انتقادات لتشكيل ومهام المجلس الصحي المصري
عربي تريند_ يواجه قانون المجلس الصحي المصري، الذي يناقشه مجلس النواب خلال الفترة الحالية، انتقادات واسعة من الأطباء بشأن تشكيله ومهامه.
وحسب نص المادة 9 من مشروع القانون المقدم من الحكومة، يشكل مجلس الأمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير الدفاع والإنتاج الحربي، ووزير الداخلية، والوزير المختص بالشؤون المالية، والوزير المختص بشؤون التعليم العالي، والوزير المختص بشؤون الصحة والسكان، وثلاثة خبراء في مجال التدريب الطبي والتأهيل الفني يختارهم رئيس مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمدة أُخرى مماثلة. ويجتمع المجلس بصفة دورية كل ثلاثة أشهر، أو بدعوة من رئيسه كلما دعت الحاجة لذلك.
تقرير عن مشروع القانون
وكانت اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الصحية ومكاتب لجان التعليم والبحث العلمي، الدفاع والأمن القومي، والخطة والموازنة، أصدرت تقريرا عن مشروع القانون، بعد أيام قليلة من موافقة لجنة الصحة على مشروع القانون.
ووفقا لتقرير لجنة الصحة في مجلس النواب المصري، فإن المادة 18 من الدستور نصت على أن لكل مواطن الحق في الصحة، وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل.
واعتبر تقرير لجنة الصحة أن «تشكيل المجلس هو نفاذ لهذا الالتزام الدستوري».
وأضاف أن تأسيسه يأتي «في ضوء أن مصر تخطو خطوات سريعة في مجال الصحة العامة نالت بها إشادات دول العالم والمنظمات الدولية، وكان ذلك من خلال تنفيذ مجموعة من المبادرات الرئاسية التي أطلقها رئيس الجمهورية في مجال الصحة العامة، كان من نتائجها إنشاء منظومة التأمين الصحي الشامل وتطبيقه مع تطوير القوة البشرية من خلال تطوير منظومة التعليم الطبي المهني في إطار الاستراتيجية القومية للتنمية المستدامة، حتى تواكب وتنافس المنظومات الصحية الدولية، وبهدف العمل على وضع نظام متكامل يحقق الجودة والقيمة ويلبي طموحات العاملين في المنظومة الصحية بما يحفظ حقوقهم».
ووفق التقرير فإن ما استلزم وجود مجلس جديد يُسمى (المجلس الصحي المصري) والذي سيحل محل الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي للأطباء المنشأة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (210) لسنة 2016، «حرص من الدولة على الاضطلاع بدورها في تطوير جودة الخدمات الصحية المقدمة للموطنين، والتي تبدأ من خلال اتباع المعايير الدولية في تدريب الفريق الطبي، والعمل على رفع كفاءته».
تنظيم مجالات الصحة
وحسب التقرير: «مشروع القانون يهدف إلى تنظيم مجالات الصحة في مصر، ورفع المستوى العلمي والتطبيقي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية، وتطوير التدريب الصحي التخصصي على مختلف مستويات المهن الصحية ولكل التخصصات الصحية، وكذلك إلى رفع المستوى العلمي والسريري (الإكلينيكي) للأطباء، واعتماد البرامج العلمية والتدريبية المهنية والتخصصية الصحية العليا لمرحلة ما بعد التعليم الجامعي، واعتماد الشهادات المهنية أو ما يستحدث مستقبلاً لمن يجتاز هذه البرامج في فروع العمل الصحي الطبي المختلفة من جهات التدريب المهني المعتمدة من المجلس، واختبارهم للتحقق من استيفائهم للتأهيل الكافي للممارسة الطبية والصحية التي تحقق أعلى درجة لأمان المرضى ولضمان تحسين الخدمات الصحية في مصر، وفقاً للسياسة الصحية والطبية العامة للدولة في ظل التوجيهات الرئاسية لكي ينعم المواطن بحياة كريمة».
انتقادات
اللجنة الشعبية للدفاع عن الحق في الصحة تساءلت في بيان عن تشكيل هيئات المجلس، وقالت: للمجلس ثلاث هيئات، مجلس أمناء، ومجلس إدارة، وأمانة عامة، وإن كان القانون يخلو من أي اختصاصات، فما علاقة تشكيل هاتين الهيئتين بالمهمة المطروحة عليهما. مجلس الأمناء برئاسة رئيس الوزراء وعضوية خمسة وزراء (الدفاع والداخلية والمالية والصحة والتعليم العالي) بالإضافة إلى ثلاثة خبراء يتم اختيارهم إداريا.
وزادت: هل يتسع وقت خمسة وزراء ورئيس وزارة لمثل ذلك الشأن التفصيلي حتى لو اقتصر على الدراسات العليا الطبية؟ وهل يملكون الخبرة النوعية لمثل هذه المهمة؟ ولماذا يخلو هذا التشكيل من أي عنصر شعبي على الإطلاق.
