معاناة المعتقلين المصريين وأسرهم في العيد: حرمان من التريّض وإذلال خلال الزيارات
عربي تريند_ تمثل إجازة العيد مزيداً من التضييق على السجناء السياسيين في مصر، خاصة في ظل حرمانهم من التريض أو الخروج من زنازينهم، بسبب الإجازات التي يحصل عليها أفراد الأمن في السجون، فضلا عن أوضاع صعبة يعاني منها أهالي المعتقلين خلال الزيارات.
كل ذلك دفع «المفوضية المصرية للحقوق والحريات» لإطلاق حملة بعنوان «عيدهم في السجن» حيث نشرت صور المعتقلين وطالبت بحريتهم.
وكتب خالد داوود، المتحدث باسم «الحركة المدنية الديمقراطية» وسجين الرأي السابق، على صفحته على «فيسبوك» عن معاناة السجناء في الأعياد.
وقال: «السجناء خلال الإجازة يعانون بشدة، بسبب منعهم من مغادرة الزنازين طوال مدة الإجازة وعدم السماح لهم بمشاهدة الشمس أو الخروج في أماكن مفتوحة. كنا نكره الأعياد وكل الإجازات الرسمية، طاقم العاملين في السجن، ضباط وأمناء ومخبرون وأطباء وممرضون، حقهم الحصول على إجازة، والسجناء تغلق عليهم الزنازين ولا يخرجون للتريض ولا دقيقة واحدة طول فترة الإجازة».
«سنموت من قلة الحركة»
وتابع: «مرة، خلال فترة احتجازي الإجازة طالت لمدة 8 أيام متتالية، مثل إجازة هذا العيد، وكنا سنموت من قلة الحركة، كنا نرغب فقط في رؤية الشمس، والهواء والسير مميزات في السجن». ووجه حديثه لنزلاء السجون الحاليين: «قلبي معكم زملاء السجن في هذه العطلة الطويلة. نحن في الخارج نذبح الأضاحي ونأكل وننعم بالمكيف ونسافر الساحل وكل أماكن الإجازات، وأنتم تجلسون في زنزانة، حقكم علينا، حريتكم حق».
معاناة الأهالي
ولا تقتصر المعاناة في الأعياد على السجناء، بل تمتد لأسرهم، الذين يضطرون للتوجه لزيارة أبنائهم فيقضون معظم اليوم على أبواب السجن في انتظار السماح لزيارة أبنائهم لمدة لا تزيد عن 10 دقائق.
الكاتبة الصحافية، إكرام يوسف والدة النائب السابق زياد العليمي، الصادر بحقه حكم بالسجن 5 سنوات في القضية المعروفة إعلاميا «قضية الأمل» كشفت عن معاناة أسر المحبوسين أمام بوابة مجمع سجون طرة في القاهرة، خلال زياراتهم الاستثنائية لذويهم بمناسبة عيد الأضحى.
وكتبت عبر حسابها على «فيسبوك»: «في أثناء زيارتي زياد بمناسبة العيد، فوجئت بإزالة المقاعد الخشبية واضطررنا للوقوف على أرجلنا في الشمس لساعات أمام بوابة مجمع سجون طرة، ويوجد كبار سن وأطفال ومواطنون جاءوا من محافظات بعيدة».
وأضافت: «أم تحمل طفلها، وهي تجلس على الأرض في الشمس، والطفل يصرخ وهي تبكي».
مشهد آخر رصدته إكرام، تمثل في سيدة حامل تحتاج لدخول الحمام، تتفاوض مع الحرس ليسمحوا لها بالدخول من بوابة السجن لقضاء حاجتها بعد تفتيشها.
وكانت محكمة جنح أمن الدولة – طوارئ، أصدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حكمها بسجن العليمي 5 سنوات، بتهمة «نشر أخبار في الداخل والخارج».
