مصر: غضب برلماني وشعبي بعد تغيير وزير التعليم نظام الثانوية العامة
عربي تريند_ لا يتوانى وزير التعليم المصري، طارق شوقي، عن إثارة الجدل من وقت لآخر بإصدار قرارات يراها كثيرون غير خاضعة للدراسة وتتسبب في زيادة الضغوط على الطلاب. وآخر القرارات والتي أثارت جدلا، إلغاء تشعيب الثانوية العامة للطلاب دفعة عام 2021 ـ 2022 (تغيير في نظام الثانوية العامة، بإلغاء إحدى شعب الثانوية العامة، التي تضم عادة ثلاث شعب).
وأوضح وزير التربية والتعليم أن «التشعيب إلى علمي علوم وعلمي رياضة، لن ينطبق على الدفعات الأصغر من دفعة 2021-2022».
وبين أن» كل الدفعات اللاحقة لهذا العام تكتفي بالتشعيب إلى علمي وأدبي فقط».
وطبقا له «ينتهي العمل بنظام التشعيب إلى علمي علوم وعلمي رياضة للطلاب بالصف الثاني الثانوي بالعام الدراسي الجاري».
ومن المنتظر أن تقوم وزارة التربية التعليم بإعادة النظر في المناهج حتى تتلاءم مع طريقة الدمج بين العلمي والرياضة. ومن المرتقب أن تقوم بتخفيف بعض المناهج للثانوية العامة، بما يناسب تطوير نظام التعليم.
وكان شوقي قد لفت إلى أن «إلغاء نظام التشعيب يهدف إلى تماشي التعليم مع متطلبات سوق العمل».
لا مبررات مقنعة
لكن القرار أثار غضب نواب مصريين، ودفع النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، ورئيس حزب «العدل» إلى تقديم طلب إحاطة، قال فيه إن «قرار وزير التربية والتعليم الخاص بإلغاء التشعيب لطلاب الثانوية العامة واقتصارها على شعبة علمية وأخرى أدبية فقط، تم إصداره دون تقديم أسباب ومبررات مقنعة، تصب في مصلحة الطالب».
وأضاف أن «المراحل الدراسية، وخاصة الثانوية العامة تعد من أهم المراحل في حياة الطالب، والتشعيب يمثل الطريقة التي يدخل فيها الطالب إلى مجتمع الجامعة من خلال تحديد ميوله العلمية التي يجب أن يدرسها بشكل أكثر تخصصية، بعد دراسته لجميع المواد، وأن هدف دراسة جميع المواد العلمية دون تشعيب يكون قد تم في الصف الأول والثاني الثانوي».
وعدد الأسباب التي تشير إلى «تعارض هذا القرار مع أهداف العملية التعليمية، ومنها أن السنة الثالثة من المرحلة الثانوية تعد بمثابة تأهيل للدراسة الجامعية المراد الالتحاق بها، وعليه، فالتشعيب فرصة حقيقية لطالب الثانوية العامة للتركيز في المواد التخصصية للالتحاق بالكليات المراد الدراسة بها، مثل دراسة الطب أو الهندسة».
نقص في المدرسين
ولفت إلى أن «بعض المدارس، وخاصة مدارس اللغات، تعاني من نقص في عدد المدرسين لبعض المواد، مما يمثل إجهادا على المدرس، وكذلك الطلبة، لعدم توفر المدرس المتخصص، وهو أمر تعاني منه الوزارة، فكيف يتم الإثقال على كادر المدرسين في التدريس لأربعة فصول على سبيل المثال، في حالة عدم التشعيب بدلا من التدريس لفصلين (في حالة التشعيب) وهو الأمر الذي سيعود على الطالب بعدم التحصيل الجيد من المدرس نتيجة لزيادة الضغط في الحصص الدراسية وكثرة عدد الطلاب».