وعن المجلس التنفيذي، أوضحت اللجنة في بيانها: يتكون من رئيس متفرغ مؤهل و9 أعضاء بحكم وطائفهم منهم 7 رؤساء لهيئات طبية بوزارة الصحة والجيش والجامعات المختلفة، وممثلين عن التخصصات الصحية تختارهم النقابات المختصة. والنقابات المختصة تعني نقابات الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والتمريض العالي والعلاج الطبيعي.
عوار دستوري
التشكيل واجه أيضا انتقادات من الجمعية المصرية للكيمياء الطبية، التي أعلنت رفضها التام لمشروع القانون، واعتبرت أنه يشوبه «العوار الدستوري».
الدكتور أحمد مطر رئيس الجمعية قال: اطلعنا على مسودة مشروع قانون المجلس الصحي المقدم من الحكومة، وفوجئنا بوجود جميع الفئات الصحية به باستثناء العلميين الطبيين (خريجي كليات العلوم بتخصصاتهم الحيوية والبيولوجية والطبية) كما لم نُدعَ للحوار المجتمعي لمناقشة القانون، فتقدمنا بطلب رسمي للبرلمان، نظرًا لوقوع الضرر على أعضائنا العلميين حال تمرير هذا القانون دون تمثيلهم بالمجلس الصحي، لا سيما وأن نقابة المهن العلمية تحت الحراسة القضائية حتى تاريخه، وإلى الآن لم نتلق ردًا.
اللجنة رأت أن مشروع القانون لن يستطيع تحقيق هدفه الرئيسي الخاص بتطوير مستوى التدريب الطبي والصحي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية، ولخريجي الكليات الطبية والصحية المختلفة.
وأوضحت «يحل قانون المجلس المقترح محل قرارين وزاريين: قرار رقم 3 لسنة 1988 الذي أقر درجة الزمالة المصرية كدرجة واحدة للدراسات العليا الإكلينيكية في مختلف التخصصات الطبية، كما يحل محل القرار رقم 210 لسنة 2016 الذي أقر إجراء امتحان موحد لجميع الأطباء بعد سنة الامتياز من أجل ضمان المستوى العلمي والتدريبي للأطباء، كما نص القرار على إنشاء درجة البورد المصري الذي لم يتم تنفيذه» «.
وزادت: يقتصر دور المجلس على الدراسات العليا فقط. ومن غير المعقول أن يقتصر إصلاح التعليم بكلية الطب على امتحان لمنح ترخيص مزاولة المهنة، حيث يفتقد ذلك التعليم للمنهج الموحد وتتعدد المناهج المنقولة من مناهج أجنبية فيما عرف بالتعليم الموازي ذي المصروفات التي تصل إلى ثمانين ألف جنيه سنويا، في منافسة مع كليات الطب الخاصة، كما تميز التعليم الموازي بتخصيص أفضل أعضاء هيئات التدريس وبنسبة مدرسين عالية إلى الطلاب، على عكس التعليم المجاني، وتتبع أحدث أساليب التعليم.
خصخصة التعليم
ولفت بيان اللجنة إلى أن الدراسات العليا تتجه تدريجيا نحو الخصخصة هي الأخرى: فمصروفات كل سنة في الدراسات العليا في الكليات الحكومية تتراوح بين خمسة إلى عشرين ألف جنيه حسب الجامعة وحسب التخصص، ويأتي المضمون الحقيقي للقانون الجديد في إقراره الصريح بخصخصة الدراسات العليا للتعليم الطبي باقتصاره على درجة البورد الجديدة بمصروفات بحد أقصى ثمانين ألف جنيه.
وتابعت: لم يلتفت المشرع إلى أن رسوم السنة الواحدة تساوي مرتب الطبيب العادي في سنتين في المتوسط.
5 مطالب
ورفعت لجنة الدفاع عن الحق 5 مطالب تمثلت في إتاحة الفرصة للمشاركة الشعبية في التقرير، وأن يعقد مجلس النواب بعمل جلسات استماع للخبراء والنقابات المختصة، وأن يمتد دور المجلس المقترح لإصلاح التعليم الجامعي قبل التخرج، بالذات من ناحية إقرار منهج تعليم حديث موحد واتباع أسلوب موحد حديث في التدريس، وإلغاء الاعتداء على مجانية التعليم عن طريق التعليم الموازي وغيره، فهذا ضد الدستور.
وأوضحت أن تطوير مستوى الأطباء عن طريق مجرد امتحان ترخيص مزاولة المهنة وتطوير الدراسات العليا هو بناء عمارة بدءا من الدور السابع دون أساس، ويجب أن تتضمن مهام المجلس الطبي إصلاح التعليم الطبي الأساسي.
كما طالبت اللجنة بتطبيق الدستور الذي يكفل مجانية التعليم كما يكفل المساواة بين المواطنين.
وأكدت رفضها قصر فرصة التعليم الطبي العالي على شديدي الغنى القادرين على دفع عشرات الآلاف من الجنيهات سنويا. وفي حالة آية مصروفات يجب النص على أن تتحملها جهة العمل.
كما طالبت بأن يتناسب تشكيل مجلس الأمناء مع مهامه، حيث يستند أساسا إلى خبراء في المجال، والحرص على الطابع الشعبي له، حيث يجب النص على تمثيل نقيب الأطباء ونقباء النقابات الأخرى أو من يمثلهم.