لوفيغارو: بوتين يصلّب مواجهته مع الناتو
تحت عنوان “بوتين يصلّب مواجهته مع الناتو”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنه إذا كان للتدخل في أوكرانيا، الذي أطلقه الرئيس الروسي، تأثير متناقض يتمثل في إحباط هدفه المتمثل في إضعاف الحلف الأطلسي، فإن سيد الكرملين لم يتخلَّ عن “خطوطه الحمراء”، المتمثّلة في عدم التوسع والانتشار غير النووي في الشرق.
التدخّل الروسي لن يجني إلا ثمارًا مريرة فيما يتعلق بالهدف الذي أعلنته موسكو لعدة عقود: إضعاف أو حتى اختفاء حلف الناتو.
“لوفيغارو” تساءلت إن كان من الممكن أن يمتد النزاع الأوكراني إلى حلف الناتو، الذي سيجتمع في مدريد هذا الثلاثاء، في قمة ستدوّي فيها أصوات المدافع، موضحة أن السؤال يدور في أذهان الجميع، حيث أظهر فلاديمير بوتين عناده لمدة أربعة أشهر لتحقيق “أهداف” ”عمليته العسكرية الخاصة”، لدرجة أن التدخل العسكري الروسي لن يجني إلا ثمارًا مريرة فيما يتعلق بالهدف الذي أعلنته موسكو لعدة عقود: إضعاف أو حتى اختفاء حلف الأطلسي (الناتو). ومع ذلك، من الواضح أن تراكم الظواهر الكبرى، التي أثارتها أو تسارعت بسبب الحرب في أوكرانيا، أوجد مؤخرًا سيناريو غير موات لموسكو، يتمثل في طلب السويد وفنلندا الانضمام إلى الحلف، وتعزيز القدرات العسكرية الغربية في رومانيا، وربما في البحر الأسود، وزيادة الميزانيات الدفاعية لدول الناتو: جميع عواقب الصراع التي تحمل علامة عدم الثقة المتزايد الذي تثيره روسيا في الغرب. حتى في ألمانيا، حيث سقطت التابوهات (المحرمات) فيما يتعلق بإعادة تسليح البلاد، وتقديم المساعدة العسكرية للقوات المسلحة في كييف، تصرح “لوفيغارو”.
ومضت “لوفيغارو” إلى التساؤل إن كانت هذه الظروف والمعطيات الحالية قد تغري بوتين بالتصعيد، قائلة إنه في مدريد من المؤكد أن الضغط سيتصاعد على روسيا، التي يعتبر مفهوم “الشراكة” معها مجرد ذكرى بعيدة يعود تاريخها إلى ربع قرن. فمن المحتمل أنه خلال القمة سيتخلى الحلف رسميًا عن أي قيود (فيما يتعلق بنشر القوات في أوروبا الشرقية)، وسيتيح لنفسه أن يسترشد فقط بمفهومه لـ “التهديد الروسي”، وفق ما نقلت الصحيفة عن أندريه كورتونوف، مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية، موضحاً أن ذلك يعني أننا، على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي، لن نرى الكتائب فحسب، بل ألوية كاملة وفرقًا على أساس دائم، على حد تعبيره.
مع اقتراب قمة مدريد، أتى ردّ فعل فلاديمير بوتين، و تم تقديم الذريعة له أيضًا من خلال أزمة كالينينغراد، التي اندلعت الأسبوع الماضي بقرار ليتوانيا تقييد الحركة التجارية بالسكك الحديدية مع الجيب المجاور لعضو آخر في الناتو، وهو بولندا.
في قمة مدريد، حيث تدوّي أصوات المدافع، من المؤكد أن الضغط سيتصاعد على روسيا. “الشراكة” معها باتت مجرد ذكرى بعيدة.
“القواعد النووية”
وأشارت ”لوفيغارو” إلى أنه قبل أربعة أيام من الاجتماع في مدريد، استقبل الرئيس الروسي أقرب حليف له، البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في سانت بطرسبرغ. فبالإضافة إلى “قلقه” بشأن “سياسة المواجهة” لبولندا وليتوانيا، انتهز سيد الكرملين الفرصة للتنديد بوجود “200 سلاح نووي تكتيكي، معظمها في ست دول أوروبية أعضاء في الناتو”، مضيفاً أنه “من أجل تشغيل هذه الأسلحة، تم تجهيز 257 طائرة أمريكية وأوروبية”.. ونتيجة لذلك، أعلن أن بلاده ستسلم “في الأشهر المقبلة” صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية نووية إلى بيلاروسيا الكسندر لوكاشينكو. وخلال التبادلات التي نُشرت على موقع الكرملين على الإنترنت، والتي تهدد بمزيد من التوتر في العلاقات بين موسكو والغرب، قال الزعيمان أيضًا إنهما يريدان تحديث الطيران البيلاروسي لجعله قادرًا على نقل الأسلحة النووية. وهي مبادرات تستحضر لهجة “الحرب الباردة” ذاتها التي ستهيمن في مدريد.
كما لمّح الزعيم الروسي عدة مرات، في الأشهر الأخيرة، إلى استخدام النيران النووية. وذلك لأن الناتو في نظره لم يتغير. فوفقًا له، فإن “الحلف الأطلسي ما يزال يمثل تهديدًا، لأسباب تاريخية، باعتباره جهة فاعلة” مزعزعة للاستقرار كما كان الحال، في نظر موسكو، في كوسوفو في عام 1999 أو في ليبيا في عام 2011، كما نقلت “لوفيغارو” عن إيغور ديلانوي، نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو.
وتابعت الصحيفة الفرنسية التّذْكير أنه في مواجهة دول الناتو الواقعة بالقرب من أراضيها، وضعت روسيا “خطين أحمرين”: عدم إقامة قواعد عسكرية، وعدم نشر أسلحة نووية. وهما ذريعتان يمكن لبوتين أن يتذرّع بهما للتدخل عسكريًا، كان هو الحال في 24 فبراير ضد أوكرانيا، ولكن أيضًا للمناقشة والتفاوض. وظهر هذان الشرطان أيضًا في مسودة المعاهدة المجهضة التي أرسلتها موسكو في ديسمبر الماضي إلى حلف الناتو.
ندّد بوتين بوجود “200 سلاح نووي تكتيكي في دول أوروبية أعضاء في الناتو”،.. ونتيجة لذلك، أعلن أن بلاده ستسلّم صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية نووية إلى بيلاروسيا.
ويمكنهم العمل مرة أخرى، إذا لزم الأمر، في المستقبل، كأهداف للتفاوض، وفقًا لإيغنر ديلانوي، نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو. يشير هذا الخبير بالفعل إلى أنه عندما طلبت السويد وفنلندا مؤخرًا الانضمام إلى الحلف، أوضح فلاديمير بوتين أنه ليس تهديدًا، لأنه لن تكون هناك قواعد أمريكية في فنلندا، ولن يتم نشر أسلحة نووية. وتتوافق هذه الحجة مع حجة أولئك الذين يزعمون أن بوتين يعرف “قواعده النووية”، ولا يرغب في تجاوز الروبيكون. يضاف إلى ذلك عامل آخر وهو أن “الصين لن تسمح بحدوث ذلك …”، كما تنقل “لوفيغارو” عن مصدر وصفته بالجيد.