نيويورك تايمز: بوتين يدفع بجبهة موحدة مع إيران والصين لمواجهة الضغط الأمريكي في أوكرانيا
عربي تريند_ نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا قالت فيه إن روسيا وإيران أظهرتا جبهة موحدة ضد الولايات المتحدة، وذلك تعليقا على لقاء الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. وفي التقرير الذي أعده انطون تريانوفيسكي وفرناز فصيحي وستيفن إرلانغر قالوا فيه إن الرئيس بوتين التقى بنظيره الإيراني في موسكو حيث اتبع قواعد التباعد الإجتماعي في اجتماع ذكر فيه رئيسي نظيره الروسي أن إيران “تقاوم الولايات المتحدة منذ 40 عاما”. واليوم وفي الوقت الذي تخوض فيه روسيا المواجهة مع واشنطن فقد قال رئيسي إن الوقت قد حان للتآزر الكبير بين البلدين.
وعلقت الصحيفة على اللقاء والتعليقات بأنها مثل “مسرح سياسي” جاء في لحظة حيوية لواشنطن وأعدائها. وبدأ رئيسي يوم الأربعاء زيارة تستمر يومين بهدف إظهار التعاون بين البلدين وتعزيز العلاقات التي لم تكن متوافقة في معظم الأحيان، وتتباين المواقف بينهما بناء على الثقافة والتاريخ. ولكن العدو الآن بالنسبة للبلدين إلى جانب الصين بات: الولايات المتحدة. فقد تورط بوتين في نزاع مع الولايات المتحدة حول مناطق التأثير ويواجه عقوبات قاسية لو أتبع تهديده بغزو أوكرانيا. وكانت زيارة رئيسي فرصة لكي يظهر بوتين أن موسكو لديها أصدقاء تستطيع الإعتماد عليهم في وقت المواجهة مع الغرب. ولتأكيد هذه الرسالة، تشمل زيارة رئيسي على خطاب سيلقيه أمام الدوما، وهو تكريم نادر يمنح لزعيم زائر. وتواجه إيران عقوبات اقتصادية من الغرب، في وقت تخوض فيه محادثات مع الدول الموقعة على الإتفاقية النووية الموقعة في 2015 بغرض إحيائها، لكن رئيسي أعرب عن دعم تكتيكي لبوتين في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الإيراني إن الرئيسين اتفقا على “إطار” اتفاق يغطي التعاون الإقتصادي والعسكري. ولم يتم توقيع أي اتفاق علني، لكن لم يعرف المدى الذي سيذهب فيه الكرملين لبيع إيران الأسلحة الروسية المتقدمة. إلا أن الكرملين يبدو عازما على إرسال رسالة للغرب بأنه يبحث عن قوة مواجهة له، في إشارة للمناورة البحرية التي ستعقدها روسيا مع الصين وإيران. ومن جانبها تريد إيران إرسال رسالة أن لديها بدائل حالة لم يتم رفع العقوبات المفروضة عليها. وأخبر بوتين رئيسي قائلا “نتعاون بشكل وثيق على المسرح الدولي”. وأشار رئيسي إلى أزمتي أفغانستان وسوريا وتعهد بتقريب إيران إلى الكتلة التجارية التي تقودها روسيا وهي “اتحاد يوروأسيا الاقتصادي”.
وتعلق الصحيفة أن البلدين لديهما عدد من الخلافات، فعلى الرغم من العقوبات المفروضة على موسكو إلا ان اقتصاد روسيا، وعلى خلاف إيران، لا يزال مندمجا في الغرب. وعمل بوتين على تمتين العلاقات مع إسرائيل التي تتعامل معها إيران كعدو. وفي فيينا تعمل روسيا مع القوى الأوروبية والولايات المتحدة لإحياء الإتفاقية النووية. ومع تصاعد الخلاف مع الغرب، فإن قادة روسيا عبروا عن استعداد لغض الطرف عن الخلافات مع طهران.
وقال غريغوري لوكيانوف، الخبير بالشؤون الدولية في المدرسة العليا للإقتصاد في موسكو إن المسؤولين الروس باتوا في السنوات الماضية أكثر اصطفافا مع الموقف المعادي للغرب الذي يحمله الإيرانيون. وتحدث الرئيس المتشدد الذي تسلم منصبه في آب/أغسطس عن رغبة بالتعاون الوثيق مع روسيا رغم مواقف الرأي العام المتشككة. وقال لوكيانوف إن “الزيارة ليست مكيفة باتجاه الرأي العام المحلي في البلدين ولكن باتجاه الغرب” و “هناك داعمون داخل القيادة الروسية لتبني الموقف الإيراني المتشدد والذي لم يكن مقبولا من روسيا. وحشدت روسيا 100.000 جندي وتطالب بضمانات بعدم توسيع “الناتو” لأوكرانيا أو أي مكان في أوروبا الشرقية.
