رفات ضحايا الموصل: 5 سنوات من الانتظار تحت أنقاض المباني
عربي تريند_ رغم مرور نحو خمس سنوات على انتهاء المعارك في مدينة الموصل وإعلان السلطات العراقية استعادتها من سيطرة تنظيم “داعش”، إلا أن الإعلانات عن انتشال رفات لضحايا قضوا داخل منازلهم ما زال متواصلاً، وكشفت مصادر محلية الأسبوع الماضي عن انتشال رفات 4 أشخاص، بينهم امرأة وطفل، قضوا داخل منزل تعرض للقصف في الساحل الأيمن من المدينة إبان المعارك.
وقبل سنوات عدة خصصت السلطات الحكومية في محافظة نينوى، عاصمتها المحلية الموصل، مقبرة خارج المدينة لدفن رفات من يتم العثور عليهم بعد أخذ عينات من الـDNA ومكان انتشال الرفات، أملاً بالعثور على ذويهم، إذ ما زال هناك آلاف من أهالي المدينة في عداد المغيبين.
وتوقفت عمليات انتشال الضحايا، لكن بالعادة يجري العثور على الرفات خلال عمليات رفع أنقاض المنازل والمباني التي تعرضت للقصف، ويقول مسؤول رفيع في دائرة الدفاع المدني بمدينة الموصل، لـ”العربي الجديد”، إن آخر رفات انتُشل الأسبوع الماضي وكان لسيدة وطفلة كما يظهر من الملابس التي كانت تغطي العظام، إلى جانب رجلين، وهو ما يؤكد أن الضحايا من أسرة واحدة قتلوا بقصف جوي.
وعن تضييق السلطات الأمنية وفصائل “الحشد الشعبي” في كل ما يتعلق بملف الضحايا الذين قضوا بالمدينة بفعل القصف، يؤكد أبو أسامة؛ اسم مستعار، البالغ من العمر 52 عاماً، أن ركام المدينة ما زال يضم الكثير من الضحايا، وأن استخراجهم بشكل تدريجي وليس مرة واحدة نهج حكومي متعمد لعدم إثارة الرأي العام والكشف عن حجم الضحايا المدنيين في المعارك.
ويضيف أن “أكوام الأنقاض التي تملأ مدينة الموصل أصبحت مقابر جماعية لكثير من الأسر الموصلية، خاصة من أحياء الساحل الأيمن”.
في المقابل، تؤكد مصادر محلية في الموصل لـ”العربي الجديد” انتشال أكثر من 150 رفاتاً بشرياً من الموصل منذ مطلع العام الحالي من مناطق مختلفة في الموصل، وقال ضابط في شرطة الموصل لـ”العربي الجديد” إن “الرفات عبارة عن هياكل عظمية جرى العثور عليها تحت أسقف منازل ومبانٍ سكنية وتجارية مختلفة، غالبيتها العظمى لمدنيين قضوا بالقصف الجوي والمدفعي”.
وبالرغم من مساعي بعض المنظمات الإنسانية والناشطين في مجال حقوق الإنسان الوصول إلى معلومات تخص مصير هؤلاء المغيبين والمفقودين، إلا أنها لم تثمر عن شيء بسبب امتناع الجهات المعنية عن الإفصاح عن مصيرهم حتى بعد المطالبات بالكشف عن هذا الملف.
ويؤكد عضو منظمة “دجلة”، المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في كركوك والموصل، ليث الصالحي لـ”العربي الجديد”، أنه “للأسف كثير من الرفات سحق تحت الجرافات بعد سنوات على وجوده تحت الأنقاض”.
ويضيف أن “ملف الضحايا الذين ما زالت رفاتهم تحت الأنقاض لا يقتصر على الموصل فقط، بل صارت قضية في كثير من المدن المحررة مثل بيجي والبعاج وتلعفر وغيرها”، معتبراً أن الملف أخلاقي وإنساني، لكن الحكومة تتعامل معه على أنه أمني ولا ترغب في أن تكون شفافة في الكشف عن حقيقة أعداد من قضوا في الهجمات الجوية والمدفعية على المدن”.
وكان رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قد أعلن في التاسع من تموز/ يوليو 2017 رسمياً الانتصار على تنظيم داعش في مدينة الموصل (465 كيلومتراً شمال غرب بغداد)، بعد تسعة أشهر من المعارك الطاحنة، ليعلن طيَّ صفحة الحرب، وهزيمة التنظيم الذي حكمها لثلاث سنوات متتالية.
وقال السياسي والنائب السابق في البرلمان عن محافظة الأنبار حامد المطلك إن مسلسل العثور على رفات الضحايا تحت الأنقاض التي خلفتها الحرب ضد تنظيم داعش في المناطق المحررة لا ينتهي بسبب كثرة الضحايا في صفوف المدنيين”.قضايا وناس
ويوضح المطلك لـ”العربي الجديد” أنه “لا يمتلك إحصائية دقيقة عن عدد المغيبين في المناطق المحررة لكنه يؤكد أن أعدادهم أضعاف ما يعلن عنه من قبل الجهات المعنية بهذا الشأن والتي تتحدث عن وجود 8 آلاف مغيّب”.
وأشار إلى أنه “رغم خطورة هذا الملف وتأثيره النفسي على ذوي المغيبين إلا أننا لم نلاحظ أي تحرك من قبل الحكومة العراقية لإنهاء هذا الملف الشائك والخطير الذي سينعكس على الأجيال المقبلة”.