واشنطن بوست: منفيون روس ومال ويخوت في إسطنبول ودور تركي ناجح حتى الآن
عربي تريند_ تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” عن تدفق المفاوضين الروس الأوليغارس، والمنفيين إلى تركيا.
وجاء مقال كتبته أصلي أيدنطاشباش، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنها تذكّرت جدتها التي كانت تتذكر بفرحة حتى في سنها المتقدم، نادي “ماكسيم” في إسطنبول الذي غنى فيه أهم الفنانين الأتراك في فترة الستينات. وقد أنشأ نادي ماكسيم، رجل أمريكي أسود من المسيسبي اسمه فردريك بروس توماس، والذي هرب بعد سنوات من إدارة ناد في موسكو قبل وصول البلاشفة مع عدد من الهاربين الروس في عام 1919 إلى “القسطنطينية”.
وفي هذه الأيام، هناك تدفق آخر للروس إلى البوسفور. وهناك آلاف الروس الهاربين وصلوا إلى إسطنبول، على أمل الهروب من الأوضاع الاقتصادية والعقوبات وبلد مندهش من التعويذة الأورويلية الجديدة للرئيس فلاديمير بوتين، ومن بينهم فنانون وخبراء برمجيات. وقال أكاديمي روسي قابلته الكاتبة: “حصلت على أول غرفة (إير بي أند بي) توفرت في إسطنبول” واصفا ما يجري في أوكرانيا بالحرب التي تقول روسيا إنها “عملية عسكرية خاصة” وأي شخص يقول غير هذا، يواجه 15 عاما في السجن.
ولكنّ المنفيين الروس ليسوا هم وحدهم في المدينة. ففي هذا الأسبوع، وصل وفد من المفاوضين الروس الذين قابلوا وفدا من المفاوضين الأوكرانيين في قصر دولمة بهجة، والذي كان مقرا إداريا في الفترة العثمانية، ويقع على البوسفور. والتقى الوفدان عدة مرات في بيلاروسيا، وفي لقاءات عبر الفيديو بدون أي نتيجة، لكن المسؤولين الأتراك الذين قابلوا الوفدين، لاحظوا إشارات عن تقدم ولهجة جديدة من الجانب الروسي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها خفضت من عمليات حصار كييف وتشيرنوبل، وتقوم بالتركيز على دونباس. ويعتقد المسؤولون الأتراك أن هذه خطوات صغيرة، ويمكن أن تفتح الباب للقاء ممكن بين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي في غضون أسابيع.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بوتين يحتاج إلى “خروج مشرف” ويعتقد مستشاروه أن الفجوة في بعض القضايا تضيق. إلا أن بعض الأوكرانيين متشككون. ويخشون من أن روسيا تقوم بلعب دور الرجل الطيب لأنها علقت في كييف وبقية أنحاء البلاد، حيث واجهت مقاومة شديدة. ويعتقدون أن اللفتة الروسية تهدف لإبطاء التقدم العسكري الأوكراني لاستعادة مدن رئيسية، وأن الروس يريدون فترة راحة لفتح طرق الإمدادات والقيام بجولة جديدة من التجنيد في منتصف نيسان/ أبريل.
وترى الكاتبة أن المكون السري في عملية وقف إطلاق النار ربما كان هدفه اتصال تكتيكي مع الولايات المتحدة. وألمحت إدارة بايدن أن نهاية الحرب قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات على روسيا. مع أنها لم تطرح على طاولة المفاوضات.
والمنفيون والمعارضون ليسوا فقط الموجودين في إسطنبول. فهناك الأوليغارش الروس وقواربهم ويخوتهم التي بدأت تظهر، منها يخت مرتبط برئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيدف رسا في مارينا إسطنبول، قريبا من المكان الذي وقعت فيه المعاهدة الروسية- التركية عام 1877- 1878 والتي تخلى فيها العثمانيون عما يعرف اليوم ببلغاريا.
وقال المسؤولون الأتراك، إن رومان أبراموفيتش لعب دورا إيجابيا في تنظيم المفاوضات، وعولج بمستشفى تركي بسبب ما يعتقد أنها عملية تسمم مشبوهة. وفي الوقت نفسه، وصل اثنان من اليخوت الضخمة إلى الشواطئ التركية على البحر المتوسط. ولا شك أن تركيا راغبة بتقديم الدعم والملجأ الآمن للأوليغارش الروس، وقواربهم وأموالهم.
وقال أردوغان هذا الأسبوع: “سنبقي أبوابنا مفتوحة لأصحاب رؤوس الأموال الذين يريدون وضع أموالهم في تركيا” بدون أن يخفي رغبة بلاده في استقبال المال الروسي. ومنذ بداية الحرب، تمارس أنقرة لعبة توازن بين روسيا وأوكرانيا، وهي مقامرة غير محسوبة، فتركيا تبيع المسيّرات لأوكرانيا وتحاول الحفاظ على العلاقة غير المريحة مع بوتين.
ويشعر الروس بأنهم عرضة للخطر، ويخافون من وضع اقتصادهم ويحضرون أنفسهم لأوقات مضطربة. ورغم مأساة أوكرانيا، فالحرب خففت من مأزق تركيا على ما يبدو، ووفرت أموالا للاقتصاد التركي الضعيف، وفرصة جديدة لإصلاح علاقة تركيا مع الغرب، ودور للرئيس التركي بمنحه مكانا للقاء المتحاربين.
واستطاعت تركيا الحفاظ على توازن جيوسياسي حساس. وربما قد تخسر هذا التوازن لو حاول طرف الحصول على نصر، أو تعب الغرب من شبه حيادية تركيا. وفي الوقت الحالي، يبدو الطنين السلافي الذي يتجول على ضفاف البوسفور لطيفا على الآذان التركية