واعتبر رئيس حزب «العدل» أن «تلك الأمور تنعش سوق الدروس الخصوصية التي تحاربها الوزارة، فقد يضطر الطالب للحصول على دروس في المواد التي من المؤكد أنه لن يستطيع أن يحصل عليها بشكل جيد في المدرسة».
واختتم إمام قائلا إن «تخفيف المناهج هو الهدف المباشر للقرار وهو يتعارض تماما مع هدف العملية التعليمية وهي تأهيل الطالب للمرحلة الجامعية، إذ أن تخفيف المناهج يعني حذف العديد من الموضوعات الدراسية مقابل زيادة المواد بإضافة المواد علمي علوم وعلمي رياضة لبعضها البعض، وهو ما يعني عدم التخصص ودراسة قشور لهذه المواد».
قرار عشوائي
كذلك بينّ إيهاب رمزي عضو مجلس النواب أن «قرار إلغاء التشعيب لطلاب الثانوية العامة واقتصاره على شعبة علمية وأخرى أدبية دون شعبة العلمي علوم وعلمي رياضة المعمول بها الآن، حيث يكتفي طلاب هذه الدفعة وما بعدها بشعبة العلمي أو الأدبي، عشوائي وصادم وانفرادي وغير مدروس».
وإذ طالب في طلب إحاطة بإلغاء هذا القرار، قال إنه «أحدث رعباً شديداً لطلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم لأن من ينطبق عليهم هذا القرار سوف يضيف عليهم أعباء مالية ودراسية كبيرة لأنهم سيدرسون جميع المواد التعليمية الخاصة بالشعبتين العلمي علوم والعلمي رياضة، ناهيك عن تحملهم أعباء مالية كبيرة للحصول على الدروس الخصوصية في جميع المواد». وتساءل عن «المبررات التي دفعت وزير التعليم لاتخاذ هذا القرار الفردي دون إجراء أي حوار مجتمعي بشأنه» مؤكداً أن هذا القرار «كان صادماً لجميع الطلاب بالثانوية العامة وأسرهم» مطالبا باستدعاء وزير التعليم طارق شوقي إلى مجلس النواب ليرد على جميع التساؤلات ويعلن مبرراته لاتخاذ هذا القرار الصادم، مؤكداً أن «تراجع الوزير عن هذا القرار أصبح مطلباً لجميع طلاب الثانوية العامة وأسرهم».
وأعرب عن أسفه الشديد من السياسات المتخبطة لوزير التعليم، وتعوده الدائم على اتخاذ قرارات مفاجئة وصادمة لكل من يعملون بالمنظومة التعليمية» محذراً الوزير من «التأثير السلبي والخطير لمثل هذه القرارات العشوائية على كل ما يحدث من تطوير وتحديث المنظومة التعليمية».
غادة النوبي، ولية أمر، ومسؤولة مجموعة «أبطال الثانوية العامة» على «فيسبوك» كتبت: «إلغاء التشعيب سوف يسبب ضررا للطالب، حيث إن هناك طلابا لا يفضلون دراسة مادة الرياضيات على سبيل المثال، ولكن هذا القرار يجعل الطالب يدرس مواد علمي علوم وعلمي رياضة، وهذا سيمثل عبئا هائلا وضغطا على الطلاب في سنة مصيرية، لذلك نتمنى الحفاظ على ميول الطالب وعودة التشعيب».
وتساءلت منى أبو غالي، مسؤولة ائتلاف «تحيا مصر بالتعليم «: «لماذا الإصرار على إلغاء التشعيب، هناك مواد لا يتقبلها الطالب وبالكثير يجتهد فيها من أجل النجاح، فلماذا يفرض على الطالب مادة لا يحبها من الأساس كطالب علمي علوم وتعاملهم مع الرياضيات، أو طلبة علمي رياضة وتعاملهم مع الأحياء والجيولوجيا، فكيف أفرض عليهم مواد هم بالفعل يهربون إلى شعب أخرى من أجل تجنبها، بالإضافة إلى مدة العام الدراسي كما هي، والمناهج كما هي لذلك نرفض فكرة إلغاء التشعيب كليا».