وقال المسؤولون الغربيون إن بوتين قد يشن غزوه في أي لحظة، وهددوا بعقوبات صارمة ودعم عسكري جديد لأوكرانيا لو فعل. وبدوره لم يتطرق رئيسي لأوكرانيا، لكنه عبر عن ازدرائه للتحالفات العسكرية الغربية. وقال إن “تأثير الناتو وتحت أي مبرر في القوقاز ووسط آسيا هو تهديد للمصالح المتبادلة بين الدول المستقلة”. وكان يشير للمنطقتين اللتين كانتا جزءا من الإتحاد السوفييتي السابق والتي لا يزال الكرملين ينظر إليهما كجزء من مجال التأثير الخاص به. وعزز رئيسي سلطة التيار المتشدد الذي طالما انتقد الحكومة الإصلاحية لحسن روحاني واصطفافها مع الغرب، وبات أقرب من رؤية بوتين. والتقى بوتين مع رئيسي رغم جهود المسؤولين الروس لحمايته من فيروس كورونا، وسط انتشار واسع لمتحمور أوميكرون. وجلس بوتين على بعد 20 قدم من رئيسي، وقال المسؤولون الروس لاحقا إن تنظيم الكراسي اتبع قواعد النظافة المطلوبة. وقال بوتين “لا يمكن استبدال اللقاء الشخصي بمؤتمر عبر الفيديو أو الهاتف- وحتى كهذا” مشيرا إلى الطاولة الكبيرة التي تفصل بينهما.
وأعلن حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية عن اطار اتفاق طويل الأمد بين البلدين، وقال رئيسي إنه تم تسليم الوثائق لبوتين. وقال أمير عبد اللهيان إن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة. وشمل اتفاق 20 عاما الذي ناقشه الرئيسان على نقل التكنولوجيا وشراء المعدات العسكرية المتقدمة والإستثمار الروسي بالبنى التحتية النفطية الإيرانية.
وقال المسؤولون إن الاتفاق مع موسكو سيكون مثل الإتفاق الأمني- الإقتصادي الذي وقعته إيران مع الصين ويتم استثمار 400 مليار دولار في مشاريع بنى تحتية مقابل توفير النفط ولعقدين إلى بيجين. وقال محمود شوري، نائب مدير معهد إيران ويورشيا في طهران ” بالتأكيد نتابع اتفاقا طويل الأمد مع روسيا لأنه ضرورة” و “أهم من الشراكة الإقتصادية مع روسيا هو التحالف العسكري والأمني”.
وفي روسيا يرى المحللون أن منظور تعاون روسيا مع دول أخرى معادية للغرب هي ورقة النفوذ الروسية ضد أمريكا. وفي يوم الثلاثاء وصلت البوارج الحربية الروسية من اسطول الباسيفيك الروسي ميناء تشبهار على خليج عمان قبل بدء المناورة البحرية مع إيران والصين، حسبما قالت وزارة الدفاع الروسية. لكن النقطة الشائكة بين إيران وروسيا هي محادثات فيينا. وفي تصريحات متلفزة قال بوتين لرئيسي “من المهم معرفة موقفك من فيينا”. ولم تحقق المحادثات أي تقدم، وهناك مخاوف من أنه لم يتبق سوى عدة أسابيع قبل أن تصل إيران إلى وقت الإختراق اللازم لبناء القنبلة النووية مما يعني أن إحياء الاتفاقية الأولى التي وعد جوي بايدن بالعودة إليها سيكون بلا معنى.
ويرى المعلقون الروس أن موسكو لا تزال تلعب دورا إيجابيا في المحادثات ولا ترى في إيران نووية أو هجوما أمريكيا- إسرائيليا الحل. وقد يطلب بوتين من إيران التحرك سريعا في المفاوضات، وربما استخدم التعاون مع إيران كورقة ضغط في مواجهته مع الغرب. ويقول علي فائز، مدير إيران في مجموعة الأزمات الدولية “لا تريد روسيا إيران بقنبلة نووية ولا إيران تتعرض للقصف”، مضيفا “الروس بارعون في تجزئة خلافاتهم مع الغرب”.