وسط فلتان أمني جنوب سوريا: 7 قتلى نتيجة اغتيالات متفرقة في درعا
عربي تريند_ منذ توقيع اتفاق التسوية بين فصائل الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة السورية المسلحة، وبين روسيا صيف عام 2018، لا يخلو المشهد اليومي في درعا جنوب سوريا، من عمليات التفجير والاغتيال التي تستهدف المعارضين للنظام، والشبان المسلحين من بقايا فصائل المعارضة.
ونظراً لعدم قدرة النظام السوري وأفرعه الأمنية والعسكرية، على فرض الاستقرار بالأساليب القمعية، في المحافظة، تعاظمت نسبة من تعرضوا للاغتيال والتصفية، ويعود ذلك وفق مراقبين لـ “القدس العربي” إلى حالة الإرباك التي يعشيها النظامان السوري والروسي، وفشلهما في فرض سيطرتهما بشكل فعلي وحقيقي على محافظة درعا.
اغتيالات
وصباح الجمعة، عثر أهالي درعا البلد، على جثتي الشقيقين، حسين وعلي عبد الحافظ غنيم، من بلدة الغارية الشرقية، في منطقة الشياح بدرعا البلد، حيث قُتلا أثناء عودتهما إلى بلدتهما، ووفقاً للمتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” فإن الشقيقين “يحملان صفة مدنية ويعملان بتجارة المحروقات، ولا ينتميان لأي جهة عسكرية”. وبالقرب من جسر بلدة الغارية الغربية، عثر الأهالي ليلة الأمس على جثتين بجانب الأوتوستراد الدولي دمشق – عمّان، تظهر عليها آثار تعذيب وإطلاق نار في منطقة الرأس، جرى نقلهما إلى المشفى الوطني في مدينة درعا. وكان مجهولون اقتحموا أمس بناء المجلس البلدي في مدينة إنخل شمالي درعا، وأطلقوا النار بشكل مباشر على نائب رئيس المجلس، العقيد المتقاعد، مأمون أحمد الجباوي ما أدى لمقتله على الفور.
وسبق ذلك، اغتيال عضو اللجنة المركزية لريف درعا الغربي، أحمد البقيرات، بإطلاق نار مباشر من قبل مسلحين مجهولين، الخميس، في بلدة تل شهاب غربي درعا، إذ يعرف عن البقيرات، مساعيه في حل الخلافات العشائرية وحقن الدماء بينها في محافظة درعا، فضلاً عن عمله في العمليات التفاوضية مع ضباط النظام خلال فترة التوتر في المنطقة.
ووفقاً للمتحدث لـ “القدس العربي” فإن البقيرات، المتحدر من بلدة تل شهاب، كان قد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة من قبل مسلحين مجهولين زرعوا له عبوة ناسفة منتصف سبتمبر /أيلول/ 2019، في حين قتل القيادي السابق في فصيل “قوات شباب السنة” التابعة للمعارضة سامر الحمد، نتيجة استهدافه من قبل مجهولين، أمس، أمام منزله الواقع بين بلدتي خربا ومعربة في ريف درعا الشرقي. ويتحدر الحمد من قرية سهوة بلاطة في محافظة السويداء، وشغل منصب قيادي ضمن اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من قبل روسيا عقب إجرائه التسوية.
ومنذ سيطرة النظام على محافظة درعا في تموز 2018، تسيطر عمليات الاغتيال على أعلى نسبة من الأحداث الأمنية فيها، حيث يتهم ناشطون النظام والمجموعات المحلية التي تعمل لصالحه بضلوعها في معظم العمليات التي تستهدف المعارضين لهم. وسجل مكتب توثيق الانتهاكات لدى تجمع أحرار حوران خلال شهر تشرين الثاني الفائت 24 عملية ومحاولة اغتيال أسفرت عن مقتل 17 شخصاً وإصابة 12 بجروح متفاوتة، ونجاة 3 منها، بينهم 8 مدنيين.
ويعمد النظام السوري وحلفاؤه إلى رفع مستوى التدخّل الأمني في محافظة درعا، في محاولة منهم لاحتواء مظاهر الفوضى جنوب البلاد، وللضغط على الأهالي بتصفيتهم، وهذا يعني أن النظام أمام حالة من الفشل وعدم قدرة على إحاطة ما يجري في درعا خاصة مع زيادة نقمة الأهالي عليه نتيجة نكوثه بكافة الوعود التي قطعها، وفشله بتقديم الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وغير ذلك. وكل هذه العوامل دفعت النظام ومعه روسيا لاستخدام أساليبهم القديمة الجديدة بالترهيب، وذلك مع غياب أي مؤشر لإعادة بناء الثقة بين الطرفين، بسبب ممارسات النظام السوري وعدم التزام روسيا بتعهداتها.
وفي السياق، تتواصل الانفجارات الملغمة في درعا، حيث انفجرت الأربعاء دراجة نارية مفخخة قرب حاجز للمخابرات الجوية على مقربة من أوتوستراد دمشق – درعا من جهة بلدة الغارية الغربية في ريف درعا الشرقي. وأفادت مصادر محلية، بسماع صوت انفجار قرب حاجز المخابرات الجوية الواقع عند جسر بلدة الغارية الغربية، بعد أن قام فريق الهندسة التابع للنظام بتفجير دراجة نارية مفخخة قرب الحاجز، دون تسجيل أية إصابات بشرية.
من تدبير مخابرات النظام
ونقل “تجمع أحرار حوران”، عن قيادي سابق في فصائل المعارضة، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنيّة، قوله بأنّ معظم ما يحدث ضمن منطقة أوتوستراد دمشق – درعا هو من صنع وتدبير مخابرات النظام السوري بهدف زيادة قبضتها الأمنية وتثبيت وجودها ضمن المنطقة.
وأوضح القيادي أن “مخابرات النظام في درعا تريد أن تقنع ضباط روسيا بأنّ هذه المفخخات وضعت لتستهدف سياراتكم وقواتنا، وذلك كي تسمح روسيا للنظام بزيادة نشر الحواجز العسكرية في المنطقة، وهذا ما تسعى له المخابرات الجوية المقربة من إيران شرقي درعا”، مضيفاً أن “ألمنطقة التي ادعى فيها النظام تفجير الدراجة المفخخة قرب جسر الغارية الغربية هي منطقة أمنية تحيط بها عدة حواجز تابعة للمخابرات الجوية، وجميع الدراجات التي تمر عبر هذه الحواجز تخضع لتدقيق وتفتيش من قبل عناصر أمن المخابرات الجوية، ناهيكم عن الدوريات المشتركة للنظام بشكل كبير على الأوتوستراد الدولي”، وفقاً للمصدر.
المحلل العسكري، العميد أسعد الزعبي، تحدث من جانبه، عن الضغوط التي تمارسها روسيا على ضباط النظام السوري لسحب وإلغاء الحواجز العسكرية من محافظة درعا، منذ سبتمبر /أيلول/ الماضي. وشهدت الآونة الأخيرة سلسلة من الانفجارات لدراجات نارية مفخخة وعبوات ناسفة قرب حواجز ومقار عسكرية تابعة لأمن النظام السوري، آخرها انفجار دراجة نارية مفخخة قرب مبنى للأمن العسكري في مدينة ازرع في 4 كانون الأول الجاري، استهدفت دورية روسية دون تسجيل إصابات. وفي الشهر الفائت انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من البناء الذي يتواجد به عناصر فرع الأمن السياسي في معبر نصيب الحدودي، دون أن تسجل إصابات بشرية.