الذكاء الاصطناعي لن يستبدل البشر حسب خبير من مؤسسة قطر
عربي تريند_ كثيراً ما يسود الاعتقاد أن الذكاء الاصطناعي قد يهدد وظائف الإنسان ويحل مكانهم، لكن خبيرا من مؤسسة قطر للتربية والعلوم ينفي التصور ويعتبر أن ذلك لن يحدث وسيكون الذكاء الاصطناعي زميل عمل.
ويأتي الأمر في خضم المعلومات المتواترة عن تقدم الذكاء الاصطناعي وأنه مهيأ لإحداث ثورة في العديد من المجالات في جميع أنحاء العالم، ولكن هل هذا يعني أنه سيصبح مرادفًا للبطالة الجماعية؟
ويجيب الدكتور غانم السليطي، عالم في معهد قطر لبحوث الحوسبة للذكاء الاصطناعي، ومقره في معهد قطر لبحوث الحوسبة، وهو عضو جامعة حمد بن خليفة التابعة لمؤسسة قطر، على هذا السؤال.
ويعتبر الخبير القطري أن “الإجابة ببساطة هي لا، على الأقل ليس في الوقت الحالي، وعلى الرغم من كل ما نراه في أفلام الخيال العلمي، فإن التكنولوجيا ليست متطورة بما يكفي لتحل محل البشر، ولا يمكن الوصول بالذكاء الاصطناعي إلى مستوى العقل البشري”.
الرجل الآلي لن يستبدل البشر
وأوضح الدكتور السليطي وهو من كوادر مؤسسة قطر أن هناك أمورا بسيطة للغاية يمكن للبشر القيام بها في جزء من الثانية ولا تزال الآلات غير قادرة على فعلها. ويوضح ذلك مؤكداً أنه على سبيل المثال، قد لا تستطيع الآلات التقاط الأشكال المختلفة، بينما يمكن لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات القيام به في غمضة عين.
وفقًا للدكتور السليطي، ما لدينا الآن هو “نطاق ضيق للذكاء الاصطناعي”، وهو قادر فقط على أداء مهام محددة للغاية. تفصلنا عدة عقود عن “الذكاء الاصطناعي العام”، الذي يتساوى مع الذكاء البشري، وهذا إذا تمكنا من تحقيقه في وقت ما.
وتابع الخبير القطري: “مجرد فكرة أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر هو أمر خاطئ لأنه يفترض أن الذكاء الاصطناعي والبشر لديهم نفس المهارات والقدرات”.
ويوضح قائلاً: “صحيح، يمكن للآلات القائمة على الذكاء الاصطناعي أن تعمل على مدار الساعة وتكون دقيقة باستمرار، لكنها ليست بديهية وتفتقر إلى الذكاء العاطفي، وكلاهما يجعل البشر أكثر فعالية في مكان العمل”.
ويفضل الدكتور السليطي عدم التركيز على إنشاء فرص العمل أو فقدان الوظائف نتيجة للذكاء الاصطناعي، قائلًا: “أعتقد أن التركيز يجب أن يكون على تطوير الذكاء الاصطناعي، إذ كيف سيعمل الذكاء الاصطناعي مع البشر لتحسين كفاءة وإنتاجية وظائفهم الحالية”.
الإنسان يتفوق على الذكاء الاصطناعي
ويستطرد الخبير القطري العامل في معهد بحوث الحوسبة التابع لمؤسسة قطر أن الذكاء الاصطناعي وتعزيز القدرات البشرية، هي فكرة توضح التعاون بين البشر والآلات، حيث يضع الإنسان في مقعد السائق ويركز على كيفية مساعدة الذكاء الاصطناعي في تعزيز القدرات البشرية، مثل السمع والرؤية واتخاذ القرارات.
وأضاف الدكتور السليطي: “نحن بحاجة إلى تغيير الفكرة السائدة حول الذكاء الاصطناعي كونه يسرق الوظائف إلى اعتبار الذكاء الاصطناعي زميلًا في العمل، ويمكن أن يأخذ جزءًا من وظائفنا المتكررة والعادية ويعطينا الفرصة للتركيز على المهام الأكثر إثارة وتحديًا”.
