بوليتيكو: إدارة بايدن تواجه معوقات لمواجهة أزمة الغذاء العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا
نشر موقع “بوليتيكو” تقريرا أعدته ميرديث لي قالت فيه إن الولايات المتحدة تكافح لاحتواء أزمة الغذاء العالمي الناجمة عن الحرب الروسية- الأوكرانية. ففي الوقت الذي ركز فيه الروس هجومهم على الجنوب المنتج للغذاء في أوكرانيا، انشغلت إدارة جوي بايدن بالبحث عن طرق تقلل من أزمة الطعام المتفاقمة في أوكرانيا والإقتصاديات الأخرى التي تكافح حول العالم بسبب التغيرات المناخية وتداعيات كوفيد-19.
وقالت إن الجيش الروسي يتقدم عميقا في حقول القمح الأوكرانية مما يعرض ملايين الأطنان من القمح التي ستحصد في أيلول/تموز هذا العام. وهو ما يهدد استدامة الطعام في أفريقيا والشرق الأوسط التي تعتمد على أوكرانيا كمصدر أساسي للحبوب وزيت عباد الشمس لتوفير طعام الملايين. وأسهمت الازمة بزيادة أسعار الحبوب بشكل وضع المنظمات الإنسانية بما فيها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أمام تحديات للرد.
الجيش الروسي يتقدم عميقا في حقول القمح الأوكرانية مما يهدد ملايين الأطنان من القمح التي ستحصد في أيلول، واستدامة الطعام في أفريقيا والشرق الأوسط التي تعتمد على أوكرانيا كمصدر أساسي للحبوب
وتقول الوكالة الدولية إنها بحاجة إلى 16 مليار دولار إضافية لإطعام 137 مليون شخص حتى نهاية العام. وفي خطاب عبر زووم قال الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي لمجلس الأمن أن الغزو الروسي أدى إلى أزمة غذاء عالمي قد تقود إلى مجاعات في أفريقيا وآسيا ومناطق أخرى بالإضافة لفوضى سياسية واسعة في عدد من الدول”.
ويعمل البيت الأبيض والخارجية مع وكالة المساعدات الأمريكية “يو أس إيد” وبرنامج الغذاء العالمي لمواجهة نقص الطعام وتعهد جوي بايدن بمليار دولار كمساعدات إنسانية “لمن تأثروا بالحرب الروسية في أوكرانيا وأثرها الخطير على العالم”. وبعد إقرار الكونغرس في الشهر الماضي حزمة مساعدات إنسانية لأوكرانيا واللاجئين بقيمة 4 مليار دولار لم يعد لدى المشرعين الجمهوريين رغبة في تقديم مساعدات جديدة. وفي الوقت الذي تتمكن فيه الإدارة الإعتماد على المصادر المتوفرة لها بدون العودة إلى الكونغرس إلا أن واقع الزراعة بما في ذلك الجفاف وتوقيت زرع المحاصيل وزيادة أسعار الأسمدة والوقود يجد من قدرة الولايات المتحدة على سد الثغرة التي خلقتها أزمة أوكرانيا. وبحسب شخصين مطلعين فستقوم الإدارة بإطلاق مساعدات غذائية دولية إضافية في الأيام المقبلة بما فيها مؤسسة بيل إيمرسون الإنسانية، وهي مؤسسة فدرالية لديها احتياطي 260 مليون دولار تحتفظ بها الحكومة لشراء الحبوب وبضائع أخرى وإرسالها إلى الخارج. ويقوم المشرعون بالضغط على وزير الزراعة توم فيلساك لكي يصادق على سحب اموال لوكالة المساعدات الأمريكية والتي يجب أن تتقدم أولا بطلب رسمي. ولكن مساعدين في الكونغرس يرون أن الأموال المتوفرة هي نقطة في الدلو مقارنة مع الحاجة الكلية.
وحاولت مجموعة في الكونغرس نهاية الأسبوع تقديم دعم أجنبي إضافي وفشلت. وقام عدد صغير من أعضاء مجلس الشيوخ بإحياء جهود ضغط ما بين مليار إلى ملياري دولار في الدعم الدولي لمكافحة كوفيد وشمل 200 مليون دولار في مساعدات غذائية. وفشلت المحاولة بعدما رفض الجمهوريون أساليب الديمقراطيين لتمويل المساعدات وطالبوا بإحياء سياسة دونالد ترامب في ترحيل المهاجرين. وتحسر السناتور الديمقراطي كريس كونز على موقف الجمهوريين باعتبارهخ “خطأ فادح” وقال إن “الجوع الجماعي حقيقي”.
