ديلي تلغراف: بوتين استعاد المبادرة العسكرية في أوكرانيا وجيشه يتقدم ولو ببطء
عربي تريند_ نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تعليقا للعقيد ريتشارد كيمب، قائد المشاة السابق ورئيس مجموعة كوبرا للاستخبارات، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو أنه استعاد المبادرة العسكرية في أوكرانيا. وقال إن بوتين استغل رضى الغرب عن نفسه وشنّ حرباً رداً عليه.
وأضاف أن انتصارا في دونباس لو استطاع بوتين تأمينه لن يكون نهاية للعبة العسكرية التي بدأها في أوكرانيا، فهو يريد إخضاع كل البلد وإهانة الناتو والولايات المتحدة. وانتقد الكاتب وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، والرئيس إيمانويل ماكرون، وغيرهما، ممن يرون نهاية الحرب تتعلق بتنازلات أوكرانية لموسكو، قائلا إن هؤلاء لا يفهمون نقطة أساسية، وهي أن تفكير بوتين يذهب أبعد من تأمين المناطق الشرقية في أوكرانيا، ولديه الوقت والنفوذ أكثر مما افترض الغرب.
وأضاف أن الكثير من المعلّقين حذّروا الغرب من الرضا عن النفس، بعدما فشل بوتين بالسيطرة على أوكرانيا بضربة واحدة عندما بدأ غزوه في شباط/فبراير. صحيح أن القوات الروسية أظهرت عجزاً وضعفاً في المعنويات، لكن من الواضح أن إعادة تجميع القوات، يمكن أن تحقق بعضاً من أهدافه، وهذا بالضبط ما يحدث الآن، حيث بدأت الموجة تسير عكس الأوكرانيين في دونباس ولوهانسك. وحققت موسكو مكاسب على الأرض هناك، وبشكل ثابت، وكبّدت الأوكرانيين خسائر فادحة. واعترف الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي، في الأسبوع الماضي، أن 100 جندي من قواته يقتلون في كل يوم في الشرق. وستكون حرب الاستنزاف مهلكة لمعنويات الجيش الأوكراني وقدرته على القتال.
انتقد كاتبٌ كيسنجر وماكرون، وغيرهما، ممن يرون نهاية الحرب تتعلق بتنازلات أوكرانية لموسكو، فهؤلاء لا يفهمون أن تفكير بوتين يذهب أبعد من تأمين المناطق الشرقية في أوكرانيا، ولديه الوقت والنفوذ أكثر مما افترض الغرب.
ولأننا نعرف الأساليب القتالية الروسية، فمن غير المحتمل أن يتكبّد الروس خسائر كبيرة. ويواجه الجيش الأوكراني مصاعب لمواجهة القصف المدفعي والجوي المستمر، والذي يتبعه هجمات بالدبابات والقوات البرية، ولهذا فهي في تراجع مستمر. وفي بعض الأحيان يكون التراجع تكتيكياً للحفاظ على مواقع يمكن الدفاع عنها، ولكن في معظم الأحيان، اضطر الأوكرانيون على الانسحاب.
وتواجه مدينة سيفرودونستيك خطر السقوط بيد الروس، ولو حدث هذا إلى جانب ليستشانسك، فستكون معظم منطقة لوهانسك بيد الجماعات الموالية للكرملين. ويعتبر هذا هزيمة قوية لأوكرانيا والغرب. ويقول زيلينسكي إن الأسلحة الروسية تتفوق على ما لدى الأوكرانيين بنسبة 20 إلى واحد في الشرق.
ولم يصل من الأسلحة التي وعد بها الناتو سوى القليل لحرف ميزان المعركة. ويقال إن الجيش الروسي حسّن من أساليبه لمواجهة الأسلحة المضادة للدبابات التي أدت لخسارة الروس الكثير من الدبابات في الأيام الأولى من النزاع، كما أن الصواريخ التي قدمها البريطانيون (أن أل إي دبليو) الفعالة، والتي لم تعد تصل بكميات كافية. وحتى لو بقي التقدم الروسي تدريجياً وبطيئاً، كما يقول المتحدث باسم البنتاغون، وسيترجم هذا التقدم مع مرور القوت على شكل تقدّم مهم. والمشكلة هي فشل القوات الأوكرانية القيام بهجوم واسع ضد القوات الروسية، رغم الدعم العسكري الضخم الذي قدمه الناتو والاستخبارات.
وظلت قوة الأوكرانيين متركزة في الدفاع وليس التقدم، الذي كان يحدث عند انسحاب القوات الروسية. ومن هنا فالتفاؤل بقدرة الأوكرانيين على دفع القوات الروسية إلى الحدود كان بعيداً عن الواقع الحقيقي. ويعرف الوزراء في كييف الواقع هذا، والذين باتوا يستمعون للنداءات اليائسة حول سيطرة الروس. وبالنسبة لمنطقة لوهانسك، فهي صغيرة نسبيا، والسيطرة عليها ستكون نقطة البداية لعودة بوتين إلى القتال.
ستكون حرب الاستنزاف مهلكة لمعنويات الجيش الأوكراني وقدرته على القتال.
وفي الجنوب حققت موسكو مكاسب كبيرة، وبسقوط ماريوبول، فقد استطاعت بناء جسر بري مع شبه جزيرة القرم والاراضي الروسية. وربما كانت المرحلة المقبلة هي هجوم جديد على ميناء أوديسا بهدف السيطرة على كل الشواطئ الأوكرانية على البحر الأسود، وحتى ترانسنستريا وتهديد مولدوفا، المرشحة لعضوية الناتو.
ويظل توقيت هذا التحرك مرتبطا بوضع القوات الروسية في نهاية حملة دونباس. وربما شجع بعض المستشارين في الكرملين بوتين للإعلان عن النصر والتفاوض على وقف إطلاق النار، والذي سيكون، كما رأينا في عام 2014، الحفاظ على المواقع، ولكن هناك رغبة للدفع باتجاه الغرب. وبعد كل هذا، فالرئيس الروسي يمكنه رؤية أن أعداءه في ساحة المعركة متعبون، وأن الغرب سيواجه التضخّم، وصدمة نقص الطاقة والغذاء. وبلا شك سيحاول الاستفادة من كل هذا على حساب الشعب الأوكراني.