أنباء إسرائيلية: مساعٍ جارية لترتيب زيارة وزراء خارجية دول التطبيع لضريح بن غوريون
عربي تريند_ قبيل انعقاد القمة مع وزراء الخارجية العرب، التقى وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد صباح الأحد مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وأطلعه على المساعدات الإسرائيلية لأوكرانيا.
وقبيل لقاء بلينكن برئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت في وقت لاحق صدر عنه وعن لابيد بيان مشترك جاء فيه أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة غير قابلة للكسر منوها لوجود صداقة متينة وتحالف قوي بينهما. وقال بينيت في البيان إن اسرائيل وأمريكا تتقاسمان القيم والمصالح الحيوية والحلم بالسلام من منطلق العظمة. كما قال إن هذه الأيام تذكر بأنه إذا كنت تريد سلاما فعليك أن تكون قادرا على الدفاع عنه. مدعيا أن القوة العسكرية والدبلوماسية ليست عثرة في طريق السلام، بل هي الطريق المضمونة للحفاظ عليه.
وتابع: “إيران ليست مشكلة إسرائيلية، والعالم لا يستطيع أن يسمح لها بحيازة السلاح النووي والسماح للحرس الثوري بمواصلة نشر الإرهاب في المعمورة”. وأكمل مهددا : “بيننا خلافات في الرأي حيال الاتفاق النووي مع إيران وانعكاساته، لكن حوارا ثاقبا مفتوحا هو جزء من عظمة صداقتنا. نحن وأمريكا نواصل العمل معا لمنع إيران من التحول لدولة نووية. وفي المقابل، إسرائيل ستفعل ما تراه مناسبا لوقف النووي الإيراني بل ستفعل كل شيء من اجل ذلك. هذا ليس تهديدا نظريا من جهتنا. الإيرانيون يرغبون بتدمير إسرائيل ولن ينجحوا بذلك لأننا لن نتيح لهم تدميرنا”.
مرامي القمة
هذا التهديد من بينيت مرتبط باللقاء مع وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب اليوم الأحد وغدا الإثنين، ضمن ما تسمه خارجية الاحتلال “قمة النقب”، فهو يرمي لإرسال رسالة تحذير للولايات المتحدة ودول الغرب والضغط عليها في اللحظات الأخيرة لمنع توقيع الاتفاق النووي مع إيران أو فرض المزيد من القيود عليها في الاتفاق.
ويأتي هذا اللقاء على خلفية لقاء رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت ورئيس مصر عبد الفتاح السيسي وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد في شرم الشيخ الأسبوع الماضي، وقبيل توقيع اتفاق نووي وشيك ربما خلال أيام بين الدول العظمى وإيران. وهذا الاتفاق المتزامن مع إعلان نية واشنطن إخراج الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، يعتبر تهديدا للاحتلال ولدول التطبيع خاصة في الخليج، التي تخشى من تبعاته الاستراتيجية على المنطقة، وأهمها تعاظم قوة إيران كدولة على حافة النووي، وانتعاشها اقتصاديا جراء رفع العقوبات وبالتالي دعم أذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة وغيرها. ولذا تسعى قمة التطبيع اليوم لبناء تحالف عسكري للاحتلال مع دول عربية يشمل بناء قبة حديدية وأجهزة رصد للصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية لاحقا، وتقول جهات إسرائيلية إن القمة ستتداول هذه الفكرة على أن تترجم لفعل لاحقا وقريبا.
بن غوريون
وسيتم هذا اللقاء التطبيعي في فندق ملاصق لضريح دافيد بن غوريون، وهذا ليس صدفة، فإسرائيل بذلك تتطلع لتحقيق غاية رمزية وإغلاق الدائرة. فبعدما كانت متحالفة مع إيران حتى ثورة الخميني عام 1979 ضد العرب، ها هي الأوضاع تنقلب بالكامل اليوم. ليس فقط، فهذا الملتقى التطبيعي يأتي لتعزيز اتفاقات أبراهام وتوسيعها، وربما تشجيع المزيد من المطبعين للتورط في وحل التطبيع المتزامن مع تهويد الأرض الفلسطينية وقمع أصحابها. في مساعيها لاحتلال الوعي، اختارت حكومة الاحتلال موقع اللقاء التطبيعي، وهناك تسريبات إسرائيبية نقلها موقع “واينت” العبري اليوم، بأن هناك مداولات جارية لترتيب زيارة لوزراء الخارجية العرب لزيارة ضريح دافيد بن غوريون مؤسس الدولة الإسرائيلية على أنقاض الشعب الفلسطيني عام 1948.
