نيويورك تايمز: انتخابات لبنان أزاحت بعض الأحجار والتغيير الشامل بعيد
علقت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لمراسلها في بيروت بن هبارد، على نتائج الانتخابات البرلمانية في لبنان بأنها أزاحت عددا من الأحجار في النظام القديم لكنها لم تؤد لنتائج تسمح بعملية إصلاح شاملة في هذا البلد الصغير على البحر المتوسط.
وقال إن حزب الله، الجماعة اللبنانية المسلحة خسرت مقاعد في كتلتها بشكل يحرمها الأغلبية في البرلمان الذي انتخب فيه 128 مرشحا. فقد حرم الناخبون الجماعة المتشددة وحلفاءها السياسيين من الغالبية في البرلمان ودفعوا بعدد من المرشحين المستقلين.
وكانت الانتخابات التي نظمت يوم الأحد هي الأولى التي رد فيها الناخبون وبشكل رسمي على أداء قادتهم منذ بداية الأزمة المالية التي أفقدت العملة الوطنية قيمتها ودفعت اقتصاد لبنان نحو الانهيار. وهي الأولى منذ الانفجار الضخم في ميناء بيروت بآب/ أغسطس 2020 والذي ربط بسوء الإدارة والفساد وقتل أكثر من 200 شخص ودمر مناطق واسعة من العاصمة.
وأشارت الصحيفة لمشاركة الأحزاب المعروفة والوجوه التي هيمنت على الساحة السياسية، إضافة إلى عدد من الوجوه الجديدة التي وعدت بالتغيير. وسيواجه النواب الجدد مشكلة صعبة لتعيين رئيس وزراء جديد وحكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ تساعد على وقف أزمة الاقتصاد التي وصفها البنك الدولي بأنها من أسوأ الأزمات التي شهدها العالم منذ قرن ونصف.
ويقول بن هبارد إن الخريطة البرلمانية ستتضح مع تشكيل التحالفات وبدء التشريعات، وما هو واضح في نتائج انتخابات الأحد هي أنها حرمت حزب الله وحلفاءه من الأغلبية التي تمتعوا بها منذ 2018. إلا أن لدى الحزب قاعدة موالية بسبب مواقفه المعادية لإسرائيل وشارك مقاتلوه في نزاعات تتراوح من سوريا والعراق إلى اليمن. ولديه أيضا وزراء يتمتعون بقوة من خلال تشكيل تحالفات مع أحزاب أخرى. واحتفظ الحزب بكل مقاعده الـ13 التي فاز بها إلا حلفاؤه خسروا مقاعد تجعل مكاسب الكتلة تحت 65 مقعدا وهو الرقم المطلوب للحصول على الغالبية.
وستعقد النتيجة من أوضاع لبنان السياسية، فعدم حصول كتلة على الغالبية سيجعل من تمرير القرارات مشكلة، وبخاصة تلك المتعلقة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي وإنقاذ الاقتصاد.
وفاز في الجولة الأخيرة من الانتخابات مرشحون هم من حركة الاحتجاج في عام 2019 والتي طالبت بتغيير البنية السياسية القديمة. ويشمل البرلمان الجديد ثماني نساء وهو رقم قياسي إلى جانب المستقلين. وقالت ليلي بوموسى التي ترشحت كمستقلة ولم تنجح إن “روح التغيير داخل البرلمان قد بدأت” و”لو استطاعوا تنظيم أنفسهم ككتلة واحدة فربما عملوا شيئا ضد كتلة الأحزاب”.
وقال سامي عطا الله، مدير مؤسس “مبادرة سياسات الغد” إن القادمين الجدد للبرلمان ربما أضافوا دينامية جديدة، وقال “لدينا برلمان يشبه الفسيفساء ووجود الوجوه الجديدة مهم لأنهم سيدفعون باتجاه الأفكار الجديدة ويوقفون الضارة”. مضيفا أن القادمين الجدد يحملون أفكارا متباينة حول كيفية إصلاح البلد، وليس من الواضح فيما إن كانوا سيعملون معا. وعليهم الرضى بالساسة المعروفين ممن لديهم صلات قوية مع النظام المصرفي الذي اعترفت الحكومة أنه خسر 72 مليار دولار. كما أن خسارة حزب الله وحلفائه الغالبية لن تؤثر على سلاح الحزب الذي لا يخضع للدولة، مما يعني أن البرلمان لا يمكنه نزعه منه أو يؤثر على كيفية استخدامه.
وقال عطا الله “يتحكم بنا معسكران ليسا خافيين ولكنهما يديران العرض”. وكان التيار الوطني الحر، حزب الرئيس ميشال عون وحليف حزب الله، من بين الخاسرين، وسيواجه البرلمان امتحانا لتعيين رئيس جديد بعد نهاية ولاية عون، 88 عاما، في تشرين الأول/ أكتوبر.
ولام زعيم الحزب، جبران باسيل القوى الخارجية مسؤولية خسارة حزبه، وقال في تغريدة على تويتر إن حزبه ليس في حرب مع بقية الأحزاب ولكن مع الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما. وفرضت الولايات المتحدة في العام الماضي عقوبات على باسيل بتهم الفساد، وهو ما ينفيه.
وخسر وئام وهاب، النائب الدرزي وحليف حزب الله مقعده وقال لأنصاره “آسف على الخيانة التي تعرضنا لها من الذين صدقوا الأكاذيب واختاروا الإهانة على الحرية”. وخاطب الناخبين “خبرونا بعد عام عن إنجازات ممثليكم”.
وفاز حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، أمير الحرب السابق في الحرب الأهلية التي انتهت عام 1990 بـ21 مقعدا مما يجعله أكبر كتلة في البرلمان. وهو من أشد الناقدين لحزب الله ويحظى بدعم من السعودية. واحتفظ عدد من الحرس القديم من النواب بمقاعدهم، بمن فيهم اثنان وجه قاضي التحقيق في انفجار بيروت تهما لهما: علي حسن خليل وغازي زعيتر، وعملا على إفشال التحقيق.
وكانت المشاركة في الانتخابات متدنية عن السنوات الماضية، بنسبة 41% ممن يحق لهم التصويت، وعلل محللون السبب باللامبالاة والهجرة وعدم توفر الوقود للناخبين والذهاب إلى قراهم للتصويت.
واتسمت الانتخابات بالتجاوزات حيث نشرت لجان المراقبة اللبنانية ومنصات التواصل لقطات فيديو عن أنصار الأحزاب وهم يتحرشون بمعارضيهم وملاحقتهم إلى مراكز الاقتراع والتأثير على خياراتهم بالمال.
ووصفت مجموعة مراقبة أرسلها الاتحاد الأوروبي الانتخابات في تقرير أولي يوم الثلاثاء بـ”الحية وشابتها حالات من الترهيب بما في ذلك عبر منصات التواصل ومحاولات عرقلة الحملات”. وقالت إن الحملة سادتها عمليات شراء الولاءات بالمال وسيادة ثقافة المساعدات العينية والمالية للناخبين من مؤسسات يملكها المرشحون والأحزاب”.