صحيفة فرنسية تروي “الملحمة” القضائية الحزينة لجزائري اعتقل في بلجيكا بتهمة الإرهاب
عربي تريند_ تحت عنوان: “الملحمة القضائية الحزينة لرابح منيكر”، تطرقت صحيفة لوموند الفرنسية إلى قصة هذا الجزائري المتهم بالإرهاب والذي تمت تبرئته بعد أكثر من أربع سنوات ونصف في الحبس الاحتياطي، موضحة أن صعوبة إعادة إدماجه تطرح مشكلة الاحتجاز المطول بشكل مفرط قبل المحاكمة.
وقالت الصحيفة إنه بعد 1722 يوما من الاحتجاز في بلجيكا ثم فرنسا، 591 يوما منها في الحبس الانفرادي، لا يشعر رابح بالحرية ولا بالارتياح. يبلغ من العمر 39 عاما، لا زوجة له، لا سكن ولا أوراق. انتهت صلاحية بطاقة إقامته البلجيكية أثناء احتجازه ولم تُصدر له فرنسا بطاقة إقامة مقابل كل ذلك. فماذا تعني الحرية عندما لا ينتظرك أحد؟ ماذا يعني حكم البراءة عندما تم الدوس على حياتك؟ إنه ليس الأول ولا الوحيد الذي عرف السجن من أجل لا شيء.
ولد رباح منيكر عام 1982 في سكيكدة بشرق الجزائر. وكان عمره 10 سنوات فقط عندما اندلعت الحرب الأهلية. وكان والده ميسور الحال بما يكفي لإرساله إلى فرنسا في سن 17 ليتفادى الخدمة العسكرية. عاش في مارسيليا حيث كان يقوم بأعمال تجارية، منذ عام 2007، قام برحلات أكثر فأكثر إلى بلجيكا ليقترب من تلك التي ستصبح زوجته، وأنجبت له ابنته ملاك عام 2011. وكان يعمل في الأسواق والبناء وجمع القمامة. في نهاية عام 2015، رُزق الزوجان بابن اسمه آدم.
اشتغل أيضا في بيع العطور. وفي يوم من الأيام، تعرف على رضا كريكيت الذي يبيع له العطور. في 11 مارس 2016، لم يكن لدى كريكيت مكان ينام فيه خلال زيارته لبروكسل، فلجأ إلى رابح منيكر الذي دله عبر الهاتف على شقته، حيث أمضى ليلته قبل المغادرة ببساطة.
بعد ذلك بأسبوعين، أي بعد ثلاثة أيام من هجمات بروكسل، استيقظ رابح منيكر كالمعتاد الساعة الثالثة صباحا لإعداد وجبته الخفيفة لهذا اليوم. بعد فترة وجيزة من السير في الطريق السريع، وجد نفسه محاطا بمركبات ذات أضواء ساطعة. ‘‘وهنا بدأ الجحيم’’، حيث أُخرج من سيارته مقيد اليدين ومغطى الرأس. بمجرد دخوله إلى الزنزانة، تحدث معه رجال الأمن عن الإرهاب، وعما إذا كان بحاجة إلى محام. ثم عرضوا عليه بعض الصور، حيث تعرف على صورة كريكيت، فقال لهم: ‘‘إنه من سكيكدة. إنه متسوق عطور. هذا كل شيء. لكن وجد رابح نفسه أمام قاضٍ وجه إليه لائحة الاتهام في سياق تحقيق فرنسي بشأن مخبأ للأسلحة”.
بعد المحاكمة، تمت تبرئة رابح منيكر، لكنه مدمر. هو الآن حرّ، لكن بلا مستقبل. أمّا ماضيه، فهو لا يوصف ولا يمكن تبريره. حاول العيش مع زوجته مرة أخرى، لكن ذلك لم ينجح. إنه يفتقد الأطفال، لكنه لم يعد قادراً على تحمل العيش مع الآخرين. لم يعد يعرف كيف يتحرك في عالم لم يعد جزءا منه. يعيش بدون أوراق، وبدون عمل ومنزل، مع قلة من معارفه الذين لا يخشون التسكع معه، على الرغم من تبرئته. يعاني من القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل. قدم محاموه طلب تعويض. لن تتم مراجعته قبل عام أو عامين.