الأزمة في العراق تتطور لتصعيد مسلح: استهداف مقرات أحزاب الحلبوسي والخنجر وبارزاني
عربي تريند_ على وقع سلسلة أزمات سياسية نشأت عقب الجلسة الافتتاحية «المثيرة للجدل» لمجلس النواب العراقي الجديد، والتي أفضت لاختيار هيئة رئاسة جديدة، بدأ صراع جديد «كردي ـ كردي» على خلفية ترشيح الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، لمنصب رئيس الجمهورية، فيما يصر غريمه «الاتحاد الوطني» على تجديد الولاية لمرشحه «الوحيد» برهم صالح، في وقتٍ تعرضت مقار الأحزاب السنّية والكردية، المتحالفة مع «التيار الصدري» إلى هجمات ليلية مسلّحة، في العاصمة بغداد، الأمر الذي يُنّذر بتحول «الصراع السياسي» نحو «النزاع المسلّح».
وتعرضت مقار الكتل السياسية «تقدّم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«العزم» برئاسة خميس الخنجر، فضلاً عن «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، في بغداد، إلى هجماتٍ بالقنابل، ليلة الخميس/ الجمعة، من دون أن تُسفر عن إصابات بشرية، باستثناء أضرار مادية بسيطة.
وكشف فيديو، لكاميرات المراقبة المحيطة بمقر تحالف «تقدم» في منطقة الأعظمية ذات الغالبية السنّية في بغداد، جانباً من الهجوم الذي استهدف المقر. ويظهر في الفيديو قيام إثنين، تقلهما دراجة نارية برمي قنابل يدوية داخل المقر، والهروب إلى جهة مجهولة.
كما ظهر في تصوير آخر، عنصران يستقلان دراجة نارية وهما يتوقفان قرب مقر تحالف «العزم» في المنطقة ذاتها، ثم يشعلان فتيل قنبلتين قبل أن يلقياها داخل المقر.
«استهداف إرهابي»
وأدان، «التحالف المشترك (العزم وتقدّم)» قال، في بيان صحافي»الاستهداف الإرهابي الذي تعرضت له مكاتبه في بغداد، والتهديدات المتكررة التي تحاول تغيير إرادتنا الوطنية» مطالباً، الحكومة والمؤسسات الأمنية بـ«موقف حازم رادع للجماعات التي تمارس أفعالاً إرهابية تحت أغطية شتّى، وحماية أعضاء تحالفنا، ومكاتبه، من هذه الاعتداءات الإجرامية».
وأكد «رفع دعوى قضائية ضد كل من هدد أو حرض ضد تحالفنا ومحاسبته وفقاً للقانون» مشيراً إلى أن «حتى لو غاب القانون، فيفترض أن هناك أعرافا تحترم في قواعد التعامل بين الجميع».
الخنّجر، كتب «تدوينة» معلقاً على الهجوم، قائلاً: «في الجمعة المباركة يتقرب العباد إلى الله بمزيد من العبادات والنوافل، أما أدعياء الدين فيضربون المقرات بالقنابل بلا خوف من الخالق، لتظهر حقيقتهم أمام الشعب».
وأضاف: «من لا يريد وحدة الإخوة في العمل السياسي لا يريد وحدة العراق. ومن يلوح بالقوة فلن يحصل إلا على المزيد من العزلة».
«لن نتراجع»
كما، علق القيادي في تحالف «تقدم» محمود العيساوي، على الهجوم الذي استهدف مقر التحالف في الأعظمية. وقال في بيان مقتضب «لم ولن نتراجع عن حقوق أهلنا». وأضاف: «استهداف مقر تقدم في الأعظمية هو وسام شرف».
جاء ذلك بعد ساعات قليلة من تعرض أحد فروع الحزب «الديمقراطي الكردستاني» إلى استهداف بـ«قنبلة صوتية» في منطقة الكرادة، وسط بغداد، غير أن المقر كان خالياً من ممثلي الحزب، والاستهداف تسبب بكسر الزجاج فقط، حسب مصادر أمنية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الحكومة العراقية، طلب ألا ينشر اسمه، قوله إنه يتوقع أن يستخدم أعضاء المعسكر الإيراني التهديد بالعنف للحصول على مكان في الحكومة، لكنهم لن يصعدوا العنف إلى صراع شامل مع الصدر.
