الكشف عن صادرات السلاح الإسرائيلي إلى المغرب.. من بيغاسوس إلى المسيّرات الانتحارية
عربي تريند_ تزامناً مع زيارة ووصول رئيس أركان جيش الاحتلال اللواء أفيف كوخافي، يوم الإثنين الماضي، إلى المغرب كُشف النقاب عن حجم وتشكيلة صادرات الأسلحة الإسرائيلية للرباط من بيغاسوس إلى المسيّرات الانتحارية. وزيارة كوخافي هذه هي الأولى من نوعها إلى هذه الدولة منذ تطبيع العلاقات بينهما في سنة 2020. وتوضّح صحيفة “هآرتس” العبرية أنه طوال عشرات الأعوام، كانت هناك علاقات أمنية سرية بين المغرب وبين إسرائيل، وكان في إمكان السياح الإسرائيليين زيارة المغرب بِحُرّية. وقالت إن العلاقات الثنائية بينهما توطدت بعد اتفاقات أوسلو علام 1993، وانقطعت مع نشوب الانتفاضة الثانية عام 2000، وعادت واستؤنفت في نهاية سنة 2020، عندما كان المغرب الدولة الرابعة التي انضمت إلى اتفاقات أبراهام. واستذكرت أنه منذ ذلك الحين، افتُتحت رحلات مباشرة بين الدولتين، وقام وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لبيد ووزير الأمن بيني غانتس بزيارة المغرب. وتضيف “هآرتس”: “لإسرائيل والمغرب تاريخ طويل من التعاون الأمني والاستخباراتي، إذ شغّل الموساد مكتباً له في الرباط، وبعد حرب 1967 باعت إسرائيل المغرب فائض السلاح الذي كان لدى جيشها من إنتاج فرنسي، في الأساس دبابات ومدافع، كما زار مستشارون عسكريون المغرب لمساعدته ضد “جبهة البوليساريو” التي كانت تحارب من أجل استقلال الصحراء الغربية.
كتاب إسرائيلي جديد بعنوان “علاقات إسرائيل مع دول عربية.. من العشيقة السرية إلى الرفيقة العلنية” للمؤرخ إيليه بوديه، كرّس فصلاً للعلاقات الاستخباراتية والاقتصادية وغيرها بين إسرائيل وبين المغرب.
تشكيلات السلاح الإسرائيلي
وفيما يلي بعض أنواع السلاح الذي باعته إسرائيل للمغرب في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى المسيّرات والأسلحة السيبرانية الهجومية، وفق ما جاء في تقرير صحيفة “هآرتس” العبرية: “في العام 2014، اشترى المغرب ثلاث طائرات من دون طيار من طراز هارون، ومن إنتاج الصناعة الجوية، بقيمة 50 مليون دولار. وهذه الطائرة من دون طيار وُضعت في السوق للمرة الأولى في سنة 2000، وهي قادرة على البقاء في الجو 45 ساعة، والتحليق على علو 35 ألف قدم. واستناداً لـ “هآرتس” فقد تحدث الصحفي حاييم ليفنسون في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عن بيع الصناعة الجوية الإسرائيلية مسيّرات من طراز “هاروب” للمغرب. وبعكس المسيّرات غير المزوّدة بالسلاح، المُعدّة لجمع المعلومات الاستخباراتية والرصد أو الهجوم، ثم العودة إلى قواعدها، فإن مسيّرة هاروب تُعتبر “سلاحاً متجولاً أو مسيّرة انتحارية. ونجاح المسيّرة في مهمتها معناه تدمير الهدف وتدميرها هي أيضاً، وإذا لم يحدث ذلك، فتعود إلى قواعدها. كذلك في شباط/ فبراير هذه السنة، ذكرت الصناعات الجوية الإسرائيلية أنها ستزوّد المغرب بمنظومة باراك، وهي منظومة مضادات جوية ضد أنواع مختلفة من التهديدات الجوية، من طوافات وطائرات، مروراً بالمسيّرات، وصولاً إلى صواريخ كروز. وقد أعربت دول الخليج عن اهتمامها بالحصول على هذه المنظومة ضمن إطار حلف الدفاع الجوي مع إسرائيل. وتقول “هآرتس” إن هذه المنظومة طُوّرت في الأساس كي تُركَّب على السفن، واستُخدمت في اعتراض مسيّرات “حزب الله” التي أُطلقت في اتجاه منصة كاريش قبل أسبوعين، لكنها ملائمة أيضاً للاستخدام الأرضي. موضحة أن الصفقة التي تبلغ قيمتها مئات ملايين الدولارات جرى التوصل إليها خلال زيارة وزير الأمن بني غانتس إلى المغرب، حيث جرى الاتفاق أيضاً على بيع المغرب رادارات “ألتا” ومنظومات دفاعية ضد الحوامات من إنتاج سكاي- لوك. بالإضافة إلى ذلك، جرت بلورة مشروع لتحسين طائرات أف 5 القديمة التابعة لسلاح الجو المغربي.