وحذر كونز وليندزي غراهام النائب الجمهوري عن ساوث كارولينا من أن نقص الغذاء قد يؤدي إلى هجرات جماعية وزعزعة استقرار مناطق في شمال أفريقيا والشرق الأوسط مما يهدد مصالح الامن القومي. وقال مساعد بارز في مجلس الشيوخ “نرى العاصفة قادمة ونشعر اننا غير مهيأين لمواجهتها”. ووقع السناتور الديمقراطي بوب ميننديز والجمهوري جيم ريستش من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ على رسالة طالبت إدارة بايدن بتطوير خطة تواجه غياب الأمن الغذائي العالمي واستخدام أموال بيل إيمرسون الإنسانية بدون المطالبة بمساعدات إضافية من الكونغرس.
وقال المسؤولون إن مكتب الإقتصاد والتجارة في وزارة الخارجية يقوم بمتابعة مشكلة الأمن الغذائي العالمي وتداعيات حرب فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا. وقال رامين تولوي، مدير المكتب “الناس المحتاجون، وتحديدا في الشرق الأوسط وأفريقيا يواجهون مخاطر كبير بسبب الحرب الروسية”. وقال إن البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الخارج على اتصال بالدول التي يعاني سكانها من مخاطر في الأمن ويعمل المسؤولون الأمريكيون مع الوكالات المتعددة والمؤسسات المالية الدولية لمواجهة مشاكل الأمن الغذائي.
ويعبر المسؤولون الأمريكيون عن قلق خاص بأفغانستان واليمن، وااللذان يعانيان من أزمات جوع قاسية، وكذلك لبنان حيث يعيش ثلاثة أرباع من سكانه في حالة من الفقر. واقتصاد لبنان في انهيار مستمر ويستورد نسبة 80% من قمحه من روسيا وأوكرانيا. وفي ضربة أخرى لا يستطيع البلد تخزين إلا حاجة شهر من الحبوب منذ تدمير صوامع الحبوب في ميناء بيروت 2020.
نقص الغذاء قد يؤدي إلى هجرات جماعية وزعزعة استقرار مناطق في شمال أفريقيا والشرق الأوسط مما يهدد مصالح الأمن القومي.
ومع ارتفاع معدلات نقص الطعام، تقوم واشنطن بالضغط على الهند والأرجنتين والصين ممن لديها احتياطات مهمة من الحبوب للتبرع إلى برنامج الغذاء العالمي أو إخراجه وبيعه في السوق العالمي. وحذر بايدن بعد لقائه مع قادة مجموعة الدول السبع من نقص “حقيقي” للغذاء. وقال بايدن إن أمريكا وكندا، الموردان الكبيران للحبوب في العالم تناقشان طرقا لإرسال كميات كبيرة من الحبوب إلى الدول التي تحتاج للمساعدة. وتواجه الولايات والدول التي تملك احتياطي كبير من الحبوب معوقات نابعة من أن الإحتياطات أقل من المستويات العادية نظرا للجفاف الذي ضرب الدول بشكل جعلها تتردد في إرسال كميات مما تملكه.
وتتزامن الأزمة مع المشاكل التي تواجه المزارعين حول العالم والنابعة من زيادة أسعار الوقود والحبوب والأسمدة وغير ذلك من المواد المرتبطة بالزراعة. ويخشى مشرعون من فشل الولايات المتحدة بالرد على أزمة الغذاء العالمية، بشكل يفتح المجال أمام دول مثل الصين والدول المنافسة الأخرى التي تملك احتياطات حبوب واستخدامها لزيادة التأثير السياسي في أفريقيا وآسيا. ولن تكون الصين في وضع لتصدير كميات كبيرة من الحبوب وفي أي وقت، حسب اقتصاديين يراقبون الوضع. لكن روسيا لديها القدرة على ملء ثغرات صغيرة من النقص الذي تركته أوكرانيا. ويخشى المسؤولون الأمريكيون من تهديدات روسيا التي قالت فيها إنها لن تصدر الحبوب إلا الدول الصديقة. مما سيدفع عددا من الدول الإلتزام بالصمت تجاه الغزو الروسي.