فايننشال تايمز: دروس اللاجئين السوريين مهمة للغرب فيما يتعامل مع أوكرانيا
عربي تريند_ قارنت فيكتوري لبوتون، مؤسِّسة ومديرة المنظمة غير الحكومية “سيناريو”، بين مأساة اللاجئين السوريين واللاجئين من أوكرانيا اليوم، مشيرة إلى أن اللاجئ يظل لاجئاً مهما كانت درجة الضيافة والترحيب التي تقدمها الدول المضيفة لهم.
وقالت: “بالنسبة للسوريين، فأساليب فلاديمير بوتين في أوكرانيا معروفة لهم: حصار وقصف المناطق المدنية ومذابح وتقارير عن استخدام الاغتصاب كسلاح. وعادية أيضا وبدرجة متساوية هي أزمة اللاجئين الناتجة عن الحرب، فحتى هذا اليوم أجبر حوالي 6.6 مليون سوري و5 ملايين أوكراني على الفرار من بيوتهم وهناك الملايين أصبحوا مشردين في داخل وطنهم”.
ستظهر التوترات مع مرور الوقت، فرغم الضيافة الملهمة التي أبداها البولنديون تجاه الأوكرانيين، فستظهر التصدعات، وبخاصة أن البلدين يشتركان في تاريخ مضطرب
وقالت لبوتون إن أزمة اللجوء العظيمة في العقد الماضي تحمل الكثير من الدروس لهذا العقد، “وأملي أن تتعلّم الحكومات من التجربة السورية، وهي تقوم بتوطين اللاجئين الأوكرانيين. وحتى لا تتكرر الأخطاء”.
أولاً، ضرورة تذكر الدول المضيفة أن اللاجئين يظلّون لاجئين ولمدة طويلة. وعلى المستوى العالمي، فمدة اللجوء تصل إلى 20 عاماً. ففي الوقت الذي تصل في المواد الطارئة وجمع الأموال فإن العمل الأقل إثارة بطيء ويحتاج إلى وقت. وأضافت “ستظهر التوترات مع مرور الوقت، فرغم الضيافة الملهمة التي أبداها البولنديون تجاه الأوكرانيين، فستظهر التصدعات، وبخاصة أن البلدين يشتركان في تاريخ مضطرب. وستتفاقم هذه المشاكل في البلدان الفقيرة التي تستضيف أعداداً كبيرة. وقد حدث هذا في سهل البقاع اللبناني، وربما حدث في الإقليمين الفقيرين البولنديين قرب الحدود مع أوكرانيا”.
وقالت لبوتون إن العائلات اللبنانية رحّبت باللاجئين مع بداية الحرب الأهلية السورية، لكن المزاج تعكّر بحلول 2014 عندما شملت المعاناة الاقتصادية الجميع. ولم تساعد وكالات الإغاثة بالوضع عندما ركزت برامج توزيع المساعدات على السوريين فقط.
و”في عام 2016 قابلتْ مجموعة من الصيادين اللبنانيين أجبروا على رفض منحة من الاتحاد الأوروبي، الذي اشترط أن تكون غالبية المنتفعين من المنحة سوريين”. وقال أحد الصيادين “لكن اللاجئين لا يعرفون الصيد ولا يقتربون من الشاطئ”.
ولمنع إثارة التوترات، على الحكومات والمنظمات أن يكون لديها خطط بعيدة المدى لدعم المجتمعات المضيفة والقادمين الجدد. كما أن المبادرات الصغيرة وذات المدى البعيد، والتي يصممها المتلقّون للخدمة، وأكثر فعالية من حيث الكلفة، مثل مراكز “تحدي” في لبنان.
ويشعر السكان المحليون بأنهم يملكون المبادرات هذه، ويهتمون والحالة هذه بنجاحها. والمشكلة أن هذه البرامج عادة ما تنهار من خلال تمويل بيروقراطي غامض. ولهذا فيجب توفر تمويل مرن، وبطرق إبداعية لحرف عبء العمل المطلوب من الدول المانحة الكبيرة بعيداً عن المنظمات الصغيرة. وعلينا ألا نتجاهل التحديات المحددة المتعلقة باللاجئات اللاتي يتحولن إلى المصدر الوحيد لتوفير العناية للأطفال والكبار، أو أنهن ناجيات من عنف الذكور عليهن. ولهذا فالمنح الصغيرة لمبادرات تقودها النساء وتوفير الأماكن الآمنة لهن، وبرامج قيادة تظل مهمة وتساعدهن على قيادة مجتمعاتهن وهن في المنفى.
المنح الصغيرة لمبادرات تقودها النساء وتوفير الأماكن الآمنة لهن، وبرامج قيادة، تظل مهمة وتساعدهن على قيادة مجتمعاتهن وهن في المنفى.
وهناك فرصة أوسع في هذه الأزمة، وهو تحويل الإجماع نحو مساعدة كل اللاجئين، وبعيداً عن بلدانهم التي جاؤوا منها. فعدم الارتياح من ترحيب الحكومات الغربية للاجئين الأوكرانيين مقارنة مع ردعها للاجئين القادمين من عالم الجنوب أمر مبرر. وبدلا من حرف المسؤولية والتعاقد مع رواندا للتعامل مع اللاجئين، فعلى الحكومة البريطانية إظهار قيادة أخلاقية وسياسية وتحديد كوتا للاجئين من أوكرانيا ومناطق أخرى. وتقدم خطة النائب البريطاني المحافظ روري ستيوارت لتوطين اللاجئين خريطة طريق لهذا. وبنفس الطريقة، فتفعيل الاتحاد الأوروبي السريع لتوجيهات الحماية المؤقتة التي لم تستخدم أبداً، ويمنح بموجبها اللاجئ الأوكراني الإقامة لمدة 3 سنوات وحق مباشر للعمل كأساس لمعاملة اللاجئين من دول أخرى. وما هو مطلوب الآن هو سياسات لا تساعد الأوكرانيين فقط، ولكن اللاجئين في المستقبل. وحتى نتوصل للنهج الصحيح، فسيجد اللاجئون صعوبة في الاندماج ويظلون، والحالة هذه، ورقة مقايضة وأسلحة جيوسياسية بشكل يعمل على تآكل الكرامة الإنسانية التي قامت عليها الديمقراطية الغربية.