منظومة التجسس بيغاسوس، التي تصنعها شركة “ان اس او” الإسرائيلية، تحولت إلى رمز إشكالي للصناعة السيبرانية الهجومية الإسرائيلية في العالم.
منظومة بيغاسوس للتجسس والتعقب
وتشير صحيفة “هآرتس” إلى أن منظومة التجسس بيغاسوس، التي تصنعها شركة “ان اس او” الإسرائيلية، تحولت إلى رمز إشكالي للصناعة السيبرانية الهجومية الإسرائيلية في العالم. منبهة إلى أن برامج التجسس التي تباع فقط إلى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الرسمية، بموافقة شعبة الرقابة على الصادرات الأمنية في وزارة الأمن، تسمح بالجمع عن بُعد كل المعلومات الموجودة في الهاتف الخليوي للضحية، بما في ذلك الصور والمراسلات واستخدام الكاميرا والمايكروفون عن بُعد، من دون معرفة الضحية، والتجسس عليه. منوهة بأن بعض الدول سبق واستخدمت هذه البرمجية الإسرائيلية للتجسس على صحفيين وناشطي حقوق إنسان ومعارضين سياسيين وبعض الزعماء في العالم تعرضوا أيضاً للتعقب من قبل جهات مختلفة بواسطة هذه التقنية الإسرائيلية، مما أثار ضجة دبلوماسية في العالم قبل سنوات. وتقول “هآرتس” إن الولايات المتحدة سبق ووضعت الشركة الإسرائيلية المذكورة على لائحة الشركات “التي تهّدد المصالح الأميركية”، بعد أن اكتشفت شركة آبل في العام الماضي أن هواتف خليوية لموظفين في الخارجية الأميركية في افريقيا تعرضت للتجسس بواسطة برمجية بيغاسوس. وتتابع: “تسبّب بيع برنامج بيغاسوس التجسسي للمغرب بمشكلة دبلوماسية مع فرنسا، بعد أن اتضح أن من بين أهداف الهجمات التجسسية وزراء في حكومة إيمانويل ماكرون. وكشفت تقارير سابقة أن بيغاسوس استُخدم ضد صحافيين وناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب”. يشار إلى أن كتابا إسرائيليا جديدا بعنوان “علاقات إسرائيل مع دول عربية من العشيقة السرية إلى الرفيقة العلنية” للمؤرخ إيليه بوديه، الصادر قبل شهرين بالعبرية، قد كرّس فصلا للعلاقات الاستخباراتية والاقتصادية وغيرها بين إسرائيل وبين المغرب، علاوة على دول عربية أخرى. وفي هذا المضمار التقى أفيف كوخافي، الثلاثاء، بالوزير المغربي المنتدب المكلف بالدفاع، عبد اللطيف لوديي، وذلك خلال زيارة الأول للمغرب على رأس وفد أمني كما التقى كوخافي بالمفتش العام للقوات المسلحة الملكية، بلخير فاروق، ومن المقرر أن يلتقي كذلك برئيس شعبة المخابرات، إبراهيم حسني.