كما نقلت الوكالة عن السياسي الشيعي، إبراهيم محمد القيادي في تحالف «الفتح» قوله إن «الاستمرار بهذا المشروع من قبل الصدريين والمتمثل باستبعاد وتهميش قوى شيعية مؤثرة في تشكيل الحكومة المقبلة (سيؤدي) إلى حصول ردود أفعال مختلفة تتمثل بالمقاطعة (السياسية) والاحتجاجات الشعبية، وممكن أن تصل إلى مناوشات مسلحة».
«نحن أقوياء»
في المقابل، أوضح رياض المسعودي العضو البارز في التيار الصدري متحدثا عن المعسكر الإيراني: «لنكن واقعيين ونقول ببساطة، إن الخاسرين (في الانتخابات) لا يشكلون الحكومة».
ومضى يقول «هناك جبهة قوية تضم (التيار الصدري) وجميع السنة وأغلبية بالكرد (الأكراد) والكثير من المستقلين قادرة على انتخاب حكومة جديدة في فترة وجيزة».
سياسي صدري ثان، طلب ألا ينشر اسمه، قال لـ «رويترز» : «نحن أقوياء، لكن ليس بلغة السلاح بل بامتلاكنا قائدا قويا، بامتلاكنا الملايين من القاعدة الشعبية التي هي مستعدة للخروج إلى الشارع والتضحية بنفسها».
ويتزامن التصعيد المسلّح مع تصاعد وتيرة الخلاف السياسي، وخصوصاً الكردي، الذي نشب بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، إثر ترشيح زيباري لمنصب رئيس الجمهورية.
وأعلن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» إلغاء الاتفاقية مع الحزب «الديمقراطي الكردستاني».
مواقع إخبارية مقرّبة من «الإطار التنسيقي» الشيعي، نقلت عن القيادي في «الاتحاد» غياث سورجي قوله إن «بعد خروج نواب الاتحاد الوطني الكردستاني من جلسة البرلمان الأولى، ألغيت الاتفاقية مع الديمقراطي الكردستاني، وأرتأى أن يكون كل حزب حر، بالترشيح لرئاسة الجمهورية».
وأضاف: «كذلك لأننا لم نصوت لمرشح الديمقراطي الكردستاني النائب الثاني لرئيس مجلس النواب».
وتابع: «مازال مرشحنا الأوحد برهم صالح» مرجحاً: «الوصول لحل خلال الأيام المقبلة» موضحاً أن «الديمقراطي يدرك جيداً أن ليس من مصلحة شعب كردستان أن نكون متفرقين».
«الديمقراطي» يعول على تفاهمات مع الصدريين لإيصال زيباري للرئاسة
وختم بالقول: «بوحدتنا سيكون لنا 50 مقعداً في البرلمان، وهذا له ثقل سياسي في اتخاذ القرارات، وإن بقي لوحده لن يكون له أي تأثير على تمرير القوانين وتدويرها».
وسبق أن اتفق الحزبان الكرديان على خوض مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بـ«وفدٍ موحدّ» وبـ»ورقة تفاوضية» موحدّة أيضاً، حسب عضو الحزب الديمقراطي، فهد زيباري.
وأضاف: «الوفد الكردي اتفق على ورقة عمل مشتركة وهي الشراكة في الحكومة الاتحادية وانهاء الاختلافات وتأسيس فكرة جديدة في الحكومة المقبلة» موضحاً أن «الديمقراطي والوطني، ذهبا إلى بغداد بورقة واضحة تؤكد دعم رؤى جميع المكونات باستحقاقاتها الانتخابية والابتعاد عن الصراعات التي تهدد المصلحة العامة واستقرار العراق».
ويعدّ برهم صالح وهوشيار زيباري أبرز الشخصيات التي رشّحت أسماؤها لمنصب رئيس الجمهورية، وفيما يعوّل «الديمقراطي» على تحالفه مع الصدر والحلبوسي والخنجر، للتصويت على مرشّحه، بعدّ موقف مرشح «الاتحاد» ضعيفاً، بكونه يعتمد في تحالفه مع «الإطار» الشيعي.
الخبير القانوني، طارق حرب، أكد، ضمان فوز زيباري في الاختبار البرلماني لمنصب رئيس الجمهورية.
