في مراسم استقبال استثنائية.. بن زايد يلتقي أردوغان في أبوظبي والبلدان يوقعان 13 اتفاقية تعاون
عربي تريند_لأول مرة منذ أكثر من 9 سنوات وصلت فيها الخلافات بين أنقرة وأبوظبي إلى أسوأ مراحلها على الإطلاق، استقبل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، اليوم الإثنين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أبوظبي حيث أقيمت مراسم استقبال استثنائية، وتم التوقيع على 13 اتفاقية تعاون بين البلدين في مجالات مختلفة أبرزها الصناعات الدفاعية والتجارة الدولية.
ولدى وصول أردوغان إلى أبوظبي، بعد ظهر الإثنين، حلقت طائرات حربية مقاتلة فوق قصر الوطن ترحيباً بوصول الرئيس التركي الذي رافقت موكبه فرق الخيالة وحرس الشرف وأطلقت 21 طلقة ترحيبية، وذلك بعد يوم من إضاءة برج خليفة في دبي بألوان العلم التركي وكتابة عبارات للترحيب بقدوم أردوغان، إلى جانب إضاءة العديد من المباني الحكومية بعلمي الإمارات وتركيا.
وقال مذيع التلفزيون الرسمي الإماراتي خلال بث مراسم استقبال أردوغان: “الفرسان يستقبلون ضيف الإمارات الكبير فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحظة وصوله إلى قصر الوطن.. زيارة تاريخية مهمة للعلاقات بين البلدين الصديقين، زيارة تحدثت عنها وسائل الإعلام العالمية بأنها حقبة إقليمية جديدة في منطقة الشرق الأوسط”، في مشهد يظهر حجم التحول الذي شهدته العلاقات بين البلدين عقب سنوات من الخلافات العميقة.
وعقب استقبال رسمي نظمه بن زايد في قصر الوطن لأردوغان، جرى عقد اجتماع موسع على مستوى الوفود أعقبه التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات مختلفة، قبل أن يعقد لقاء ثنائي مغلق بين أردوغان وبن زايد ناقش مستقبل العلاقات بين البلدين.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي: “الحوار والتعاون بين تركيا والإمارات مهمان لسلام واستقرار المنطقة بأسرها، مضيفاً: “سنناقش التطورات الإقليمية والدولية بالتفصيل خلال محادثاتنا اليوم وغدا (الثلاثاء)”، وتابع: “العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة، مع زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، إلى أنقرة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي”.
وأوضح أردوغان: “من خلال زيارتي هذه، نهدف إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتطوير الزخم الحاصل في علاقاتنا والارتقاء بها إلى المستوى الذي تستحقه مجددا”، وتابع: “خلال زيارتي، سنتخذ معا الخطوات التي ستحدد شكل 50 عاما جديدة من صداقتنا وأخوتنا مع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تحيي الذكرى الخمسين لتأسيسها”، معتبراً أن “تركيا لا تميز بين أمنها واستقرارها وأمن واستقرار كافة الدول الشقيقة في منطقة الخليج”.
وأوضح بيان إماراتي أن الاجتماعات ناقشت “فرص التعاون المتنوعة المتاحة في البلدين خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية”، كما تخللها تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ونقل البيان عن ولي عهد أبو ظبي قوله إنّ بلاده “حريصة على التعاون مع تركيا لمواجهة التحديات المشتركة المتعددة التي تشهدها المنطقة عبر الحوار والتفاهم والتشاور والحلول الدبلوماسية”.
وتخلل الزيارة التوقيع على 13 اتفاقية للتعاون الثنائي بين البلدين تشمل مجالات الاستثمار والدفاع والنقل والصحة والزراعة والاستثمار والإعلام والزراعة والصناعة، إلا أن الاتفاقيات الأهم كانت تتعلق بالتعاون في مجال الصناعات الدفاعية ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجالات النقل البري والبحري، بالإضافة إلى بيان مشترك حول بدء المفاوضات بخصوص اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
ويسعى البلدان لإنشاء طريق جديد للنقل التجاري البري من تركيا إلى الإمارات مروراً بإيران ليكون بديلاً عن قناة السويس، إذ تشير التقديرات إلى أن ذلك سوف يوفر الكثير من الوقت والتكاليف بالنقل وسيؤدي إلى فتح آفاق تجارية مهمة للبلدين. كما أشار أردوغان إلى إمكانية التعاون بين البلدين في أفريقيا وهو ما قد يفتح مجالاً لتعزيز التجارة التركية في القارة السمراء من خلال الاعتماد على نفوذ الموانئ التي تديرها الإمارات بالقارة.
وهذه أول زيارة لأردوغان إلى أبوظبي منذ عام 2013، أي بعد انقطاع لقرابة 9 سنوات وصلت فيها العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مراحلها على الإطلاق وسط خلافات سياسية وأمنية عميقة اتسمت بـ”العداء الشديد”، قبل أن يجري احتواء الخلافات على وقع تحولات داخلية وإقليمية ودولية متسارعة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ما ساهم في فتح صفحة جديدة في سجل العلاقات بين البلدين.
وساهمت التحديات الاقتصادية الكبيرة التي فرضتها جائحة كورونا، وتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، إلى جانب ترتيبات إعادة هيكلة خريطة العلاقات في المنطقة لمرحلة ما بعد الربيع العربي، وغيرها الكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية الداخلية والإقليمية والدولية، ساهمت جميعها في دفع الجانبين نحو العمل على تحييد الخلافات والتركيز على التعاون في ملفات الاتفاق، في خطوة اعتبرت بمثابة تغليب للمصالح القومية على التوجهات الشخصية للزعماء والسياسات المبنية على أرضية أيديولوجية.
وفي هذا الإطار، زار بن زايد أنقرة، نهاية العام الماضي، في خطوة غير مسبوقة توجت أشهرا طويلة من مساعي التمهيد لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، تخللها تبادل الرسائل الإيجابية والتصريحات والاتصالات على المستوى الاستخباري والدبلوماسي المنخفض، قبل أن تجري اتصالات رفيعة المستوى على مستوى وزراء الخارجية، ولاحقاً بين أردوغان وبين بن زايد.
وفي مقال نشره في صحيفة “الخليج تايمز” الإماراتية بعنوان “حان الوقت لمبادرات السلام والتعاون الإقليمية”، قال أردوغان إن زيارته إلى الإمارات “تظهر الأهمية التي يوليها لعلاقات الصداقة بين البلدين، فضلا عن إتاحتها فرصة الارتقاء بعلاقات التعاون أكثر”، معتبراً أن “زيادة مجالات التعاون بين البلدين ستنعكس إيجابا على المنطقة”، لافتاً إلى أن “جميع دول المنطقة مهمة لتركيا، علاوة على أهمية الإمارات باعتبارها أكبر شريك تجاري لتركيا بين دول مجلس التعاون الخليجي”.