تجمع المهنيين السودانيين يرفض لقاء مبعوث الأمم المتحدة للسودان
أعلن تجمع المهنيين السودانيين، اليوم الجمعة، رفضه لقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص فولكر بيرتيس، متهماً بعثة المنظمة الدولية (يونيتامس) في السودان بـ”التقاعس” عن إدانة الانقلاب العسكري.
وقال التجمع في بيان: “لم تلتزم بعثة اليونيتامس بمهمتها حسب التفويض الممنوح لها من قبل مجلس الأمن الدولي بدعم ومراقبة الانتقال الديمقراطي، بل سعت البعثة ورئيسها لدعم (الانقلاب) والاعتراف المخزي بسلطة الانقلاب وقائده عبد الفتاح البرهان”.
ورأى أن موقف البعثة في “فرض وتثبيت الاتفاق السياسي بين البرهان و(رئيس الحكومة عبد الله) حمدوك، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يناقض مهامها، ما يؤكد عدم أهلية البعثة ورئيسها للقيام بدورها في دعم ومراقبة الانتقال الديمقراطي في البلاد”.
وللأسبوع الخامس على التوالي، تواصل البعثة الأممية في السودان مشاوراتها السياسية لاستكشاف مواقف أطراف الأزمة الراهنة، فيما تتباين المواقف من تلك المشاورات، ما بين قبول، وقبول مشروط، ورفض مطلق.
وتقوم مبادرة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقالي الديمقراطي، التي تقدمت بها في 8 يناير/كانون الثاني الماضي، على سبعة محاور رئيسية، غرضها النهائي توافق السودانيين لمعالجة حالة الجمود السياسي الحالي، والتقدم نحو الديمقراطية والسلام، وتعزيز حقوق الإنسان، والوصول إلى تشكيل حكومة بقيادة مدنية تدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية، وتضمن بالأساس مشاركة النساء والشباب، في كل مؤسسات الفترة الانتقالية.تقارير عربية
مشاورات البعثة الأممية في السودان
وشملت المشاورات من تسمّيهم “أصحاب المصلحة” للتعرف على مقترحاتهم وتوثيقها كتابة، حول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة.
ومنذ 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، تسلمت البعثة عشرات المقترحات من الأحزاب والتيارات السياسية والنقابات والمنظمات النسوية وأكاديميين وضحايا الحرب وأسر ضحايا ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 ومنظمات المجتمع المدني.
كما عقدت اجتماعات مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير ومع تنظيماته بصورة فردية، مثل حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي، إضافة إلى الاجتماع مع الحزب الشيوعي السوداني، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، والمكون العسكري ممثلاً في عدد من أعضاء مجلس السيادة.
وأنشأ مجلس الأمن الدولي البعثة في يونيو/حزيران 2020 بموجب القرار 2579، وحصر مهمتها في مساعدة السودانيين على تحوّل بلدهم نحو التحول الديمقراطي، ودعم عملية السلام في البلاد.
وسبق قرار إنشائها خلاف بين المكون المدني والمكون العسكري، حول طبيعتها ومهامها وصلاحياتها، إذ اعترض العسكر على منحها صلاحيات تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما كان يتحمس إليه رئيس الوزراء حينها عبد الله حمدوك.
ولفتت البعثة، في أكثر من مناسبة، إلى أن “تلك المشاورات الأولية ستساهم في تصميم الخطوات التالية للعملية السياسية”، مؤكدة استعدادها لـ”تيسير اتخاذ خطوات إضافية في مرحلة لاحقة، بحسب ما تقتضيه الحاجة وما يحدده شركاء العملية السياسية”.
شددت على “أهمية تهيئة المناخ لضمان نجاح مشاوراتها، بما يشمل وقف العنف تجاه المتظاهرين السلميين، ومحاسبة مرتكبي العنف، وحماية حقوق السودانيين في التعبير السلمي”.
وبعد مضي نحو شهر عليها، تتباين مواقف القوى السياسية حول تحركات البعثة الأممية، فالمكون العسكري أعلن ترحيبه بالمبادرة واقترح إشراك الاتحاد الأفريقي فيها، بينما اشترط تحالف قوى الحرية والتغيير لنجاح التحرك الأممي أن تؤدي في النهاية إلى “إنهاء الحالة الانقلابية في البلاد، واستعادة المسار الديمقراطي بالكامل”.
كما اقترح إشراك الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا (الولايات المتحدة، وبريطانيا، والنرويج)، بما يتيح أكبر قدر من الضمانات الدولية التي توفر رقابة دولية على أي توافق سياسي.
تيارات سياسية أخرى يقودها حزب المؤتمر الوطني، حزب الرئيس المعزول عمر البشير، تقود حملة سياسية وإعلامية رافضة للمبادرة الأممية، بحجة أنها تمثل “تدخلاً صارخاً في الشأن السوداني”.
ونظمت تلك التيارات قبل أسبوع تظاهرة ضخمة أمام مقر بعثة الأمم المتحدة، تطالب بطرد رئيس البعثة فولكر بيرتس، اعتقاداً منها أن مبادرته “تمهد لمصادرة الإرادة الوطنية في حل القضايا المصيرية، وتكريس التدخل الأممي ليصبح انتداباً كاملاً”.
وحتى داخل صفوف مناهضي الانقلاب العسكري، هناك من يرفض المبادرة الأممية لأسباب مختلفة، أبرزها تماهي البعثة الأممية في السودان مع الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعدم اتخاذها إجراءات قوية ضده وضد ما يقوم به من انتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وثانيها، دعمها للاتفاق بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو اتفاق، على حد تقديرها، “يشرعن الانقلاب”، ويقف على رأس تلك التيارات الحزب الشيوعي السوداني وتجمع المهنيين السودانيين.تقارير عربية
ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والسودان يشهد احتجاجات رداً على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية “انقلابا عسكريا”، في مقابل نفي الجيش.
ووقع البرهان وعبد الله حمدوك، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
لكن حمدوك استقال من منصبه في 2 يناير/ كانون الثاني الماضي، في ظل احتجاجات رافضة لاتفاقه مع البرهان والمطالبة بحكم مدني كامل، لا سيما بعد سقوط 64 قتيلاً خلال المظاهرات منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفق لجنة أطباء السودان.