روسيا تساوم على إدخال المساعدات لـ 4 ملايين شخص محاصرين شمال سوريا
عربي تريند_ تتخوف منظمات دولية ومحلية من مغبة استعمال روسيا حق النقض «الفيتو»، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، في العاشر من الشهر المقبل، بهدف إنهاء العمل بآلية المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، والتي أقرها مجلس الأمن الدولي العام الماضي، وذلك ونظراً لتهديد موسكو بإلغاء آليتها، ومساومة المجتمع الدولي على تقديم تنازلات تشرعن للنظام السوري، حصار أكثر من 4 ملايين إنسان في بقعة جغرافية ضيقة وسط تخوف من تفاقم الوضع الإنساني شمال غربي سوريا.
شرعنة نظام الأسد؟
التحذيرات والمخاوف تضاعفت مع اقتراب موعد انعقاد جلسة مجلس الأمن الخاصة بملف دخول المساعدات عبر الخطوط والحدود، لاسيما بعدما نجحت موسكو سابقاً، بإغلاق سبعة معابر من أصل ثمانية، وفرض إيصال المساعدات الإنسانية للشمال الغربي عبر الخطوط القادمة من مناطق النظام السوري، ليبقى التفاوض اليوم على معبر باب الهوى الحدودي – شريان الحياة الأخير.
وفي موازاة ذلك، قدمت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سوريا تحديثها الشفوي لمجلس حقوق الإنسان حول وصول الاحتياجات الإنسانية في سوريا إلى أعلى مستوياتها. وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان، الأربعاء «من غير المعقول أن تركز نقاشات مجلس الأمن على إغلاق معبر (باب الهوى) الحدودي، عوضًا عن البحث عن كيفية توسيع نطاق الوصول إلى المعونة المنقذة للحياة في جميع أنحاء البلاد وعبر كل الطرق المناسبة».
مسؤول في الدفاع المدني لـ «القدس العربي»: لا للمتاجرة بأرواح المدنيين
ولتوصيف حال الأهالي والنازحين وانعكاس توقف المساعدات الإنسانية عبر الحدود، عليهم، قال نائب مدير الدفاع المدني السوري للشؤون الإنسانية منير المصطفى في تصريح خاص «لـ «القدس العربي» إن منظمة الخوذ البيضاء تنظر إلى مسألة إدخال المساعدات عبر الحدود على أنها مسألة غير قابلة للمساومة. وأضاف أن أي تنازل لإدخالها عبر خطوط النزاع بحجة التأقلم مع الأمر الواقع أو الرضوخ، هو شرعنة للدور الروسي في حصار أكثر من 4 ملايين إنسان في شمال غربي سوريا، معلناً رفض المؤسسة وجود أي خطة بديلة لإدخال المساعدات تسمح بشرعنة نظام الأسد عبر استخدام خطوط التماس.
وعبر المصطفى عن اعتقاده أن المساعي الروسية لإدخال المساعدات عبر الخطوط هي «خطة استثمار سياسي تعتمد على استغلال المساعدات المنقذة للحياة لإعادة شرعنة نظام الأسد» مؤكدا أن سبب الأزمة الإنسانية الحالية في شمال غربي سوريا هي بعدم تطبيق القرار 2254. وعبر عن رفض مؤسسة الخوذ البيضاء، تحجيم مطالب السوريين وحصرها باستمرار المساعدات عبر الحدود، ما يريده السوريون هو حل سياسي ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه، وعندها تتضاءل الاحتياجات الإنسانية.
وقال: الوضع مأساوي في شمال غربي سوريا بعد حرب مستمرة منذ 11 عاماً، منطقة محاصرة يعيش فيها أكثر من 4 ملايين إنسان نصفهم مهجرون ومنهم مليون ونصف مليون في المخيمات ستكون حياتهم مستحيلة إذا انقطع عنهم شريان الحياة الوحيد عبر معبر باب الهوى، حقيقة لا يمكنني تخيل ذلك ومجرد التفكير فيه هو أمر محزن، لكني لا أستغرب أبداً من روسيا وهي التي دمرت المشافي والمدارس وارتكبت المجازر وقدمت الدعم العسكري والسياسي لنظام الأسد وكانت حليفته في قتل السوريين أن تقوم بهذا الدور بمحاولات عرقلة تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود لصالح إدخالها عبر خطوط النزاع أي من مناطق سيطرة نظام الأسد، أي أن من قتل وهجر السوريين ودمر مدنهم وقصف بالأسلحة الكيميائي والمحرمة دولياً واستخدم سلاح المساعدات الأممية قبل سنوات في الغوطة ودرعا وداريا وحمص لتجويع المدنيين وتحصيل مكاسب سياسية سيمنح من جديد شرعية أممية لتدخل المساعدات عن طريقه».
كارثة إنسانية
وفي حال أغلق المعبر بالفعل، قال المسؤول لدى منظمة الدفاع المدني «هذا يعني كارثة إنسانية لسكان شمال غربي سوريا والذين هم أصلاً في حاجة إلى فتح معابر أخرى، وستتوقف شحنات الأغذية والمساعدات الإنسانية والطبية الأممية الأخرى فورًا في وقت يمر فيه المدنيون بأزمة اقتصادية خانقة وفقدان لموارد الرزق بعد أن هجرهم النظام وروسيا، وارتفاع الأسعار وانتشار للبطالة». لافتاً إلى أن المساعدات الإنسانية لا تقتصر فقط الإغاثية، بل هناك مساعدات طبية منقذة لحياة المدنيين وسيكون وضع القطاع الطبي كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لا سيما أنه تعرض للاستهداف المباشر من قبل النظام وروسيا.
يأتي ذلك في وقت يعتمد فيه 14.6 مليون سوري على المساعدات الإنسانية، ويواجه 12 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث حذر فريق «منسقو استجابة سوريا» قبل أيام من حالة الهشاشة الشديدة التي يمر بها أكثر من 4.3 مليون مدني شمال غرب البلاد، بينهم 1.5 مليون نازح في مخيمات، ومواقع عشوائية لا تفي بمعايير الطوارئ الدنيا للمأوى والصرف الصحي، لافتاً إلى وصول آلاف النازحين إلى نقطة الانهيار.
وحول الهدف الروسي من استخدام الفيتو وإلغاء العمل بالآلية الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود، اعتبر الخبير الحقوقي عبد الناصر حوشان، أن هذه السياسية ليست جديدة، «فالنظام الروسي كان كل عام يبتز المجتمع الدولي لإجباره على تقديم تنازلات للنظام السوري». والهدف من ذلك وفق تصريح المتحدث لـ«القدس العربي» إعادة الشرعية الكاملة للنظام من خلال تقديم المساعدات بصفته الحكومة الشرعية وبالتالي الإقرار بعدم شرعية كل الإجراءات المتخذة ضده ولكي يكون له الحق في المطالبة بإلغائها والتعويض. وأبدى حوشان تخوفه من أن يكون «المجتمع الدولي عاجزاً عن تقديم بديل عن الآلية المعمول بها دون الرضوخ للابتزاز الروسي» .