تمديد حالة الطوارئ الأمريكية بحق النظام السوري
عربي تريند_ وقع الرئيس الأمريكي، جو بايدن أمراً تنفيذياً يمدد حالة «الطوارئ الوطنية» المتعلقة بالإجراءات المتخذة بحق حكومة النظام السوري، وسيطبق الأمر بعد يوم الأربعاء، 11 مايو /أيار على اعتبار أن الإجراءات لا تزال تشكل «تهديداً غير عادي» للولايات المتحدة.
ونشر البيت الأبيض، قبل أيام، بياناً قال فيه إن «وحشية النظام وقمعه للشعب السوري، الذي دعا إلى الحرية والحكومة التمثيلية، لا تعرّض الشعب السوري نفسه للخطر فحسب، بل تولّد أيضًا حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة» معتبر أن تصرفات النظام السوري وسياساته، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية ودعم المنظمات الإرهابية، تشكّل تهديدًا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة.
وسيكون الأمر التنفيذي رقم 13608 سارياً بعد يوم الأربعاء 11 من أيار 2022، وفقاً للمادة 202 من قانون الطوارئ الوطنية المتعلقة بالإجراءات المتخذة بحق حكومة النظام السوري. ويُلاحظ أن القرار جاء بعد أقل من نصف سنة من تمديد إدارة الرئيس جو بايدن حالة الطوارئ بشأن سوريا، وكذلك الاختلاف بالأسباب الداعية لها.
وفي أكتوبر /تشرين الأول من العام الفائت، مدد الرئيس الأمريكي، جو بايدن حالة الطوارئ في سوريا لمدة عام كامل، عازياً السبب إلى «الأفعال التي أقدمت عليها حكومة تركيا بتنفيذ هجوم عسكري على شمال شرقي سوريا، تقوض الحملة الهادفة لهزيمة تنظيم داعش وتعرض المدنيين للخطر». وفي بيان للبيت الأبيض جاء فيه «تستمر (تركيا) في تشكيل تهديد غير عادي على الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة» وكانت المرة الأولى التي يتم فيها تمديد حالة الطوارئ الخاصة بسوريا، في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن.
المستشار السياسي، ومدير مركز جسور للدراسات الاستراتيجية محمد سرميني، بيّن في حديث مع «القدس العربي» تأثير هذا القرار على النظام السوري، حيث قال «تم ربط التمديد هذه المرّة بانتهاكات النظام السوري واعتبارها تهديداً لاستقرار المنطقة، بينما كانت في القرار السابق على بالأنشطة العسكرية لتركيا باعتبارها تهديداً للعمليات ضد تنظيم داعش».
ويعكس القرار بشكل واضح «رغبة الولايات المتحدة في تخفيض حدّة التوتر مع تركيا رغم تصاعد العمليات التي تشنّها في سوريا مقارنة بالعام السابق، مقابل ممارسة مزيد من الضغوط على النظام وبالتالي على حلفائه وتحديداً روسيا وإيران واللتين أشار إليهما بشكل صريح هذا الإشعار على غير العادة».
وحول أهمية القرار، وأقصى ما يمكن توقعه منه، قال سرميني «يمكن فرض مزيد من العراقيل على جهود فك العزلة عن النظام، إضافة إلى تحقيق أي تقدّم يخدم النظام في العملية السياسية أي عدم توفير ظروف لتطبيق مقاربة الخطوة بخطوة، بدون أن يعني ذلك تعطيل العملية السياسية في إطار اللجنة الدستورية. ويُمكن أن يُشجّع هذا القرار تركيا على تنفيذ مزيد من العمليات الأمنية ضد حزب العمال الكردستاني في سوريا».
وإزاء عدم اتخاذ واشنطن خطوات أكثر جدّية تجاه ردع النظام، المستمر منذ أكثر من 10 سنوات في سياسته ومحاربته الشعب السوري، أبدى المتحدث اعتقاده بأن ذلك مرتبط باتجاهات السياسية الخارجية حول المنطقة والتي ما تزال تتعلّق بحسابات إقليمية ودولية أكثر منها سوريا.
ويرى خبراء معارضون للنظام السوري، أن القرار الأمريكي «جيد» وهو مطلب كل سوري، وهو ما عبّر عنه المحامي والخبير القانوني أنور البني حيث أبدى اعتقاده بأن تجديد حالة الطوارئ «ستفرض على النظام السوري مزيداً من الحصار والعزلة والعقوبات، كما أنها تتعدى ذلك لتشمل كل المجرمين في سوريا».
وقال البني في حديث مع «القدس العربي» إن تجديد حالة «الطوارئ الوطنية» بما يتعلق بإجراءات النظام السوري، عاماً آخر هي «مسألة إيجابية، كما أن متابعة تنفيذ قانون قيصر مسألة مهمة لزيادة الحصار ليس فقط على كل المتهمين بجرائم ضد الانسانية، بل كل من يدعمهم أيضاً».
وحول مطالبة السوريين والمنظمات الحقوقية والإنسانية المتكررة، بخطوات أكثر حزماً اتجاه النظام السوري، قال الخبير القانوني إن «الولايات المتحدة قالت منذ الأساس أنها لن تدخل الحرب في سوريا، وكذلك في أوكرانيا، لكن موضوع الدعم بالسلاح هذا له علاقة بأن المعارضة السورية لم تنشئ جهة عسكرية منضبطة ومنظمة، يمكن التعويل عليها للأسف».
واتخذ الرئيس الأمريكي هذه الإجراءات للتعامل مع التهديد غير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة، والذي تشكّله تصرفات حكومة النظام في دعم الإرهاب، والحفاظ على احتلالها القائم آنذاك للبنان، ومتابعة أسلحة الدمار الشامل وبرامج الصواريخ، وتقويض الجهود الأمريكية والدولية فيما يتعلق باستقرار وإعادة إعمار العراق. كما أدان البيان العنف الوحشي وانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي يمارسها نظام الأسد وداعموه الروس والإيرانيون. ودعا النظام السوري وداعميه إلى وقف حربه العنيفة ضد شعبه، ووقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق لجميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254.
وكان الكونغرس الأمريكي مرّر قانون الطوارئ الوطنية عام 1976، وهو حق يمنحه للسلطة التنفيذية، وعلى رأسها الرئيس، للتعامل مع الأزمات الطارئة، كما يحق للرئيس أن يتجنب أي قيود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات، بشرط تأكيد وجود تهديدات غير طبيعية وخطيرة على الأمن القومي والمصالح الأمريكية، وبموجب هذا القانون، يسمح للرئيس بفرض حالة الطوارئ قابلة للتجديد لمدة عام واحد.