فايننشال تايمز: بعد 20 عاما من المعارك القانونية.. سكان “مسافر يطا” يواجهون خطر التهجير
عربي تريند_ نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا قالت فيه إن سكان قرى فلسطينية خسروا معركة قانونية عمرها 20 عاما من أجل الحفاظ على بيوتهم يواجهون مستقبلا غامضا، لكن قرارات المحكمة التي وقفت إلى جانب الجيش الإسرائيلي تفسح المجال أمام أكبر عملية مصادرة وتهجير للفلسطينيين منذ عدة عقود.
وجاء في تقرير أعده جيمس شوتر من مسافر يطا، أن محمد أيوب، يرى أن خربة الفخيت تعتبر بيته ومحل إقامته. وقضى المزارع الفلسطيني 46 عاما فيها، حيث كان يحصل على لقمة العيش من تربية الخراف والماعز والحمام على التلال القاحلة المحيطة به. لكن الجيش الإسرائيلي يرى أن الخربة الواقعة على الطرف الجنوبي في الضفة الغربية تمثل أمرا مختلفا، وهي جزء من ميدان “الرماية 918” بمساحة 300 هكتار يريد تحويلها إلى منطقة للتدريب العسكري.
وفي أيار/مايو، حصل الجيش على ما يريده من المحكمة العليا. وفي القرار الذي أصدرته عشية عطلة عامة، فقد أعطى الجيش الضوء الأخضر لكي يستخدم المنطقة والتي تضم ثماني قرى فلسطينية أخرى كميدان رماية، ويهجر سكانها البالغ عددهم 1200 شخص. ويرى الناشطون والدبلوماسيون أن القرار لصالح الجيش سيكون أكبر عملية إجلاء للفلسطينيين منذ عقود، ويظهر الضغوط التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية.
وانتقدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي خطط تهجير الفلسطينيين، وتركت سكان القرى مثل أيوب يواجهون مستقبلا مجهولا. وقال الرجل الفلسطيني: “نحن خائفون طوال الوقت، ولا نعرف ماذا سيحدث إن كانوا سيطردونا… كل شيء قابل للتغير”.
وبدأت المعركة على القرى في منطقة مسافر يطا والتي يتم الوصول إليها عبر المسارات التي تتعرج بين التلال والصخور جنوبي محافظة الخليل، في الثمانينات من القرن الماضي، عندما قرر الجيش الإسرائيلي اعتبارها منطقة عسكرية مغلقة. وبحسب الجيش فعملية تصنيف المنطقة تمت عبر “عمل فريق” و”اعتبارات عملياتية متعددة مرتبطة بها” و”حقيقة أن المنطقة لم تكن مسكونة في ذلك الوقت”.
إلا أن سكان القرى يقولون إنهم سكنوا فيها لأجيال، وبعضهم في مغاور حفرت في التلال والتي كانت تعطي راحة وحماية من المناخ القاسي. واعتمد الكثيرون منهم على الرعي. وفي عام 1999 أصدرت إسرائيل أول قرار لإجلاء 700 من سكان مسافر يطا. وبعد استئناف على القرار، سُمح لهم بالبقاء، لكن مُنعوا من بناء بيوت جديدة.
وتحول العقدان الماضيان إلى وضع قانوني مجهول بالنسبة للسكان، حيث تصارع المحامون بشأن قانونية القرار، وواصلت القوات الإسرائيلية عمليات هدم البيوت والصهاريج التي قالت إنها بنيت بدون ترخيص. وكان أيوب من بين الذين هُدمت بيوتهم، أولا في كانون الثاني/ يناير ومرة أخرى في أيار/ مايو بعد إعادة بنائه.
وفكّر أيوب بعد عملية الهدم الأخيرة بنقل زوجته وأولاده الستة إلى المغارة التي ولد فيها وعاش فيها حتى بلغ سن الـ29 عاما. وكانت عملية الهدم واحدة من سلسلة عمليات قام بها الجيش حتى قرار المحكمة العليا في أيار/ مايو. وبنت المحكمة قرارها على أن سكان القرى الفلسطينيين فشلوا في إثبات ملكيتهم للأرض المخصصة لميدان الرماية أو أنهم عاشوا بشكل دائم فيها قبل إعلان الجيش عنها منطقة عسكرية مغلقة.
وقالت المحكمة إن من حق الجيش اعتبارها منطقة مغلقة، ومنع الدخول إليها بدون إذن، وأن القانون الدولي الذي يحرّم التهجير القسري لا ينطبق على هذه الحالة. وقال المحامون الذين يمثلون سكان قرى مسافر يطا، إن الجدال القانوني “خطأ” وقدموا التماسا أخيرا للمحكمة ومنع تطبيق القرار.
وقال روني بيلي، من جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل: “هذا أراض محتلة، ولا يمكن للجيش استخدامها للأغراض العامة” مثل التدريب. و”لا يمكن تحويل قرى مسافر يطا إلى ميدان تدريب للجيش”. ويعتقد السكان أن القرار هو ذريعة، وقال نضال أيوب يونس، رئيس المجلس المحلي في مسافر يطا: “من الواضح أن هذا هو مبرر للتأكد من عدم وجود الفلسطينيين في هذه المنطقة”.
وقدم المحامون أثناء المعركة القانونية تفاصيل عن محادثات في لقاء تم عام 1981 والذي اقترح فيه وزير الزراعة في حينه أريئيل شارون، تخصيص مزيد من الأراضي لتدريب الجيش الإسرائيلي في التلال الجنوبية للخليل. وأثار القرار اهتماما دوليا، ففي بداية الشهر الحالي زار دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، مسافر يطا والتقوا مع السكان، وزاروا بيتا ظهر عليه رصاص الجيش، قال السكان إنه كان نتيجة لمناورة قام بها الجنود الإسرائيليون.
وقال الجيش إن الفحص الأولي لم يكشف عن علاقة بين النيران التي استخدمت في التمرين العسكري والضرر الذي أصاب المبنى، ولكنه وعد باتخاذ احتياطات السلامة في المستقبل. ويأمل بعض سكان مسافر يطا بتحرك دولي يمنع إجلاءهم، لكن نجدت الجبارين، من كفر جنبة، تحضّر نفسها لمقاومة قوية. وقالت: “لو جاء (الإسرائيليون) للهدم فسنذهب إلى المغارة حتى تدمر فوق رؤوسنا، هذه أرض أجدادنا وجداتنا، ولن نغادر”.