الوثيقة، بينما تم إصدار الوثيقة ابتداء ثم اكتفت بتنظيم نقاش حولها تشارك فيه فقط منظمات رجال الأعمال والمستثمرين بما يعنيه ذلك من اختزال أزمة الاقتصاد المصري الهيكلية في الملاحظات والانتقادات التي يثيرها رجال الأعمال والمستثمرون المحليون والأجانب بشأن الأوضاع الاحتكارية للدولة».
وحسب قولها «تتلخص منهجية تحديد عملية التخارج من ملكية الكثير من الأصول في تخارج الدولة من القطاعات والصناعات المشبعة سوقها التي يعزف القطاع الخاص عن الاستثمار فيها»، لافتة إلى أنها «ترى أنه من المفترض أن تكون هناك خطة تنموية متكاملة يتم وفقا لها تحديد دور الدولة، وتمكين القطاع الخاص من الاستثمار والمشاركة وفقا لهذه الخطة وأولوياتها».
شروط صندوق النقد
ولفتت إلى أنه «رغم ما تنص عليه الوثيقة من أهداف لسياسة ملكية الدولة التي تقدمها، فإن واقع الحال كما هو معروف أن هذه السياسات جاءت استجابة لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، وعلى الأخص صندوق النقد الدولي الذي تجري معه المفاوضات، بشأن قرض جديد ولتحقيق وفورات اقتصادية لمواجهة الأزمة الهيكلية للاقتصاد المصري، والتوسع غير الحذر في الاقتراض ووصول الديون إلى معدلات خطرة وغير مسبوقة».
ووفقا للدار، «تنصرف الوثيقة فقط إلى سياسة ملكية الدولة، بينما كان من المفترض أن يتم تناول دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها خاصة التعليم والصحة، ورغم أن سياسة ملكية الدولة التي تعرضها الوثيقة قد أبقت على استثمارات الدولة في التعليم والصحة، إلا أنه يلاحظ تخفيض أو تثبيت استثماراتها في التعليم قبل الأساسي (الحضانات) رغم كونه من الخدمات الأساسية التي يرتبط توفيرها بحقوق المرأة العاملة والأطفال».
بيع الأصول
وشددت على أن «ارتباط وثيقة سياسة ملكية الدولة بتسارع عمليات بيع الأصول التي شهدتها الأسابيع الأخيرة يتناقض مع ما تزعمه الوثيقة ذاتها من تبني منظومة للمتابعة والتقييم تتضمن مجموعة من مؤشرات قياس الأثر، وكذلك مراجعة محفظة الأصول المستجدات المحلية والعالمية وانعكاساتها على ضرورات التملك أو التخارج، حيث أبدى كثير من المحللين الاقتصاديين جزعهم وتحفظهم على الوتيرة السريعة للبيع التي ربما كان من شأنها البيع بثمن بخس فضلا عن كونها لا تخضع فيما يبدو لأولويات خطة تنموية واضحة.»
فضلا عن ذلك «سبقت الوثيقة، خلال العامين الماضيين، تصفية بعض الشركات شركة (الحديد والصلب المصرية، والشركة القومية للأسمنت وثمة أخبار عن قرب تصفية شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية) دون خطة استراتيجية واضحة عن ضرورات تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي لدعم الصناعات التحويلية والتصديرية» طبقا للدار التي أكدت أن «تخارج الدولة وتخفيض استثماراتها في المرافق العامة التي تقدم الخدمات الضرورية كمياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء، من شأنه التأثير المباشر على الطبقات الشعبية التي تعاني من نقص هذه الخدمات وعدم القدرة على التمتع بها».
كما أن «التخارج وتخفيض الاستثمارات في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية يعني تخلي الدولة عن القيام بدور ضروري في توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء والتدخل للتحكم في أسعارها»، حسب الدار.