وقال، في بيان: «بترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية، استبان موقف الثلاثة حاملي مبدأ اللامركزية الوطنية (الصدر والحلبوسي وبارزاني) من الشخصية التي ستتولى منصب رئيس الجمهورية العراقية في الأربع سنوات المقبلة، وهو هوشيار زيباري».
وأشار إلى «ضمان تصويت أعضاء البرلمان الشيعة كتلة الصدريين، والسنة كتلة محمد الحلبوسي، والكرد كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والنواب الآخرين المؤيدين للكتل الثلاث والمؤيدين لزيباري بشخصه، أي أن زيباري سيضمن نجاحه في الاختبار البرلماني بضمان فوزه في منصب رئيس الجمهورية من بين المرشحين الآخرين، لهذا المنصب، وبأغلبية برلمانية تماثل الأغلبية التي حصل عليها محمد الحلبوسي عند فوزه في تصويت البرلمان لصالحه».
ولم يحدد البرلمان «الكتلة الأكبر» التي يمكن أن يخوّلها رئيس البرلمان لتشكيل الحكومة، خصوصاً بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير.
وفصّل المركز الاعلامي للمحكمة الاتحادية في بيان صحافي قائلاً، إن «الأمر الولائي الصادر (أول أمس) المقدم ضمن الدعوى الخاصة بالطعن بصحة إجراءات جلسة مجلس النواب يوم (9 كانون الثاني/ يناير الجاري)الخاصة بانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، (إيقاف عمل هيئة رئاسة البولمان) لا يؤثر على سريان المدد الدستورية بخصوص إكمال بقية الاستحقاقات الدستورية والمتمثلة بالموعد الأقصى لانتخاب رئيس الجمهورية وما يليها من إجراءات بخصوص تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا لتشكيل الحكومة».
تأثيرات القرار
وعلق، رئيس هيئة النزاهة الأسبق، رحيم العكيلي، على قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإيقاف عمل هيئة رئاسة مجلس النواب.
وقال، في بيان إن «أمر المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف عمل هيئة رئاسة مجلس النواب المنتخب يرتب آثارا مباشرة وآثارا غير مباشرة، ومن الآثار المباشرة إيقاف عمل مجلس النواب بالكامل وإيقاف اختصاصاته التشريعية والرقابية والإجرائية، لحين حسم دعوى الطعن بعدم دستورية الشق الثاني من جلسة مجلس النواب الأولى». وأضاف: «والآثار غير المباشرة تعطيل العمل بالمواعيد الدستورية التي أوجبت اتخاذ إجراءات إشغال مناصب الدولة العليا وتشكيل الحكومة في مواعيد حددها الدستور، مثل انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء وما بعدها، كلها ستتوقف واقعياً إلا إذا حسمت المحكمة الدعويين قبل انتهاء مدة ترشيح رئيس الجمهورية».
وتابع: «الأمر أعلاه لا يعني أي شيء في الدعوى، فلا هو حكم بعدم دستورية الجلسة الأولى، ولا حكم بعدم شرعية أي إجراء فيها، كما أنه لا يعد قبولا للدعوى ولا أي قناعة بشأنها من الناحية القانونية والدستورية، إنما هو إجراء مؤقت يمنع ترتيب آثار متلاحقة وغير ممكنة التلافي إذا ظهر أن المدعيين محقان في الدعويين اللتين أقاماها فقط لا غير، لكنه سينتج الآثار أعلاه لحين حسم الدعويين».
«انتصار للديمقراطية»
وفي أول تعليق من «الإطار التنسيقي» على القرار القضائي الذي يأتي انسجاماً مع موقف الكتلة الشيعية المعترضة على ما تضمنته الجلسة الأولى للبرلمان، اعتبر رئيس كتلة «بدر» النيابية، مهدي تقي الأمرلي، قرار المحكمة الاتحادية، «انتصارا حقيقيا للديمقراطية وإثبات إضافي لنزاهة القضاء العراقي».
وقال، في بيان: إننا «نثق بالقضاء وباستمرار نحتكم إليه ونحترم قراراته».
واضاف أن «أملنا كبير أن يرى الشعب العراقي والعالم موقفا قانونيا تاريخيا بالقريب العاجل يحسم ما جرى في جلسة مجلس النواب الافتتاحية». ودعا، جميع الكتل السياسية إلى «الاحتكام إلى القانون والدستور وفتح حوار جاد وعدم إقصاء الشركاء».