العراق: توجّه لإعادة إحياء تحالفات سنية وكردية… وصعوبات في ترميم «البيت الشيعي»
عربي تريند_كشفت التحركات السياسية الرامية إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وتوزيع المناصب الرئيسية في الدولة العراقية، عن توجّه سنّي ـ كردي، لإعادة إحياء تحالفات سابقة، أنفرد عقدها منذ عام 2017، تتمثل بكتلة سنّية، وثالثة كردية، تنضوي فيها الأحزاب والكتل الفائزة في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول، للمضي في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، وتوزيع المناصب الخاصة، والحقائب الوزارية في المرحلة المقبلة.
بوادر هذا التوجه بدأت بتوحيد “رؤى” أبرز القوى السياسية السنّية الفائزة بالانتخابات، المتمثلة في تحالف “العزم” بقيادة رجل الأعمال العراقي، خميس الخنجر، و”تقدّم” بزعامة رئيس البرلمان المُنتهية ولايته، محمد الحلبوسي.
وفي وقتٍ سابق من مساء أول أمس، أصدر التحالفان، بياناً مشتركاً، وصف أنه يأتي “لإخراج البلاد” من الأزمة الراهنة “وفقاً لرؤية مشتركة”.
وجاء في نصّ البيان: “تحت سقف العراق الواحد وخيمة الرغبة الصادقة في بناء عراق مزدهر، ودفاعاً عن حقوق أهلنا وجمهورنا، عُقد في بغداد، اجتماعٌ موسعٌ بين وفدي تحالف تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، وتحالف العزم برئاسة خميس الخنجر، لتدارس سبل إخراج البلاد من الأزمة الراهنة وفق رؤية مشتركة”.
ورقة مشتركة
وكانت أبرز مقررات الاجتماع، حسب البيان، “إعداد ورقة مشتركة تُعرض على الشركاء السياسيين، وتتضمن رؤيةً موحدةً وأفكاراً حول الشراكة بإدارة القرار في الدولة، ومعالجة عدة ملفات استراتيجية، منها قضايا المختفين قسرا وإعادة النازحين، ومراعاة حقوق المحافظات المحررة في الموازنة العامة وتخصيص المبالغ اللازمة لإعادة إعمارها، وغيرها من الملفات المصيرية، والتأكيد على تقديم شخصيات كفوءة للمشاركة في الحكومة المقبلة وفق مبدأ الشراكة لا المشاركة”.
كما تقرَّر، وفقاً للبيان، “تشكيل وفد تفاوضي موحَّد يضم تحالفي تقدم والعزم، للتفاوض مع بقية الشركاء، بالإضافة إلى تحديد توقيتات زمنية لاجتماعات دورية أسبوعية بين التحالفين، بغيةَ مناقشة تطورات الأوضاع السياسية”.
وختم البيان، أن “التحالفين يتطلعان إلى تشكيل الحكومة المقبلة بأسرع وقت ممكن وفقا للاستحقاقات الدستورية، لتلبي حاجة المواطن وتحفظ سيادة العراق وهيبة الدولة”.
ويعدّ الظفر، بمنصب رئيس مجلس النواب الجديد، أبرز ما تصبوا إليه الزعامات السياسية السنّية، الأمر الذي يحتاج إلى أن يقدّم السنّة أنفسهم كقوة تمتلك “ثقلاً نيابياً” مؤثراً.
خطوة توحيد “البيت السنّي” بتحالفٍ موحّد، شاهدت خطوة مماثلة لدى الأكراد الذين سبق، وأن انضمّوا في تحالف سابق أطلق عليه “التحالف الكردستاني”، يضم الحزبين الكرديين الرئيسين (الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني، بزعامة بافل طالباني)، فضلاً عن قوى سياسية كردية أخرى.
«رؤية التفاوض»
وأشار القيادي في “الاتحاد الوطني الكردستاني”، محمود خوشناو، عن اجتماع مرتقب مع الحزب “الديمقراطي”، لتوحيد “رؤية التفاوض” في بغداد.
وقال، في تصريحات صحافية، إن “الوفود الكردية إلى بغداد تبحث عن طرق لإعادة الثقة في النظام السياسي ومرتكزات الدولة، فهناك نوع من عدم الرضا بشان نتائج الانتخابات والخطوات التي قامت بها المفوضية، ونعول الانفتاح على الكتل السياسية”.
وأضاف: “لم يكن هنالك اجتماع مشترك بين الحزبيين الكرديين في المرحلة السابقة، لكن في الأيام المقبلة سيعقد اجتماع مهم بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، للخروج برأي كردي واحد للتفاوض مع بغداد”.
ومضى يقول: “نعول على وفد كردستاني تفاوضي موحد يضم جميع رؤى الكتل الكردستانية للخروج براي موحد”، مستدركاً “في غياب التفاهمات بين المكونات الاساسية الداخلية لن نتمكن من تحقيق الاستقرار في العراق”.
وعلى غرار السنّة، يسعى الأكراد لضمان حصولهم على منصب رئيس الجمهورية الجديد، الذي كان من حصّة حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، منذ عام 2006.
في المقابل، يواجه “البيت الشيعي” صعوبات في ترميم العلاقة المتوترة بين أطرافه، خصوصاً بعد أن أفضت الخلافات بين زعيم ائتلاف “دولة القانون”، نوري المالكي، وزعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، من جهة، وبين المالكي وزعيم ائتلاف “النصر”، حيدر العبادي؛ من جهة ثانية، إلى انفراط عقد ذلك التحالف في 2017.
