تقرير حقوقي يوثق 655 حالة عنف جنسي في مقرات الاحتجاز المصرية
عربي تريند_ وثق تقرير حقوقي، 655 حالة عنف جنسي ضد محتجزين وأسرهم، في الفترة بين عامي 2015 إلى 2022، خلال “دورة الاحتجاز” التي تبدأ بعملية القبض ثم الاحتجاز في أقسام الشرطة، والاحتجاز في المقرات التابعة لجهاز الأمن الوطني، والاحتجاز في السجون، وزيارات أسر المحتجزين.
وحمل التقرير الذي صدر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان عنوان “لا أحد آمن: العنف الجنسي خلال دورة الاحتجاز في مصر (2015-2022)”.
انتزاع المعلومات
وحسب التقرير، تم استخدام الاعتداء الجنسي عمداً بهدف انتزاع المعلومات والاعترافات من المحتجزين، التي استخدمت فيما بعد كدليل في المحاكمات، بما في ذلك في محاكماتهم في قضايا إرهاب. في حالة واحدة على الأقل، تم استخدام “الأدلة” التي تم انتزاعها من أحدهم خلال فترة العنف الجنسي في محاكمة أسفرت عن إعدامه.
ويتضمن تحليل مقابلات مكثفة مع ضحايا وأفراد عائلات ومحامين وخبراء في الموضوع على مدى ثمانية أشهر في الفترة بين يونيو 2021 إلى فبراير 2022.
ونقل التقرير عن محتجز يدعى أشرف أنه بعد رفضه التوقيع على اعتراف، أجبر على الإدلاء بها، نقل إلى غرفة تحت الأرض، حيث وضع عناصر الأمن عصاً في فتحة شرجه، ما أدى إلى تعرضه لنزيف حاد.
ونقل عن محتجز ثان يدعى رجب قوله إنه تعرض للاغتصاب أيضاً بعصاً وأن ضباط الأمن الوطني أبقوه معلقاً بحبل لمدة طويلة حتى انخلع كتفه.
محتجز آخر يدعى عادل تحدث في التقرير وقال: “بعد تعرضي للضرب المبرح والصعق بالكهرباء في أعضائي التناسلية، تم تجريدي من ملابسي بالكامل وأجبروني على البقاء عارياً لمدة أسبوع كامل”.
وشارك محتجز آخر، يدعى صالح، مزيداً من التفاصيل حول التعرية القسرية التي تتناسب مع طبيعة هذه المستويات من للتعذيب: أجبروني على الدخول إلى غرفة كنت معصوب العينين ومقيد اليدين خلف ظهري وبدأوا يسألونني عن علاقتي بحركة حسم، قلت إنني لا أنتمي إليهم، فهددني المحقق، وقال، إنه يمكن أن يقتلني ويمكنه إحضار زوجتي واغتصابها”.
عنف جنسي ضد النساء
ووثق التقرير 57 حالة عنف جنسي تعرضت لها النساء داخل مقرات جهاز الأمن الوطني. وتتراوح حالات العنف بين لمس الأعضاء التناسلية والتعرية القسرية وصعق الأعضاء التناسلية بالكهرباء، والتهديد بالاغتصاب، والاغتصاب بالأصابع، والأدوات، والقضيب.
كما وثق 26 حالة لسيدات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والتحرش بأعضائهن التناسلية. وحسب المحامي الخاص لعدد ممن تعرضن للاغتصاب، فإن عقب احتجازهن من قبل جهاز الأمن الوطني، تم تجريدهن من ملابسهن ولمس صدورهن وأعضائهن التناسلية وتهديدهن بالاغتصاب من قبل الضباط.
وأفادت عدة نساء أنهن تعرضن للاغتصاب في مقرات جهاز الأمن الوطني. وأخبرت إرساء (محتجزة سابقة) عائلتها أنه أثناء احتجازها من قبل جهاز الأمن الوطني، تم تعصيب عينيها وتجريدها من ملابسها واغتصابها في فتحة الشرج بعصاً.