أما روفيدة حمدي، زوجة الناشط المصري، محمد عادل، أحد أبرز وجوه ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، فكتبت أن «أهالي السجناء اضطروا للمكوث حتى العاشرة ليلا للحصول على زيارة لم تستغرق سوى 10دقائق في سجن جمصة في محافظة الدقهلية في دلتا مصر».
ولفتت إلى أن مدة حبس زوجها احتياطيا تخطت الأربع سنوات.
عيدهم في السجن
في الموازاة، دشنت «المفوضية المصرية للحقوق والحريات» (منظمة حقوقية مستقلة) حملة بعنوان «عيدهم في السجن».
ودعت في الحملة التي أطلقتها، أمس الإثنين، إلى نشر صور المعتقلين والمطالبة بحريتهم.
ونشرت صورة المحامي الحقوقي محمد الباقر، الصادر ضده حكم بالسجن 4 سنوات في اتهامه بـ«نشر أخبار كاذبة».
وكان الباقر ألقي القبض عليه في سبتمبر/ أيلول 2019، أثناء حضوره التحقيق مع المدون علاء عبد الفتاح في نيابة أمن الدولة العليا.
كما ذكرت الحملة بالمحامي اليساري هيثم محمدين، الذي ألقي القبض عليه أثناء وجوده داخل قسم شرطة الصف في محافظة الجيزة في 13مايو/ أيار 2019 وجرى تدويره على عدة قضايا اتهم فيها بـ«إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة».
حملة حقوقية للتذكير بمأساتهم… والتجريد سياسة العقاب في سجن المنيا
ومن بين الأسماء التي تناولتها الحملة، المحامي الحقوقي إبراهيم عبد المنعم متولي، مؤسس رابطة المختفين قسريا ووالد عمرو إبراهيم المختفي منذ عام 2013.
وألقي القبض على متولي في سبتمبر/ أيلول عام 2017، أثناء توجهه إلى جنيف لحضور اجتماعات بدعوة من فريق العمل على الاختفاء القسري التابع للأمم المتحدة، وجرى تدويره على عدة قضايا.
وبعيدا عن العيد، قالت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان»، إنها حصلت على معلومات من مصادر داخل سجن المنيا، يفيد بحدوث انتهاكات خطيرة، بإشراف القائمين على سجن المنيا شديد الحراسة في وسط مصر، تتعلق بابتزاز المعتقلين السياسيين بحملات تفتيش متواصلة بمعدل مرتين أو ثلاث مرات شهريا، وتجريد الزنازين والاستيلاء على ما بداخلها من أغراض ومتعلقات المعتقلين من بطاطين، وملابس، وأدوية، وكتب، ومأكولات، وغيرها من المستلزمات التي يستخدمها المعتقلون بصفه يومية.
«التجارة القذرة»
وفي تقرير نشرته الشبكة، حمل عنوان «سبوبة التجريدة، التجارة القذرة في سجن المنيا شديد الحراسة» قالت: «لم تتوقف التجاوزات عند هذا الحد، بل وصلت إلى فرض المخبرين المسؤولين عن إدارة الزنازين إتاوة نقدية تبلغ في بعض الأحيان ألف جنيه شهريا لكل غرفة، في مقابل تجنب عمليات التفتيش والتجريد واسعة النطاق».
وأضافت: «في إجراء يتجاوز حدود العقل والمنطق، تحدثت المعلومات الواردة من السجن عن إجبار المعتقلين على شراء أغراضهم التي تم الاستيلاء عليها، ومصادرتها خلال حملات التجريد مرة أخرى من المخبرين، وعند اعتراض المعتقلين على هذه الإجراءات يتم التنكيل بهم والتعدي عليهم لفظيا وبدنيا، من خلال الضرب المبرح بالكابلات الكهربائية والعصي، وإيداع بعضهم زنازين التأديب، ومنع الكثيرين من الزيارات، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، مثل التريض والتعرض لأشعة الشمس والهواء النقي، ما يتسبب في الإصابة بكثير من الأمراض الجلدية، التي تزداد حدتها بسبب نقص الأدوية والرعاية الصحية، حيث لا يسمح بدخول الكثير من الأدوية، ويجري حرمان المعتقلين المرضى وكبار السن من حقهم في تلقي العلاج والأدوية».
