منظمة حقوقية ترصد 1516 انتهاكاً في مصر خلال ثلاثة أشهر
عربي تريند_ قالت منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية إنه بحلول الربع الثاني من العام 2022، استمرت أجهزة الأمن المصرية وأذرعها التشريعية والقضائية في إهدار حقوق المواطنين بفجاجة، وسط أزمة مالية عالمية ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي في مصر، ليأتي خبر وفاة المواطن، أيمن هدهود، وملابسات الوفاة؛ بدءًا من الاختفاء القسري وحتى وفاته وحيدًا بمستشفى الأمراض العقلية، ليهز الوضع الحقوقي في مصر.
ووثقت المؤسسة، من خلال تقريرها الربع سنوي الثاني لعام 2022، الذي يأتي ضمن مشروعها لـ”مراقبة مراكز الاحتجاز بمصر“، 1516 انتهاكا، وقعت في غضون ثلاثة أشهر بين أبريل/ نيسان – ويونيو/ حزيران الماضيين.
وبحسب التقرير، تنوعت الانتهاكات بين الحرمان من الحرية تعسفيًا، التي كان لها النصيب الأكبر بواقع 1403 انتهاكات، يليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 74 انتهاكًا، ثم سوء أوضاع الاحتجاز والوفاة داخل مقار التعذيب، وأخيرًا التعذيب.
وأوضحت المؤسسة وقوع 37 في المئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات المرصودة في شهر أبريل/ نيسان الماضي، بواقع 568 انتهاكًا، يليه شهر مايو/ آيار الماضي، الذي وقعت فيه نحو 34 في المئة من الإجمالي ضمن هذا التصنيف بواقع 519 انتهاكًا، وأخيرًا وقعت 28 في المئة تقريبًا من الانتهاكات في شهر يونيو/ حزيران الماضي. بواقع 429 انتهاكًا.
وعلى صعيد المحافظات، ذكرت “كوميتي فور جستس” أن أعمال الرصد خلال فترة التقرير شملت 8 محافظات مصرية، تصدرت العاصمة القاهرة، التي وقعت بها النسبة الأعلى من الانتهاكات وهي 55 في المئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات، تليها محافظة الشرقية، التي وقعت بها ما يمثل نحو 41 في المئة من الإجمالي.
وبتحليل بيانات الضحايا الذين تمكنت المؤسسة من تحديد مهنهم، كان نصيب الضحايا أصحاب المهن الطبية هو الأعلى بواقع 20 انتهاكًا، توزعت بين 17 انتهاكًا ضمن الحرمان من الرعاية الصحية تعسفيًا، وانتهاكين ضمن الاختفاء القسري، وواقعة وفاة داخل مقار الاحتجاز، يليهم المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيون، الذين رصدت “كوميتي فور جستس” بحقهم 18 انتهاكًا؛ توزعت بين 10 انتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا، و6 انتهاكات ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، وانتهاكًا ضمن التعذيب، ووفاة داخل مقار الاحتجاز، ثم يليهم السياسيون وأعضاء الأحزاب بواقع 13 انتهاكًا، من ضمنهم واقعتان تحت التعذيب.
كما كان نصيب الضحايا متوسطي العمر (35 – 59 عامًا) هو الأعلى من بين الانتهاكات بحق الضحايا، بواقع 30 انتهاكًا توزعت بين؛ 14 انتهاكًا ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا، و7 وقائع ضمن الوفاة داخل مقار الاحتجاز، و5 انتهاكات ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، و3 انتهاكات ضمن الاختفاء القسري، وأخيرًا انتهاك واحد ضمن جرائم التعذيب، يليهم نصيب الشباب (18-34 عامًا) بواقع 13 انتهاكًا.
وعود لا تتحقق
وقالت المؤسسة الحقوقية، في تقريرها، إن النظام المصري وجد نفسه بسبب الضغوط الخارجية، مطالبًا بتحقيق وعوده الضمنية بالانفراجة الحقوقية وبالحل السياسي، ما جعله يستدعي معارضيه إلى المشهد السياسي مجددًا إلى حفل إفطار رمضاني بعنوان “إفطار الأسرة المصرية”، برعاية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حضره حمدين صباحي، وخالد داوود، وعددًا من رموز القوي السياسية، لطلب الدعم من المعارضين للقيام بتحرك سياسي يطمأن الشعب تجاه الأوضاع الاقتصادية الصعبة الراهنة.
