لبنان.. جشع التجار يعيد “طوابير الذل” أمام المحطات ومداهمات لوزيري الاقتصاد والطاقة
عربي تريند_ : فجأة ومن دون سابق إنذار، أقفلت محطات المحروقات وامتنعت شركات استيراد البنزين عن تسليم المادة بهدف انتظار رفع الأسعار وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة. أما المحطات التي فتحت أبوابها بالقوة يومي السبت والأحد فظهرت “طوابير الذل” مجدداً أمامها ما أثار استياء الكثير من المواطنين على هذا الجشع الذي طال أيضاً تجار السوبر ماركت الذين عمدوا إلى إخفاء بعض السلع عن الرفوف ولا سيما الزيت مع توارد الأنباء عن احتمال انقطاع هذه المادة نتيجة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وكل ذلك بهدف تحقيق أرباح طائلة في وقت لاحق.
وإزاء هذه الفوضى غير المبررة نزل وزيرا الاقتصاد والطاقة أمين سلام ووليد فياض ميدانياً لمداهمة بعض محطات البنزين ومحال السوبرماركت بمؤازرة قوة من أمن الدولة، وتمّ تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين وإجبار أصحاب بعض المحطات على فتح أبوابها وتعبئة الوقود للمواطنين الذين عبّروا عن غضبهم لعودة الطوابير ولإخفاء البنزين في عطلة نهاية الأسبوع في انتظار صدور تسعيرة جديدة للمحروقات يوم الاثنين تزيد سعر الصفيحة حوالى 20 ألف ليرة لبنانية.
ولم تقتصر ملامح الأزمة على البنزين والزيت بل تمّ التلويح بأزمة خبز في ضوء أزمة عالمية وتدمير إهراءات القمح في مرفأ بيروت التي كانت تشكّل مخزوناً هاماً للدولة اللبنانية.
وفي خضم هذه الفوضى، أعلن وزير الزراعة عباس الحاج حسن “أن الوزارة ستعمل على منع تصدير المواد الزراعية وغيرها في محاولة لمنع تفاقم الأزمة مع استمرار الحرب في أوكرانيا”، وأشار إلى أنه “من أول الداعمين لقرار زراعة القمح الطري في لبنان لتأمين القوت اليومي للبنانيين”.
غير أن هذه الأزمة لم تحجب التحضيرات للانتخابات النيابية، وتداعت قوى التغيير في بعلبك الهرمل إلى تشكيل ائتلاف وتحدث باسمها مهند سليمان الذي انتقد وعود الثنائي الشيعي السابقة وشعاراتهم بقوله “قيل لنا “إلى البقاع در” وما زلنا ننتظر.!! قيل لنا “البناء والحماية” مساران متلازمان، فما رأينا رؤوساً تتطاير، إنما ملفات تنتقل من تحت إبط إلى درج معتم ومقفل بإحكام من قبل قضاتهم الذين قضوا على القضاء وعلى العدالة..! قيل لنا “الفاسد كالعميل”، فما رأينا إلَا عملاء يتم إطلاق سراحهم وحتى قبول ترشيحهم، وفاسدين يتم تكريمهم وتعزيز مواقعهم….!! ونسألكم، ونسأل أنفسنا، بعد عشرات السنوات من وجودكم في السلطة التشريعيّة والسلطة التنفيذيّة، هل بُنيت دولةٌ ومؤسسات؟؟ ألم يتول هذه الوزارة أو تلك مجموعة من الذين عيّنتم باسم الطائفة التي تنتمون إليها أو الحزب الذي تتزعمون، وماذا فعلوا أو أنجزوا؟ ألا ترون أنَ الحق لا يعمل به؟ ألَا ترون أن من عينتُم وحميتُم في مفاصل الدولة عاثوا بها فساداً؟ ألا تعلمون أن الموازنات والصفقات التي يتم تمريرها في الحكومة والمجلس والتي صوّتم عليها منذ سنين وسنين أو تغاضيتم عن سرقاتها ما هي إلا سرقة موصوفةً؟”، سائلاً “ماذا عن استباحة مرفأ بيروت ومداخيله والإهمال المقصود وصولاً إلى الانفجار الجريمة؟ ماذا عن التنازل عن الحدود البحرية جنوباً وشمالاً أو التغاضي عن استباحتها؟ أليس هذا خيانة عظمى؟”.