كما علقت فاتن أحمد، أدمن مجموعة «تعليم بلا حدود»: «إذا كان سيتم إلغاء التشعيب، فمن حق الطالب معرفة ما يتم دراسته وموقف إلغاء بعض دروس من المنهج، لذلك نطالب بتوضيح الرؤية أمام الطلاب من حيث المناهج والمواد التي تدرس في العام القادم لطلاب الشعبة العلمية، حتى تكون متوازية مع طلاب الشعبة الأدبية».
صعوبة المناهج
لم تكن هذه هي الأزمة الأولى التي أثار فيه وزير التعليم الجدل بقراراته هذا العام، فقد سبق وأن أثار قرار تغيير مناهج الصف الرابع الابتدائي جدلا واسعا، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى أولياء الأمور من صعوبة المنهج الدراسي، وفي وقت يبرر الوزير تغيير المناهج بأنها «تهدف للتطوير» يقول معارضون إنها «تجارب فاشلة».
وتقدم النائب ضياء الدين داوود، عضو مجلس النواب، أمس الأول بطلب إحاطة موجه إلى الحكومة ممثلة بوزير التربية والتعليم بشأن أزمة منهج الصف الرابع الإبتدائي.
وقال النائب في طلب الإحاطة: «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتجاهل أننا كنا في حاجة ملحة لتطوير مناهج التعليم، لنستطيع أن نبني جيلًا قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل في ظل تنافسية عالمية لا تحترم أنصاف المتعلمين، لذا نثمن كل جهد بذل في هذا الاتجاه، إلا أن أي خطة تطوير لا بد أن تتكون من عدة عناصر لا بد من توافرها جميعا لنجاح التطبيق وللوصول للنتائج المرجوة منها.
وأوضح أنه «بإسقاط ما تقدم على ما اصطلح على تسميته أزمة منهج الصف الرابع الإبتدائي، نجد أن الوزارة لم تستثمر فترة الغلق التي استمرت قرابة العامين في تدريب العدد الأكبر من المعلمين المخاطبين بتدريس تلك المناهج للطلاب، بالإضافة لعجز في أعداد المعلمين يتجاوز الـ250 ألف معلم، كان بالإمكان معالجته بتعيين 120 ألف معلم، بالإضافة لـ36 السابق تعيينهم بعقود مؤقتة، بالإضافة لعدم توفير حد أدنى زمني يسمح بتدريس هذا المنهج الجديد».
وأشار إلى «عدم مشاركة قاعدة أكبر من المتخصصين في وضع وتطوير المناهج لتحديد مرحلية قدرة الطالب في ظل معطيات المدارس وإمكانياتها المتاحة باختلاف جغرافيتها من ريف وحضر ومدى توافر خدمات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في كل جغرافيا من البلاد».
ولفت عضو مجلس النواب إلى «طول المنهج في ظل العناصر غير المتوفرة، وعدم وضوح طريقة الامتحان على ما تم تدريسه لنصل لنتائج حقيقية غير مزيفة للواقع».
وتابع: «لغياب كثير من تلك العناصر وللأسباب سالفة البيان وضعت الأسرة المصرية تحت مقصلة الدروس الخصوصية وسندان الكتب الخارجية، بما لم يعد بمقدور أحد تحمل ذلك العبء الكبير».
وأكد النائب أن الأمر «يستدعي سرعة التدخل لمعالجة تلك النتائج وتصحيح المسار بتخفيض تلك المناهج وتوزيعها على سنوات أكثر وتدريب كامل المعلمين المكلفين بتدريس تلك المناهج خلال جدول زمني محدد ومعلن» مطالبًا بـ«مراجعة مناهج السنوات المقبلة بشكل دقيق يتلافى الأخطاء التي وقعت فيها الوزارة خلال التطبيق الحالي».