وزادت: «هذه الإجراءات القمعية غير المقبولة، تسهم في ارتفاع أعداد الوفيات بين المعتقلين، حيث سجلت الشبكة المصرية وفاة 4 معتقلين خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يعادل 22٪ من أعداد الوفيات في السجون ومراكز الاحتجاز في مصر، التي بلغت، حسب إحصاءات الشبكة المصرية، 19 معتقلا خلال العام الجاري، ما يمثل رقما مخيفا ينذر بكارثة إنسانية كبرى».
واختتمت الشبكة تقريرها، بـ«الإعراب عن إدانتها الشديدة لكل الإجراءات غير الإنسانية وغير القانونية التي دأبت عليها السلطات المصرية وتهدر حق المعتقلين في الحصول على أدنى مقومات السلامة والأمان».
رسالة معتقل
وفيما يخص الأوضاع في سجون محافظة الشرقية، قالت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان» إنها تلقت رسالة معتقل عن الأوضاع المأسوية في سجون وأماكن الاحتجاز في الشرقية. وأضافت: «يشكو المعتقل في رسالته، من عدد من المشكلات التي يعاني منها وزملاؤه داخل السجن، ويتمنى أن يتخطى صوته أسوار السجن لتصل شكواه إلى من يهتم بأمر السجناء في الخارج».
وزادت: «يتوافق ما جاء برسالة المعتقل مع التقارير المتتابعة التي تقوم الشبكة المصرية بنشرها وتبرز الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية المصرية بحق المعتقلين السياسيين وتتغاضى عنها النيابة العامة».
وحسب الشبكة: «تحدث المعتقل في رسالته عن مأساة التدوير، قائلا: نحن نقضي أحكاما ثم يتم تخزيننا شهورا قبل تدويرنا في محاضر جديدة».
ولفت إلى الطريقة التي يتم بها تدوير المعتقلين قائلا: «يتم تحرير محاضر أمن دولة عليا أو محاضر مجمعة أو محضر تمويل، وأقل مدة للمحضر سنتان وحتى لو حصلنا على إخلاء سبيل يتم تدويرنا على قضايا أخرى».
وألمح المعتقل إلى المعاناة التي يلقاها المعتقل خلال فترة الاختفاء القسري، لافتا إلى «الإهانات اللفظية والجسدية، والمنع من الزيارة، أو رؤية الأهل، إضافة إلى الإمعان في الإذلال لدرجة يصعب معها النوم أو ممارسة الحد الأدنى من درجات الحياة الطبيعية».
واستعرضت الرسالة قضية حبس الفتيات على خلفية سياسية، و«إذلالهن وأسرهن من خلال استبقائهن خلف القضبان لفترات طويلة خارج إطار القانون، ما يستوجب استمرار الضغط على السلطات المصرية من أجل الإفراج عنهن وتخفيف تلك الضغوط المستمرة على الأسر».
لم يتوقف الأمر عند الفتيات، فقد أكدت الرسالة «وجود أسر كاملة داخل السجن قد تتكون من الأب وأبنائه وأصهاره، وما يترتب على ذلك من مآس داخل البيوت التي فقدت عائلها الوحيد وليست لها مصادر دخل أخرى، لتصبح في وضع مذر، وتستمر مأساة هؤلاء دون أدنى قدر من التعاطف أو المساعدة».
وتحدثت كذلك عن «الإهمال الطبي داخل السجن الذي يصل إلى حد التسبب في العجز الدائم وحالات الوفاة المستمرة».
وطالبت بـ«العفو عن كل المحبوسين فوق سن الخمسين من أصحاب الأمراض، وأرباب الأسر، إضافة إلى الطلبة والشباب الذين يتعين خروجهم، وكذلك استمرار الحديث عن معاناة كل المعتقلين وخاصة المعتقلين في محافظة الشرقية».
ش