واشنطن بوست: أزمات العالم “المنسية” ازدادت سوءاً في عام 2021
أدى وباء فيروس كورونا، الذي لا ينتهي على ما يبدو، إلى جانب مجموعة متنوعة من الضغوط الأخرى، إلى تركيز الديمقراطيات الليبرالية الغنية نسبياً في الغرب على المشكلات الداخلية، وقد يكون ذلك مفهوماً إلى حد ما، على حد تعبير افتتاحية “واشنطن بوست”، إلا أن أحد الآثار الجانبية لهذا الانغماس الذاتي كان الافتقار الخطير إلى الاهتمام بالأزمات المختلفة حول العالم.
استغل الطغاة انشغال “العالم الحر” في الجائحة والأزمات الداخلية لمضاعفة القمع ضد الشعوب
وأشارت الافتتاحية إلى أن عام 2021 شهد تفاقماً في الكوارث الإنسانية والسياسية الشديدة في مختلف الدول، والتي كان من الممكن أن تجد المزيد من الاهتمام والمساعدة الدولية في عالم غير وبائي، كما تعمقت الحروب الأهلية في ظل غياب المبادرات الدبلوماسية من الخارج، واستغل المستبدون والطغاة انشغال العالم الحر بالجائحة لمضاعفة القمع ، ولم تؤد الآثار المتراكمة لتغير المناخ إلا إلى انعدام الأمن وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم النامي، مما أدى إلى تفاقم الصراعات.
وقالت هيئة تحرير الصحيفة :” لا يمكننا أن ندع هذه الأزمات تتفاقم، المجتمع الدولي يخزن المشاكل لوقت لاحق، في حين أنه من المؤكد أننا لا نستطيع حل جميع مشاكل العالم، ولكن عندما لا نحاول، فإن النتيجة غالباً ما تكون كارثية على مصالحنا ومدمرة للدول، التي نتجاهلها”.
والشيء الوحيد الذي لا يمكننا قوله هو أننا لم نكن نعرف، تضيف الصحيفة، حيث أصدرت لجنة الإنقاذ الدولية في نهاية عام 2020 “قائمة مراقبة الطوارئ” حول 10 أزمات منسية كانت بحاجة ماسة لاستجابة من قبل المجتمع الدولي، وقد أشار التقرير إلى أن الوباء يلحق المعاناة بشكل غير متناسب بالفقراء والضعفاء، وقال رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند إن عام 2021 سيُذكر بأنه العام، “الذي ابتعدنا فيه عن أولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم”.
الغرب تجاهل تماما ازمات العالم المنسية في عام 2021
وأصدرت لجنة الإنقاذ، ايضاً، في وقت سابق من عام 2021 قائمة مراقبة محدثة، وقد أدانت اللجنة تصرفات المجتمع الدولي، ووصفت الوضع الإنساني المتغير السائد في العديد من المناطق المنكوبة بالأزمات بأنه “فشل في الأنظمة”.
وقال ميليباند إن عام 2020 علم العالم كيف “يكون العيش في أزمة”، ولكن عام 2021 علمنا كيف سيكون الحال عندما تصبح الأزمة مطولة وطبيعية وحتى روتينية، وأضاف أنه بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في أكثر دول العالم هشاشة وتاثراً بالصراعات فإن الأزمة شبه الدائمة هي الوضع الطبيعي الجديد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدول التي حددتها لجنة الإنقاذ الدولية تختلف في العديد من النواحي، ولكن تم تجاهلها جميعاً إلى حد كبير من قبل العالم مع تفاقم الأزمات الداخلية، وقد احتلت أفغانستان مكانة في الأخبار خلال الانسحاب الفاشل للقوات الأمريكية وسيطرة طالبان على السلطة، ولكن هناك القليل من الحديث عنها الآن بعد أن غادرت القوات عن المجاعة الجماعية.
وفي اليمن، عانى أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي في عام 2021، وفقاً للجنة الإنقاذ، مع اتساع نطاق الحرب الأهلية هناك في عامها السابع، كما أشارت اللجنة إلى عدم اهتمام العالم بتدهور الأوضاع الإنسانية والسياسية في الدول الإفريقية مثل نيجيريا وجنوب السودان وجمهورية الكونغو والصومال في عام 2021، دون زيادات متناسبة في المساعدات من خارج القارة.
واشنطن بوست: ” لا يمكننا تحمل عام آخر من الإهمال”.
وتناولت الافتتاحية الانقلاب العسكري في ميانمار، وقالت إن “الحلقة المفرغة من القمع الحكومي والمقاومة المسلحة تؤدي إلى زيادة الاحتياجات، وتعمل على تقييد وصول المساعدات الإنسانية” كما أشارت إلى انهيار الخدمات الأساسية والأزمة الاقتصادية في البلاد، مؤكدة أنه لا يوجد للولايات المتحدة أو أي دولة أخرى خطة لمعالجة الوضع هناك.
وفي إثيوبيا، التي تم الترحيب بها ذات مرة كنموذج لحل الصراعات، تعمل الحرب الأهلية الوحشية على تدمير قدرة البلاد على العمل، ومع عدم وجود أي محاولات لحل الانقسامات العرقية الداخلية العميقة، فإن جرائم الحرب من الجانبين تمر يومياً دون أن يلاحظها أي أحد تقريبا ودون عقاب، كما لا توجد ايضاً مبادرة دولية واقعية للتخفيف من حالة اليأس المطلق في سوريا، حيث يحاول ملايين الأبرياء الذين يرفضون العيش تحت حكم رئيس النظام بشار الأسد تجنب كوفيد- 19 والمجاعة وقنابل حكومتهم في نفس الوقت.
وتضم القائمة، ايضاً، لبنان وهايتي والنيجر وفنزويلا، حيث تمر جميع هذه الدول بضائقة شديدة و مسارات خطيرة، وتساءلت الصحيفة ” كم سيمضي من الوقت قبل أن تتحول إحدى هذه الأزمات إلى حالة طوارئ دولية لم يعد من الممكن تجاهلها؟”.
وأكدت الافتتاحية على ضرورة أن يتمثل قرار العام الجديد في توسيع الجهود بشكل كبير لتخفيف المعاناة الإنسانية، وقالت إنه يجب على الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى أن تكرس نفسها من جديد للجهود التي تنطوي على عوائد لحل النزاعات، وأخيراً، يجب على وسائل الإعلام أن تولي اهتماماً أكبر للأزمات الدولية قبل أن تظهر على “شواطئ” الغرب.
واختتمت الصحيفة هذا النداء بالقول إن العالم يجب أن يهتم ويبذل المزيد من الجهد في عام 2022 حيال أزمات العالم المنسية، كما يجب أن تجعلها الحكومات الغربية أولوية في السياسة الخارجية، وقالت :” لا يمكننا تحمل عام آخر من الإهمال”.