انتقادات للرئيس التونسي بعد استعانته بمفكر فارسي لتبرير حملته ضد القضاء
تعرض الرئيس التونسي قيس سعيّد لانتقادات عدة بعد استعانته بفيلسوف فارسي وتقديمه كفقيه عربي للرد على من يعارض حله للمجلس الأعلى للقضاء واعتباره القضاء وظيفة خاضعة للسلطة التنفيذية وليس سلطة مستقلة.
وقال سعيد، خلال إشرافه أخيرا على مجلس وزاري في قصر قرطاج “أؤكد مجددا أن القضاء وظيفة وليس سلطة، والقضاة جميعهم خاضعون للقانون، ولا يمكن أن تكون هناك دولة خارج الدولة التونسية، ومن يدّعي بالعلم معرفة أحيله إلى ما كُتب في الفكر العربي، فليعد إلى “رسالة العدل” لابن مسكويه (فيلسوف ومؤرّخ فارسي) لينظر في ماهية العدل وكيف يتحقق”.
وأثار خطاب سعيد جدلا سياسيا، حيث استنكر الحزب الدستوري الحر ما سماه “استناد رئيس سلطة تصريف الأعمال إلى فكر فيلسوف إيراني شيعي مرتبط “بدولة البويهيين” التي حكمت غرب إيران والعراق خلال حقبة من التاريخ، واعتباره مرجعا في مجال إرساء العدالة وإصلاح منظومة القضاء، ويرفض توجيه تونس نحو منهج الحكم الإيراني والزج بها في متاهات القضايا الدولية الشائكة وتطويعها لخدمة محاور إقليمية مهما كان نوعها ومهما كان المقابل من وراء ذلك، كما يرفض الاستناد إلى أسس دولة الخلافة عند طرح رؤى الإصلاح في مختلف المجالات”.
وقالت رئيسته عبير موسي، في وقفة احتجاجية بالعاصمة إن تونس “انتقلت من الإسلام السياسي الإخواني (في إشارة لحركة النهضة) إلى الإسلام السياسي الإيراني”، منتقدة لجوء سعيد للاستفادة من ابن مسكويه، الذي اعتبرت أنه شخصية متشددة دينيا وتحمل أفكارا متطرفة.
وانتقد إعلاميون ونشطاء إصرار الرئيس سعيد على الاستعانة دوما بشخصيات من التراث العربي والفارسي للتسويق لأفكار اعتبروا أنها لا تتوافق مع الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه تونس في الوقت الحالي.
وانتقد عبد الوهاب الهاني تحول مجالس الوزراء في تونس إلى “غرفة تسجيل القرارات الشَّفويَّة لرئيس الجمهوريَّة وإكسائها الصِّبغة التَّنفيذيَّة المراسيميَّة الشَّكلانيَّة (…) وانحراف المجلس إلى دروس تاريخ خصوصيَّة منتقاة لتبرير القرارات الرِّئاسيَّة، باستحضار روح الباي الملك المطلق الَّذي فوَّض سلطة القضاء للقضاة بمنَّة منه”.
كما انتقد “إغراق الدَّردشة الاستهلاليَّة للمجلس في استحضار الأرواح لكُتَّاب النُّصوص التَّاريخيَّة من محمَّد باش حانبة في بداية القرن العشرين إلى ابن مِسكَوَيْه في القرن العاشر الميلادي، لمعالجة تحدِّيات العصر ومفاهيم العصر حول الفصل والتَّوازن بين السُّلطات”.
وأشار إلى “تكرار رئيس الجمهوريَّة لمحاولة إسقاط قراءته الخاصَّة على النَّص القرآني وتقديمها للقراءة الوحيدة لتوظيفها ضدَّ خصومه ومخالفيه في الرَّأي، بحصر المرض في مرض القلوب، في حين أنَّ النَّصَّ القرآني المُقدَّس ذكر المرض بصيغتيه المَرَض البدني (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ومرض القلوب (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ). بالإضافة إلى تحريف القرآن بخطأ جسيم قائلا “فإن جنحوا للسلم فاجنح لهُ”، في تحريف صارخ للآية الكريمة الثَّابت نصُّها بكل القراءات (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ، إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ)”.
وكان المفكّر التونسي أبو يعرب المرزوقي أثار جدلا واسعا قبل عامين بعدما نعت الرئيس قيس سعيد بـ”دمية إيران”، منتقدا أفكاره التي قال إنه تؤيد إيران ومعسكر الممانعة في العالم العربي.