من جهته، أوضح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “البعض يعتقد أن غياث يزبك يترشح في البترون بهدف إسقاط جبران باسيل، ولكن هذا الكلام غير صحيح، ليس لأننا لا نريد إسقاط باسيل بل لأن للقوات مرشحاً في هذه المنطقة كما كل المناطق ولديها مشروع كبير واضح المعالم، تضيء عليه يومياً في تصاريحها”.
وشكر جعجع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية على نقطة أساسية قالها في مقابلته الأخيرة بما معناه، أنه “إذا أخذ باسيل أو غيره من الأطراف المقاعد النيابية أفضل من أن تأخذها القوات، لأن باسيل يبقى في صفنا في مكان ما، أما “القوات فهي منافس استراتيجي”. فأكد جعجع “أن كلام فرنجية صحيح جداً بداية لأننا منافسون لا أعداء ولا أخصام، وأتمنى أن نبقى دائماً كذلك وهذا أمر طبيعي، والأمر الأهم أننا منافسون استراتيجيون لمحور الممانعة الذي ينتمي إليه فرنجية، أي بين بشار الأسد وحسن نصر الله وحلفائهما”. وإذ أكد أن “نظرتنا لفرنجية مماثلة لنظرته لنا”، أشار إلى أن “هذا هو الجواب لمن يسألنا عن سبب اختيارنا لعون بدل فرنجية، لأن الأخير أبعد في محور الممانعة من عون، أي أنه أصيل أكثر، فعون ليس صادقاً مع هذا المحور كما أنه غير صريح بأي أمر آخر، ونحن نرى أن محور الممانعة من خرّب لبنان”. وأضاف: “لا يمكننا أن ندافع عما فعله العونيون أبداً على خلفية الضرر الذي تسببوا به، ولكن يبقى فرنجية في صلب محور “الممانعة” أكثر من “التيار” الذي يقف على ضفاف هذا المحور فيستفيد منه ويأخذ ما يريد فيما أيضاً يعطيه ما يريد أن يعطيه”.
على خط مواز، أكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “أننا نَجهد مع ذوي الإرادة الحسنةِ من أجلِ حصول الانتخابات النيابية عندنا في موعدها لتعودَ الكلمةُ إلى الشعب. وحَسْبُنا أن يَنطُقَ الشعبُ بكلمة الحقِّ في حُسن الاختيار، وفي تجديد الطاقم السياسي، فلا يضيّعُ فرصةَ التغييرِ. فهذا زمنُ إنقاذ لبنان لا زمنُ الحسابات الصغيرة”. واعتبر أنّه “لا يجوز، تحت أيِّ ذريعة، الالتفاف على هذا الاستحقاق الدستوري الملازم للنظامَ الديمقراطيّ. وحريٌّ بالّذين يَجتهدون في اختلاق ذرائعَ لتأجيل الانتخابات، أنْ يُوجِّهوا نشاطَهم نحو توفير أفضل الظروفِ الممكنةِ لإجرائها. ونتمنّى أن يَتقدّمَ إلى الانتخابات النيابيّةِ مَن يَستحقُّ تمثيلَ المواطنين، ومَن يَتمتعُ بشخصيّةٍ وازنةٍ، وفكرٍ إصلاحيٍّ وسُمعةٍ عطرةٍ، ومواقفَ وطنيّة. فكلُّ البرامجِ التقنيّةِ تبقى ثانويّةً أمام البرنامجِ الوطني”. وأضاف: “الشعب يريد نوّابًا شُجعانًا، مُحصّنين بالأخلاق، واثقين من أنفسِهم، مستقلِّين في قراراتِهم، حازمين في رفْضِ ما يجب أن يَرفُضوا، وحاسمين في قَبولِ ما يجب أن يَقبَلوا به. الشعبُ يريد نوّابًا يُدركون التشريعَ والمحاسبة، قديرين على تَحمّلِ المسؤوليّة ومواجهةِ الانحراف بكلِّ أشكالِه. فبقدّرِ ما يواجِه النواب في البرلمان يوفرون على الشعب الاحتكامَ إلى الشارع”. وختم “النيابة ليست، هذه المرة، جاهًا وهوايةً ومُتعةً سياسيّةً، بل خِدمة ونضال ومواجهة ديموقراطية لأننا قادمون على حسمِ خِياراتٍ كبيرةٍ في الأشهرِ المقبلةِ، وفي العهدِ الرئاسي الجديد. فلبنان لا يستطيعُ أن يبقى في اللادولةِ والفوضى والانهيارِ والضياع. لبنان أمة وُجدَت لتبقى، ولتبقى حرةً ونموذجًا وصاحبة رسالة في محيطها وعلى ضفة البحر الأبيض المتوسط”.