السعودية حاضرة في القمة وكذلك بن غوريون
كذلك تهدف هذه القمة الرامية لبناء تحالف إقليمي عربي إسرائيلي ضد إيران إجانب مباحثات تعاون استخباراتي وأمني واقتصادي (تصدير غاز إسرائيلي لدول عربية بواسطة مصر وزيادة ضخ النفط الخليجي وغيره) تأتي في الذكرى العشرين لقمة بيروت والمبادرة السعودية (العربية) للتطبيع الكامل مقابل قيام دولة فلسطينية سيادية. وقتها، رفضت إسرائيل المبادرة وراهنت على تحقيق سلام بدون معادلة “سلام مقابل أرض” والتطبيع المجاني مع العرب. وهذا ما حصل في اتفاقات أبراهام، وحصل في عمليات تطبيع سرية مع السعودية ذاتها التي تشارك عمليا في قمة “سيديه بوكير” من خلال الإمارات والبحرين كما نوهت إذاعة جيش الاحتلال اليوم الأحد.
القمة في النقب غدا الإثنين والتي تعتبرها إسرائيل تاريخية، سبقتها قمم مشابهة شاركت فيها، كالقمة في كازابلانكا عام 1994، وفي عمان 1995، وشرم الشيخ في 2005 لكن هذه المرة لا تذهب إسرائيل للعرب بل هم يأتون إليها، في وقت تتصاعد الاعتداءات على الفلسطينيين وتتفاقم عزلة السلطة الفلسطينية خاصة قي العالم العربي نفسه.
رئيس وعريس حقيقي
هذا علاوة على استمرار النزيف الفلسطيني الداخلي، مما يدفع الاحتلال للمزيد من الاعتداءات. وهذا تفسير لوصف الاحتلال لهذه القمة الثانية بأنها “شرق أوسط جديد ” أو شرق أوسط مختلف، وذلك في إشارة إلى أن بينيت ولابيد يقومان بتحقيق حلم شيمون بيريز حول الشرق الأوسط الجديد. ولا تخلو حسابات لابيد وبينيت من عقد مثل هذه القمم مع العرب من اعتبارات داخلية ومحاولة لاستغلال مشهديتها لتعزيز زعامتهما خاصة بينيت الذي يحرص نتنياهو على الاستخفاف به وتصويره على أنه “عريس الغفلة” وهو يحاول تثبيت صورته كرئيس وعريس حقيقي من مثل هذه القمم وغيرها كالوساطة المزعومة بين روسيا وأوكرانيا، وربما تكون هذه حسابات محمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي، فلهما أيضا حاجة بمثل هذه الحسابات.
إنجاز إسرائيلي ولكن
تتوافق جهات إسرائيلية كثيرة على أن هاتين القمتين في أسبوع واحد، تشكلان إنجازا دبلوماسيا إسرائيليا هاما يترك مفاعيله على وعي الإسرائيليين والعالم، وربما أوساط شعبية عربية، رغم أن ما يجري هو سلام بين الأنظمة فقط. في المقابل تواصل جهات إسرائيلية قليلة التحذير من الانبهار الزائد من مثل هذه القمم؛ لأنها مهما كانت مهمة لإسرائيل وساستها الحاليين، لكنها قابلة للتبدد في أول انفجار على الجبهة الفلسطينية. وعبّر عن ذلك الجنرال في الاحتياط، شاؤول أرئيلي، الذي كتب على صفحته أن اسرائيل مستفيدة من التطبيع مع العرب لكنها بالمنظور البعيد ستتعرض لخسارة استراتيجية خطيرة إذا ظنت أن السلام مع البحرين والإمارات سيعفيها من تسوية الصراع مع الفلسطينيين.
أخطر من قنبلة إيران
يشدد أرئيلي على غرار بعض المراقبين الإسرائيليين على خطورة استمرار التطبيع بدون تسوية الصراع مع ملايين الفلسطينيين الموجودين على أرضهم. وقال إنها تتجه نحو اختلاط الحابل بالنابل والتحول من دولة يهودية ديموقراطية إلى دولة غير يهودية وغير ديموقراطية، مما يشكل تهديدا حقيقيا داهما عليها، يفوق بخطورته قنبلة إيران. وسبق أن أشار أنتوني بلينكن لضرورة الحفاظ على خيار حل الدولتين وسيلتقي بالرئيس عباس اليوم.
مقاطعة الأردن
من جهته، لم يرد الأردن على دعوة وزير خارجيته أيمن الصفدي للمشاركة في “قمة النقب” وفق ما قالته الإذاعة العبرية. ويبدو أن الأردن يمتنع عن المشاركة في قمة التطبيع في الأرض المحتلة لحسابات تتعلق بمصالحه وارتباطاته بعلاقات وثيقة مع السلطة الفلسطينية، رغم تحسن العلاقات بينه وبين إسرائيل منذ سقوط نتنياهو قبل نحو عام.
ومن المفترض أن يشارك أيمن الصفدي في قمة أخرى تتم في رام الله بين العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس يوم الإثنين. وتأتي زيارة الملك عبد الله الثاني بتكليف أمريكي وإسرائيلي في محاولة للتأثير على الجانب الفلسطيني للمساهمة في تهدئة الأوضاع ومنع انفجار هبة شعبية في شهر رمضان على غرار هبة الكرامة في أيار الماضي.
وسبق أن زار لابيد عمّان قبل ثلاثة أسابيع، والتقى العاهل الأردني لهذا الغرض.