وتعمّق الخلاف الشيعي ـ الشيعي، بعد حصول التيار الصدري على أكثر من (70 مقعداً) في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول، في حين قرر بقية السياسيين الشيعة الانضمام في “الاطار التنسيقي”، محققين نحو (60 مقعداً)، الأمر الذي يحتاج إلى مزيد من الحوارات، في حال اتحاد القوتين. وكشف عضو ائتلاف “دولة القانون”، وائل الركابي، عن توجه جديد “للإطار التنسيقي” في حال عدم اتفاقه مع التيار الصدري.
وقال، لمواقع إخبارية مقرّبة من “الإطار”، إن “في حال لم يحصل اتفاق سياسي بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري على (التوافق)، هنالك إمكانية كبيرة لتحالف الإطار مع المكونين الكردي والسني، لأنهم يرفضون التوجه لحكومة أغلبية سياسية”.
وأضاف: “زيارة الوفد الكردي إلى الأطراف الشيعية والأطراف الأخرى كانت محاور الحديث عن التوافقية وعدم تحمل الحكومة الوضع الحالي للأغلبية السياسية، ومن يرد الانضمام إلى الخط والحوارات سيكون مرحبا به”.
وأشار إلى أن، “من لا يرغب به سيدخل ضمن إطار المعارضة وضمن استحقاقاته الانتخابية في الحصول على الوزارات وغيرها من المناصب الحكومية”.
كذلك، يرى عضو قوى “الإطار التنسيقي”، عبد الأمير تعيبان، وجود تقارب سني ـ كردي مع قوى “الإطار التنسيقي” لتشكيل الحكومة المقبلة، مؤكدا أن الإطار تجاوز الـ 100 نائب.
وقال تعيبان، في تصريح مُتلّفز، إن “من السابق لأوانه التحدث عن الكتلة الاكبر قبل قرار المحكمة الاتحادية، وان التزوير في الانتخابات جعل البلد يمر بأكبر ازمة سياسية”.
واضاف ان “الضغوط الداخلية والخارجية ستجعل المحكمة الاتحادية تصادق على النتائج”، مبينا أن “زيارة الاطار التنسيقي الى السيد مقتدى الصدر تأجلت لحسم المحكمة الاتحادية”.
وأوضح تعيبان، أن “الاطار التنسيقي تجاوز الـ 100 مقعد والعدد في تزايد” مشيرا إلى “وجود تقارب سياسي بين الإطار التنسيقي وعزم والكرد، وأن التنسيقي ينتظر توحيد الموقف من التيار الصدري للبدء في المحادثات”.
يتزامن ذلك، مع بحث زعيم تحالف “الفتح”، هادي العامري، مع وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، “آلية تجاوز الأزمة السياسية الحالية والخروج من الانسداد السياسي”.
وقال، مكتب العامري، في بيان، إن الأخير “استقبل وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، برئاسة هوشيار زيباري، في مكتبه في العاصمة بغداد، بحضور عدد من قيادات تحالف الفتح، لبحث آلية تجاوز الأزمة السياسية الحالية والخروج من الانسداد السياسي لتحقيق تطلعات الشعب العراقي بكل أطيافه”.
«أدلة» على التزوير
وأكد العامري، وفق البيان، أن “الأدلة الدقيقة التي قدمت للمحكمة الاتحادية كفيلة باثبات تزوير الانتخابات وإلغاء نتائجها”، مبيناً أن “تقرير الشركة الفاحصة ذكر إمكانية تزوير نتائج الانتخابات دون أي أثر جرمي، والمفوضية تقول إن هذا التهديد الخطير، مقبول”.
ورحب “بأي استقرار في اقليم كردستان لأنه سينعكس على كل محافظات العراق”.
زيباري، بين، أن “موقفنا واضح لحد الآن، ولن نكون مع أي طرف دون آخر، ولدينا مشتركات يجب أن نتعاون جميعا من أجلها”.
وتابع: “أنتم حلفاؤنا وتربطنا علاقات جهادية وسياسية وحكومية منذ عشرات السنين، ولدينا تفاهمات مع باقي القوى السياسية، ونحن نعمل مع الجميع لحلحلة التوترات والمشاكل في الوضع السياسي الحالي”.
وأضاف: “إننا نؤيد دوركم المحوري الفاعل والمهم في إذابة الجليد بين القوى السياسية”، على حدّ البيان.
تحالف جديد
إلى ذلك، أعلنت قوى سياسية عراقية، تشكيل تحالف برلماني جديد تحت اسم “تحالف من أجل العراق” يضم 18 نائباً.
والتحالف الجديد جاء نتاج اندماج نواب كتلتي “حراك الجيل الجديد” و”امتداد”، حسب بيان صادر باسم “تحالف من أجل العراق”.
وكتلة “حراك الجيل الجديد” يتزعمها السياسي الكردي المعارض في إقليم كردستان شاسوار عبد الواحد، فيما يتزعم كتلة “امتداد” علاء الركابي، والتي تمثل الحراك الشعبي المناهض للحكومة
وحصل كل من الكتلتين على 9 مقاعد في انتخابات البرلمان التي أجريت في 10 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال “تحالف من أجل العراق” في بيانه، إنه لن يكون “جزءاً من حكومة محاصصة”، مؤكدا على أنه سيشكل “معارضة قوية”،
وأوضح أن سيعمل على “مراقبة ومساءلة الحكومة وتقوية مؤسسات الدولة، ودعم استقلال القضاء والهيئات المستقلة والإعلام ومنظمات المجتمع المدني”.
وأضاف أنه سيكون “الرقيب على الحكومة بغية محاربة الفساد وتقوية مؤسسات البلد وخدمة المواطنين”.