وقالت إرساء إن هذا الشكل القاسي من التعذيب أجبرها على الإدلاء باعترافات غير حقيقة، أثناء تواجدها في مقر جهاز الأمن الوطني.
ونقل التقرير عن محتجزة سابقة قولها، إنها عندما دخلت غرفة شاهدت فيها فتاة ملقاة على الأرض، وضابطاً يصرخ: “أعطها حبوب منع الحمل لا نريد أي مشكلات”.
وخلص تحليل البيانات في التقرير إلى أن مقرات الأمن الوطني مسرح لـ80%، على الأقل، من إجمالي الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير، “وغالباً ما يتم احتجاز الأشخاص في مقرات جهاز الأمن الوطني خلال فترات الاختفاء القسري، ما يؤكد الطبيعة المتعمدة والمنهجية للعنف الجنسي ضد المحتجزين، وتمكين ضباط الدولة من تعنيف المحتجزين بوحشية خلال هذه الفترة”.
وشملت قائمة الحالات 66 حالة عنف جنسي في السجون، و57 حالة في أقسام الشرطة، و30 حالة أثناء زيارات المحتجزين، وثلاث حالات أثناء عملية القبض نفسها.
وأضاف التقرير أنه “في فترات الاختفاء القسري، والتي يتم إقرارها بمعرفة جهاز الأمن الوطني، من المرجح أن تحدث فيها حالات العنف الجنسي”، مشيراً إلى أن “التشريع المصري لا يعترف بوجود اصطلاح الاختفاء القسري، وذلك على الرغم من وجود آلاف الحالات التي وثقها المجتمع المدني المصري منذ صيف 2013”. وفي هذا السياق، يقول التقرير إن المحتجزين أثناء مرحلة الاختفاء القسري يكونون محرومين من غطاء القوانين والإجراءات المحددة للإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، حيث يُحرمون من الاتصال بمحاميهم، مما يؤدي إما إلى صعوبة الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي أو ذكرها أمام النيابة العامة.
ويخلص التقرير إلى أن السلطات المصرية تستخدم العنف الجنسي أثناء عملية الاحتجاز كوسيلة للتعذيب ومعاقبة المحتجزين وإخضاعهم لسيطرة السلطة، حيث يتم استخدام العنف الجنسي كوسيلة للإيذاء باستخدام الأكواد المجتمعية فيما يتعلق بالجندر والجنس بهدف الحط من قدر السجناء وأحبائهم، وكذا لقمع المقدرة على الحد من تأثير الانتهاكات على المحتجزين من خلال محاولات المساءلة أو العلاج من آثارها. بسبب الأعراف الاجتماعية وما تفرضه من “تابوهات” حول موضوعات النوع الاجتماعي والجنس، والتي تكرسها سلطات الدولة أيضاً في قوانينها أو مؤسساتها، يواجه أولئك الذين تعرضوا للعنف الجنسي في السجن عقبات متعددة تحول دون معالجة الصدمة التي تعرضوا لها.
وتضمن التقرير عدداً من التوصيات، منها ضرورة أن تغطي تقارير حقوق الإنسان، بشكل صريح العنف الجنسي الذي يرتكبه الموظفون في السجون.
وأكدت أن على مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية، وكذلك مكاتب الكونجرس ذات الصلة إثارة قضايا العنف الجنسي والاختفاء القسري سراً وعلناً مع المسؤولين المصريين.
وطالبت المنظمة، الكونغرس الأمريكي بوضع قيود على المساعدات الثنائية لمصر والإشارة الصريحة لاستخدام العنف الجنسي في أماكن الاحتجاز.
وتضمنت التوصيات دعوة للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان – منظمة حكومية- لإجراء تحقيق فوري مستقل في مزاعم استخدام التعذيب، والعنف الجنسي والاختفاء القسري.