بوليتيكو: لا توجد إبادة في أوكرانيا بل فظائع.. وبايدن يواصل تقاليد سلفه ترامب بالخروج عن النص
عربي تريند- نشر موقع “بوليتيكو” مقال رأي لمحرر “ناشونال ريفيو” ريتش لاوري، عارض فيه تصريحات الرئيس جو بايدن عن ارتكاب روسيا جرائم إبادة في أوكرانيا. وعلّق أن الجرائم التي يرتكبها الرئيس فلاديمير بوتين فظيعة، ولكن توصيف الرئيس بايدن لها بالإبادة خطأ، وفيه إمكانيات التسبب بالضرر.
ورأى أن بايدن انحرف في تصريحاته عن سياسة إدارته و”هذه المرأة بشأن السؤال المشحون حول أفعال روسيا في أوكرانيا وارتكابها إبادة هناك“. وقال بايدن “نعم” لكن إدارته قالت “لا” أو “أننا ننظر في الأمر”. وأضاف أن إعلان بايدن ظل بدون تعليق يناقضه لمدة أطول من تصريحه الذي دعا فيه للإطاحة بالرئيس بوتين. وفي بيان معد سلفا يوم الثلاثاء، قال بايدن إن الثمن الذي ندفعه في الولايات المتحدة يجب ألا يعتمد “على فيما أعلن ديكتاتور حربا وارتكب إبادة في نصف العالم الآخر”. ثم أكد بايدن في تصريحات للصحافيين: “نعم أصفها بالإبادة” و”لأن من الواضح مرة بعد أخرى أن بوتين يريد مسح فكرة حتى أن تكون أوكرانيا” و”سنطلب من المحامين التأكد دوليا إن وصل الأمر لحد الإبادة، بالتأكيد يبدو الأمر كذلك”.
ودعا الكاتب إلى انضباط في الثقافة الأمريكية التي لا يهتم فيها أحد بالتزام الحذر عندما يصدر تعليقاته، ومن الأجدر الطلب من رئيس الولايات المتحدة إظهار مزيد من الانضباط. ويعتقد لاوري أن الرئيس بايدن يواصل تقاليد بدأها الرئيس السابق دونالد ترامب والذي كان يطلق تصريحات تناقض سياسة إدارته. وحتى الأسبوع الماضي، كان بايدن يرفض القول إن الجرائم الروسية وصلت إلى مستوى الإبادة. وامتنع مستشاره للأمن القومي عن دعمه، مجادلا أنه لا توجد أدلة كافية لدعم التهمة. وعندما ضغط عليه مقدم “سي أن أن” جيك تابر حول الموضوع، رد سوليفان إنه لن يقترب حتى من الكلمة. والآن يقول المسؤولون في الإدارة إن الرئيس عبّر ما يشعر به في قلبه، حسب مساعدة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند، أو أنه حسب المتحدث باسم الخارجية نيد برايس: “كان يتحدث عن انطباع”. وقالت المتحدثة باسم الأبيض جين ساكي إن الرئيس “مسموح له بأن يعبر عن آرائه في أي وقت يريد”.
وربما كان التراجع مناسبا، ذلك أن هناك الكثير من الأمور التي تتهم فيها روسيا بارتكابها في أوكرانيا من شن حرب غير مبررة، إلى إظهار عدم المبالاة بحياة المدنيين، إلى ارتكاب جرائم حرب، لكن القيام بإبادة ليست واحدة من هذه التهم. فمفهوم الإبادة يجب أن يعني أمرا غير ارتكاب أفعال فظيعة ويشجبها كل الناس الشرفاء، وإلا فقدت الكلمة مضمونها ومعناها. وتعرف الأمم المتحدة الإبادة بأنها جريمة “ترتكب بنيّة تدمير جماعة قومية، إثنية، عرقية أو دينية بالكامل أو جزئيا”.
والروس متهمون بالوحشية الكبيرة في أوكرانيا، إلا أنه لا توجد أدلة على أنهم يريدون محو الأوكرانيين. فقد كانت خطتهم في البداية هي إزاحة الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي عن السلطة وتنصيب نظام موال لموسكو في كييف. ولو كانت هذه الفرصة متاحة، لعبّر الروس عن ارتياحهم بوجود نظام عميل لهم وأوكرانيا مذعنة، ويبدو أنهم افترضوا هذا في بداية الغزو.
وبعد خطأ التقدير في كيفية رد الأوكرانيين وشجاعتهم وتماسك الغرب، فقد انسحب الروس من كييف. وتقوم الإستراتيجية الجديدة على أخذ مناطق في جنوب وشرق أوكرانيا وفرض تسوية غير محبذة للجانب الأوكراني. ويعد هذا نهجا يخدم الذات بكل ما يحمله من فرض الواقع عبر راجمات الصواريخ، لكنه لا يصل إلى حد الإبادة. وإن كانت هناك وحشية وتعطش للدم في الحملة الروسية ضد اوكرانيا، إلا أن الإستراتيجية هذه ليست مقتصرة على هذا البلد فقط، فقد استخدموا نفس الأساليب في الشيشان وسوريا وأفغانستان، فهذه هي طريقة الروس في إدارة الحروب.
وحتى في أوكرانيا، فوحشية الروس لا تفرق إثنيا أو ثقافيا، كما في حملتهم ضد ماريوبول، المدينة ذات الغالبية المتحدثة بالروسية. ورحب الرئيس الأوكراني بتصريحات بايدن، فالأوكرانيون يريدون أن تكون التهمة من ضمن النقاش، ولا توجد طريقة أخرى لنزع الشرعية عن الغزاة الروس. ولا يوجد واجب رسمي للتحرك ووقف الإبادة، ولكن اتهاما كهذا يعيد ذكريات الهولوكوست ويخلق ضغطا أخلاقيا للتحرك.
ويعتقد الكاتب أن سبب لجوء بايدن لتصريحات كهذه، هي محاولته البحث عن طرق يتوقف فيها عن بذل جهد شامل لتقديم الدعم لأوكرانيا، فهو يحاول التفريق بين الأسلحة الدفاعية والهجومية التي تقدمها إدارته لأوكرانيا.
ويتساءل الكاتب إن كان ما يجري في أوكرانيا إبادة، فلماذا يرفض الأمريكيون السماح للأوكرانيين الإقلاع بطائرات ميغ من قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا؟
ويقول: “لو كنا نواجه عملا فظيعا كهذا، فإقلاع الطائرات يظل خطرا ثانويا. ومهما قيل واستخدم من كلمات لوصف الغزو الروسي، فلن نرى في النهاية مواجهة بين الناتو والروس. وسواء كان بايدن وإدارته مصيبين في استخدام المصطلحات، فالعمل الأصح هو توفير السلاح الذي يحتاجه الأوكرانيون وبأسرع طريقة. وفي النهاية فالامتحان في أوكرانيا ليس ما يقوله بايدن، بل ما يفعله”.