وزادت المنظمة، في تقريرها، أن السيسي أعلن خلال حفل الإفطار عددًا من القرارات السياسية والاقتصادية، كان أبرزها؛ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني، ولكن تبع هذا القرار عدة قرارات تتسم بالتناقض إلى حد كبير، حيث استمر التنكيل والاعتقال التعسفي للنشطاء، مثل؛ الإعلامية هالة فهمي، والناشط علاء عبد الفتاح.
انتهاكات قضائية وقانونية وحقوقية
وعلى صعيد المستجدات القانونية، لفتت “كوميتي فور جستس” في تقريرها، إلى موافقة مجلس الوزراء المصري على تعديل بعض أحكام قانون غسل الأموال رقم 80/2002، وتتضمن التعديلات الجديدة “إنشاء وحدة مستقلة ذات طابع خاص لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب داخل البنك المركزي المصري، وجعل لتلك الوحدة مجلس أمناء يقوم رئيس الجمهورية بتشكيله، ما أثار جدلاً قضائيًا واسعًا، لكونه أسقط ضرورة أن يكون رئيس الوحدة من العاملين في الهيئات القضائية المعنية، واكتفي بكونه من الخبرات القضائية، ما يتوافق مع مصالح أحمد سعيد خليل السيسي، شقيق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، رئيس اللجنة وفقًا لمصادر صحافية.
أحكام مجحفة
وزادت المنظمة: أما بالنسبة للمستجدات القضائية، فقد رصد فريق المؤسسة أحكامًا مجحفة خلال فترة التقرير، كان من أبرزها؛ أن أصدرت الدائرة الأولى “إرهاب”، بمحكمة جنايات القاهرة 10 أحكام بالإعدام في قضية ذات طابع سياسي، وهي قضية “كتائب حلوان“، وكذلك أحكام بالسجن على السياسي والمرشح الرئاسي السابق، عبدالمنعم أبو الفتوح، ونائب حزب “مصر القوية”، محمد القصاص، ونائب مرشد جماعة الإخوان والقائم بأعماله، محمود عزت، بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة.
التعذيب والاختفاء القسري
وعلى صعيد الجانب الحقوقي، لفتت المؤسسة إلى تطرق تقرير الخارجية الأمريكية لأوضاع حقوق الإنسان بالعالم، لحالة حقوق الإنسان في مصر، ذاكرًا عدد من الممارسات التي تشكّل انتهاكات لحقوق الإنسان، من بينها؛ جرائم التعذيب والاختفاء القسري، وفرض قيود على حرية التعبير والصحافة والانترنت، ومحاكمة المدافعين/ات عن حقوق الإنسان وفرض حظر سفر تعسفي عليهم. كما نشرت منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم لعام 2021، وجاءت مصر في المركز الثالث عالميًا كأكثر الدول تنفيذًا لعقوبة الإعدام، بينما حلت في المركز الأول بالنسبة لعدد الأحكام بالإعدام بعد أن وثقّت المنظمة صدور أحكامًا بإعدام ما لا يقل عن 356 شخصًا من المحاكم المصرية المختلفة. وعلى صعيد حرية الصحافة، نشرت منظمة “مراسلون بلا حدود” تصنيفها العالمي لحرية الصحافة للعام 2022، وحلت مصر في المرتبة رقم 168 عالميًا، ودخلت ضمن قائمة الدول صاحبة التصنيف الأسوأ بين 180 دولة يشملها التحليل.
وأوصت “كوميتي فور جستس” في ختام تقريرها بعدة توصيات، كان من ضمنها؛ فتح تحقيقات جدية وشفافة في واقعة وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، ومحاسبة المسؤولين عن وقائع اختفائه القسري وتعذيبه، والمسؤولين كذلك عن إيداعه في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية.
كما أوصت المؤسسة بإثبات حسن النوايا في رغبة النظام المصري في الحوار الوطني؛ وذلك بإلغاء كافة الأحكام التعسفية التي أطلقتها المحاكم المصرية ضد أخصام ومعارضي الدولة السلميين، لا سيما أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ النهائية والمجحفة.
ودعت “كوميتي فور جستس” للاستجابة والنظر في القوائم التي تعدها المنظمات الحقوقية لمستحقي العفو وإخلاء السبيل، وخاصةً سجناء الرأي، ومن تخطت مدة حبسهم الاحتياطي العامين، وضحايا الاعتقال التعسفي.
كذلك طالبت المؤسسة السلطات المصرية بفتح تحقيق جدي في جرائم التعذيب بحق الضحايا الذين وثق التقرير حالتهم التي وقعت في مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وتتبع الجناة ومنع الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى تفعيل دور النيابة الرقابي على جميع مقار الاحتجاز في مصر لتفادي وقوع مثل تلك الجرائم مجددًا.