بعد 50 يوما من الحرب.. موسكو تريد استعادة أجزاء من “روسيا الصغرى” وإقامة سياج عسكري شرق أوكرانيا
عربي تريند_ أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسبوع الحالي التركيز العسكري على منطقة دونباس شرق أوكرانيا وجعلها مستقلة عن السلطة في كييف ثم مناطق ساحلية لتحقيق حلم استعادة أجزاء من روسيا الصغرى. وهذا يعني الأجندة العسكرية الحقيقية التي أثارت الكثير من الجدل العسكري في الغرب.
وكان بوتين قد أعلن يوم 22 فبراير الماضي قرار الدفاع عن استقلال كل من جمهوريتي لوغنسك ودونيتيسك في إقليم دونباس عن أوكرانيا بحجة الدفاع عن مواطنين لهم جذور روسية. ويوم 24 من الشهر نفسه، أعلن الحرب على مجموع أوكرانيا. وكان انتشار القوات الروسية في أوكرانيا بين الشرق والشمال من بيلاروسيا وشواطئ البحر الأسود قد خلق غموضا بشأن الأجندة العسكرية الحقيقية لموسكو في هذه الحرب. وكانت قيادات الغرب العسكرية مترددة في إجراء تقييم حقيقي للانتشار العسكري، في حين كانت القيادات السياسية تتحدث عن قرار موسكو غزو العاصمة كييف واحتلال البلاد.
وكان أكثر من مسؤول عسكري غربي قد استبعد فرضية احتلال روسيا لأوكرانيا لأن القوات العسكرية التي دخلت بها الى هذا البلد لن تسمح لها بذلك، وبالتالي كانت موسكو تخطط لسيناريو مختلف. في هذا الصدد، يقول رئيس الأركان الإسبانية السابق فيرناندو أليخاندري لجريدة «20 دقيقة» التي تنشر بلغات مختلفة أن «روسيا لا تنوي احتلال أوكرانيا لأنها دخلت بفيالق محدودة، ونجحت في القضاء على الطيران الأوكراني، ورأينا تلك القافلة التي طولها 60 كلم ولا أحد يستطيع مهاجمتها”.
وبدأ يتضح الآن أن تلك القافلة العسكرية الطويلة التي بلغت أكثر من ستين كلم حول أوكرانيا كانت تهدف الى تقسيم البلاد الى قسمين، وبينما تتولى قوات روسية القضاء على الفيالق العسكرية الأوكرانية المرابطة شرق البلاد، وكانت أهم وأشرس الفيالق المستعدة لمواجهة الروس، كانت القافلة الشهيرة بمثابة خط دفاعي وخزان للدعم اللوجيستيكي لمنع انتقال وحدات أوكرانية من الغرب الى الشرق ولمنع التموين سواء العسكري أو الغذائي كذلك.
ومن خلال إلقاء نظرة على خريطة الحربية في أوكرانيا حاليا، يتضح الحسم شبه النهائي لموسكو لمخطط انفصال دونباس ثم السيطرة على أجزاء كبيرة من الساحل الأوكراني حتى لا تبقى شبه جزيرة القرم معزولة عن روسيا مستقبلا. ويضاف الى هذا تدمير شبه كلي للبنيات العسكرية الصلبة الأوكرانية مثل المصانع الحربية والمطارات شرق البلاد.
وكل هذا يتوافق مع حلم الكرملين باستعادة أجزاء مما يسمى روسيا الصغرى، وهي المناطق الأوكرانية شرقا وجنوبا. وعلاوة على التواجد العسكري في شرق أوكرانيا، قد تتولى تلك القافلة العسكرية الشهيرة إقامة خط ممتد عبر نقط في الوسط الشرقي كصمام أمان ضد هجمات أوكرانية مستقبلا. وتبقى هذه الهجمات ذات تأثير محدود قد تلحق خسائر بالقوات الروسية، ولكن سيكون من الصعب استعادتها أراض شرق البلاد. وسيكون الحسم في هذا الخط العسكري رهين المفاوضات بين موسكو وكييف.
ويعني تركيز موسكو على الشرق فرصة للحلف الأطلسي بمساعدة الجيش الأوكراني في الغرب على تنظيم صفوفه والتوصل بأسلحة متطورة خفيفة، لأن أسلحة ثقيلة مثل المقاتلات والدبابات تبقى مستبعدة في الوقت الراهن بسبب مراقبة الطيران الحربي الروسي للغرب وشن هجمات جوية أو القصف عن بعد بواسطة صواريخ مثل كاليبر وإسكندر، وهي الاستراتيجية التي تنفذها القوات الروسية في هذا البلد.