زميل عمل
يوضح الخبير القطري أنه على سبيل المثال بخصوص مساعدة الذكاء الاصطناعي للبشر، هو تحويل الصوت إلى نص، في السابق كان الأفراد يكتبون النصوص يدويًا، وهي مهمة شاقة تستغرق وقتًا طويلاً. لكن اليوم، تتم عملية طباعة النصوص في الغالب باستخدام الآلات، وليس هناك من ينكر أن الآلات قادرة على القيام بذلك أسرع من البشر، وبدقة عالية في معظم الحالات. ولكن بمجرد أن الجهاز يؤدي هذه المهمة، فهذا لا يعني أنه يمكننا الاستغناء عن مهارات الإنسان حيث ستكون هناك حاجة إلى التحقق من عمل الجهاز للتأكد من دقة وصحة النصوص. وبالتالي، تعني المشاركة المنخفضة للبشر في مثل هذه المهام أنه يمكنهم استغلال وقتهم في مكان آخر، كتعلم لغات أخرى.
وفي توضيح موقفه من الذكاء الاصطناعي وقدراته، أكد الدكتور السليطي أنه لا شك في أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على الوظائف، قائلًا: “لكي نكون قادرين على التعامل مع الذكاء الصناعي مع أماكن العمل، هناك حاجة لتحسين مهارات جزء كبير من القوى العاملة، لا سيما للموظفين ذوي المهارات الفردية، كموظفي المكاتب، لا سيما الموظفين الذي يعملون في الأعمال الكتابية أو الإدارية”.
وحول الإشكالات المتعلقة بالوظائف الحالية، يشير الخبير القطري أن هناك جزءا كبيرا من القوة العاملة في وظائف ذوي المهارات الفردية حاصلين على تعليم جامعي، مما يعني أنهم يقومون على الأرجح بوظائف أقل من مستواهم الجامعي. هناك حاجة لتطوير مهاراتهم وتوليهم لوظائف تتناسب مع مستوى تعليمهم.
وتابع: “عندما ننظر إلى وظيفة ما لمعرفة مدى قابليتها للتأثر بالآلات، فإننا لا ننظر إليها كنقطة واحدة، بل على أنها مجموعة المهام التي تنطوي عليها. لذلك، إذا كانت الوظيفة تحتوي على 10 إلى 15 مهمة، فنحن بحاجة إلى معرفة أي من المهام يمكن إنجازها عن طريق الآلات، والخبر السار هو أنك نادرًا ما ستجد وظيفة يمكن أن تكون 100 في المائة من مهامها يمكن إنجازها من خلال الآلات. بالنسبة للمهام التي يمكن أن تكون، هذا هو المكان الذي نحتاج فيه لمعرفة كيف يمكننا تحسين المهارات للبقاء على صلة”.
مهارات المستقبل الوظيفية
وتعليقًا على المهارات اللازمة للعمل في المستقبل، قال الدكتور السليطي: “سيكون البشر دائمًا الأفضل في كونهم بشرًا. نحن، البشر، تميزنا دائمًا في التفكير النقدي وحل المشكلات، والتواصل الجيد والعمل الجماعي، والقيادة، والمبادرة، والإبداع، وهذا ما سنحتاجه دائمًا، وبالطبع الرغبة في تبني التكنولوجيا الجديدة”.
سوف يلعب الذكاء الاصطناعي حتماً دورًا رئيسيًا في مستقبل أماكن العمل. ستنجح الشركات التي ستقوم بتدريب الأتمتة مبكرًا وتدريب القوى العاملة لديها لتلبية الاحتياجات الجديدة لمكان العمل المتغير.
جدير بالذكر أن الدكتور السليطي التحق بمعهد قطر لبحوث الحوسبة في أغسطس/ آب 2021، بعد تخرجه بدرجة الدكتوراه في الهندسة من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة.
وتشمل اهتماماته البحثية الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي والمنصات الرقمية والتحول الرقمي.