واشنطن بوست: هل سيتعلم الحزب الجمهوري الأمريكي من سقوط بوريس جونسون؟
عربي تريند_ قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” يوجين روبنسون، إن سقوط رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كشف عن محدودية الوقاحة كقوة عظمى.
وكتب قائلا: “خسر بوجو (لقب بوريس) سحره، ذهب رئيس وزراء المملكة المتحدة الكذوب والمهرج، أو على الأقل فهو في طريقه للخروج. والسؤال الذي سيطرحه المؤرخون هو كيف صعد في المقام الأول؟”.
والجواب السريع هو أنه استخدم الوقاحة كقوة عظمى، لكن صعوده وسقوطه يشير إلى أمر أعمق ومشجع في النهاية، ويشير إلى محدودية الشعبوية التي تلهب حماس مؤيديها.
ويقول روبنسون إنه يتذكر جونسون في التسعينات من القرن الماضي عندما كان الكاتب مديرا لمكتب “واشنطن بوست” في لندن، وكان جونسون صحافيا، ليس بالمعنى التقليدي للصحافي، ويعمل كمراسل في بروكسل لصحيفة “ديلي تلغراف”، الصحيفة المفضلة للمؤسسة المحافظة. وكان جونسون يعمل من مقر الاتحاد الأوروبي، كصحافي طامح ومرفّه محتال.
وفي تلك الفترة كان ألكسندر بوريس دي بيفيل جونسون، قد مرّ في واحدة من مراحل إعادة اختراع شخصيته. ولد عام 1964، لعائلة من المثقفين البريطانيين، عاشت لفترة قصيرة في أمريكا حيث كان يعرف فيها باسم أليكس جونسون. وبعد عودة العائلة إلى بريطانيا، درس في مدرسة إيتون المعروفة وجامعة أوكسفورد، بدأ باستخدام اسمه الثاني بوريس.
وفي بروكسل لعب وبلا نزاهة على فكرة تشكك قراءه القوميين في “إنكلترا الصغيرة” وشكوكهم حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي. وكان يبحث عن معلومات لا قيمة لها في أرشيف الاتحاد الاوروبي، ويحولها لعناوين على الصفحة الرئيسية، مثل أن الاتحاد الأوروبي يدرس تعديل معايير الموز وكيفية انحنائه أو حجم الواقي الذكري. ولم يكن أي منها صحيحا، لكن طريقة جونسون المضحكة جعلته نجما.
وباستخدام نفس الأسلوب، ترفع جونسون ليصبح كاتب عمود، ومحرر مجلة ومعلقا تلفزيونيا ونجما. ومنحته سلسلة من الفضائح الشخصية التي لا يمكن تعدادها في هذا المقال شخصية مارق. وكان مظهر شعره المنفوش يعطي صورة أنه استخدم مقص سياج البيت لقصه. وكان مستعدا لدخول السياسة. وأهم إنجاز لجونسون كعمدة للندن وعضو في البرلمان، أنه استطاع لفت الأنظار إلى شخصه.
وعندما وصلت تيريزا ماي إلى الحكم، عيّنته وزيرا للخارجية كوسيلة للتخلص من مشاكله. ولكنه وجد في مشاكل ماي للتفاوض على معاهدة للخروج من الاتحاد الأوروبي فرصة، وساعد في إسقاطها والصعود إلى قيادة حزب المحافظين. وعلم جونسون أن إرضاء الجماهير الشعبوية التي لا تهتم بالحقائق، هو روح العصر السياسي. ولهذا تخلى قليلا عن التباهي وقرأ جيدا دونالد ترامب، وحقق حلمه عام 2019 ليصبح رئيسا للوزراء.
وبعد ثلاثة أعوام، أُجبر جونسون على الاستقالة بعد تخلي 50 من وزرائه عنه، كتب معظمهم رسائل عبروا فيها عن صدمتهم من كذبه وفضائحه، مع أن هؤلاء الوزراء كانوا يعرفون من هو جونسون منذ أمد طويل. وتخلو عنه عندما شاهدوه وهو يأخذ الحزب ومسيرتهم السياسة معه إلى الحضيض.
ولكن جونسون أشار في خطاب الاستقالة إلى أنه سيبقى لحين تعيين رئيس وزراء جديد. وعبر الكاتب عن أمله في تعلم الحزب الجمهوري الأمريكي والساسة في أماكن أخرى ممن ركبوا موجة الشعبوية حول العالم، من نهاية جونسون، فقد لاحقته الحقيقة وأمسكت به أخيرا، وكانت الحقائق مهمة في النهاية، ولم ينفعه أداؤه الروتيني الذي اعتاد عليه كلما واجه مشكلة.
وسيتذكر البريطانيون الوعود غير الواقعية التي تعهد بها جونسون ولم يف بها. وأهم من كل هذا، فبعدما وعد البريطانيين بأن حياتهم ستكون أفضل بدون أوروبا، لم يكن قادرا على ترتيب التفاصيل الأخيرة من اتفاق الانفصال. ويتوقع الكثير من الاقتصاديين أنه وبسبب البريكسيت، فإن التضخم حول العالم سيكون طويلا ودائما في بريطانيا أكثر من بقية الدول الأوروبية. وسيظل إرث جونسون وهو إرث حزبه معه لأمد طويل.
وأثنى الكاتب على الدعم الثابت من جونسون لأوكرانيا، لكنه لم يستبعد محاولة جونسون العودة، خاصة أنه ينظر لنفسه كتشرتشل معاصر، ومثل ساكن مار- إي- لاغو، دونالد ترامب، فسيظل ينظر لنفسه كأسطورة.