رد الفعل الإيراني على التطبيع
وفي سياق متصل يرى تقرير إسرائيلي أن إسرائيل تسعى علانية لتشكيل تحالف بينها وبين دول عربية ضد إيران، منوهاً بأن أبرز الخطوات في اللقاء بين رؤساء أركان جيوش عربية، بينهم رئيس الأركان السعودي، مع قائد جيش الاحتلال، في مصر خلال آذار/ مارس الماضي، لمواجهات هجمات إيرانية بطائرات مسيرة. وعطفاً على تبعات زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة قال وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، إنه أجرى عدة اتصالات مع الإدارة الأميركية خاصة مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حول تعزيز التعاون بين إسرائيل ودول في المنطقة ضد إيران. ويشير إلى أن أبرز الهجمات المنسوبة لإيران كان مهاجمة منشأة النفط التابعة لشركة “أرامكو” في السعودية، في أيلول/سبتمبر عام 2019، بواسطة الحوثيين في اليمن، وبعدها مطار أبو ظبي، وقواعد أميركية في العراق.
أنور قرقاش قال في خضم زيارة بايدن للمنطقة إن بلاده لا تؤيد إقامة حلف إقليمي ضد أي دولة في المنطقة، وإن الإمارات تسعى لبناء جسور مع إيران.
تراجع خليجي عن تحالف مضاد لإيران
وفي المقابل تستمر الغارات الإسرائيلية في سورية، منذ عدة أعوام، وتستهدف بالأساس أهدافاً إيرانية بادعاء أنها تنقل أسلحة “كاسرة للتوازن” إلى سورية وحزب الله في لبنان. ويعتبر “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب ذلك بأنه “نقطة تحول هامة بربط إسرائيل بالمنطقة بوساطة أميركية”، فبعدها جرت عدة مناورات بحرية واسعة النطاق بمشاركة إسرائيل. كما التقى غانتس، خلال زيارة إلى البحرين، مع قائد الأسطول السادس الأميركي. ويحذّر التقرير الإسرائيلي لضرورة التشكيك بقدرة ورغبة جميع الأطراف، في هذه المرحلة على الأقل، بتشكيل منظومة دفاعية مشتركة تربط بين منظومات اعتراض (صواريخ وطائرات مسيرة) وبين نقل معلومات استخباراتية من رادارات وأقمار اصطناعية أثناء الحدث نفسه. يذكر أن مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش قال في خضم زيارة بايدن للمنطقة وعشية زيارته للسعودية إن بلاده لا تؤيد إقامة حلف إقليمي ضد أي دولة في المنطقة وخاصة ضد إيران، وإن الإمارات تسعى لبناء جسور مع إيران وتعيين سفير في طهران. كذلك صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، بأنه لا توجد مناقشات حول تحالف دفاعي خليجي– إسرائيلي.
التطبيع من السرية للعلنية
وفي محاولة لفهم هذا الفتور الخليجي حيال فكرة التحالف الإقليمي، يرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أيضاً أن “الرسالة الإيرانية المركزية إلى جاراتها كانت واضحة، وشملت تهديداً واضحاً برد فعل إذا اتضح أن التعاون مع إسرائيل يتقدم. مرجحاً أن خطوات إقليمية مشتركة لمواجهة التفوق المركزي الإيراني مقابل جاراتها، وكذلك مقابل المنظومة الأميركية في المنطقة، دفعت إيران إلى الرد بتهديدات صارمة ورادعة. ومن هنا يوصي “المعهد” بالأخذ بالحسبان إمكانية أن علم أو تقدير إيران بوجود خطوات تجري في الخفاء، سيدفعها إلى تنفيذ تحرك يوضح جدية نواياها. وبخلاف تقديرات إسرائيلية مختلفة رسمية وغير رسمية يستبعد المعهد الإسرائيلي أن تكون زيارة بايدن إلى إسرائيل والسعودية، الأسبوع الفائت، قد عززت ردع إسرائيل مقابل إيران. موصيا بالعودة إلى طريقة العمل التي ركزت في الماضي على دفع مصالح أمنية مشتركة لإسرائيل ودول المنطقة سراً. كما يحذر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن المزاعم الإسرائيلية المتتالية حول إهمال دول المنطقة العربية للقضية الفلسطينية، وتقدّم مسيرة التطبيع دون معيقات يعزّز “رواية الخيانة” التي تروّج لها السلطة الفلسطينية ضمن انتقاداتها لمواقف دول التطبيع منذ العام 2020. وضمن تحذيراته يخلص معهد دراسات الأمن القومي للقول إن مثل هذه التصريحات الإسرائيلي تعيق انتقال التطبيع من السرية إلى العلنية.