انتقادات لطرح الديون المصرية في البورصات العالمية
عربي تريند_ انتقد حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» في مصر، الأربعاء، تزايد حجم الاستدانة التي لجأت إليها الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة، مُحذرا من تنامي حجم الديون التي تمثل «تهديدًا للسيادة الوطنية والأمن القومي».
وقال الحزب في بيان «تابع الحزب دائما مشكلة الاستدانة الحكومية الواسعة، وتزايد أعباء الديون التي يتحملها في النهاية المواطن البسيط، وخاصة الديون الخارجية أو بالعملات الأجنبية، والتي تمثل خطرًا مضاعفًا لما تمثله من تهديد للسيادة الوطنية والأمن القومي».
وأضاف: «مع كل الأسف، نلاحظ اتجاها متصاعدًا في هذه الاستدانة وصل لدرجة الخطر، على عكس ما تحاول الدعاية الحكومية تصويره من أن الأمر كله في الحدود الآمنة، وقد تطور الأمر إلى الإعلان عن بدء تداول الديون المصرية الداخلية في بورصة يورو كلير الأوروبية، بما يعني استحواذ من يسمون مستثمرين دوليين، والذين هم في الواقع مضاربون دوليون على تلك الديون، بالتأكيد مقابل ضمانات معينة تعني في النهاية نوعا من رهن أصول الدولة المصرية مقابل تلك الديون».
خطورة كبيرة
واستكمل البيان: «إزاء ما تمثله تلك السياسات من خطورة كبيرة يهمنا التأكيد بشكل أولي على عدد من الحقائق، أولها أنه خلافا لما تدعيه الحكومة من أنها نجحت في سياق ما تسميها خطة الإصلاح الاقتصادي في تخفيض الدين العام في مصر، فإن مراجعة الأرقام تكشف عن تضخم ذلك الدين الداخلي والخارجي بشكل مطلق، وأنه حتى كنسبة من الناتج المحلي، ما زال مرتفعا للغاية، وبالتالي، لم تحقق السياسات الحكومية أي اختراق في هذا المجال رغم ما فرضته من أعباء ثقيلة على المواطنين المصريين طوال سبع سنوات».
ولفت إلى أن «الدين الداخلي وصل إلى 4.8 تريليون جنيه، والدين الخارجي إلى 138 مليار دولار، أي أن إجمالي الدين العام يقترب من 7 تريليون جنيه بما يتجاوز100 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلافا لما تروج له الحكومة».
وتابع البيان: «ثاني هذه الحقائق أنه نتيجة لذلك، فقد تزايدت أعباء خدمة الدين من فوائد وأقساط، وتبلغ الفوائد في الموازنة الحالية 579 مليار جنيه، وأقساط الديون 539 مليار جنيه، بإجمالي 1.172 تريليون جنيه، ما يلتهم النسبة الكبرى من الإيرادات التي لا تزيد عن 1.365 تريليون، وأعباء خدمة الدين تصل إلى 86 ٪ من الإيرادات، ولا يتبقى لكل أوجه الإنفاق الأخرى سوى 193 مليار جنيه فقط، بما يعني أنه لا حل للحكومة سوى الاستدانة مرة أخرى».
وزاد «ثالث الحقائق، أنه في سياق التوسع في الاستدانة لجأت الحكومة لزيادات غير مسبوقة في الاستدانة الخارجية بحيث تزايد الدين الخارجي من 44 مليار دولار فقط في عام 2014 إلى نحو 140 مليار دولار حاليا، وبنسبة زيادة نحو 300٪ في سبع سنوات، إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك فالالتزامات بالعملات الأجنبية تتخطى ذلك المبلغ، إذ يستحوذ الأجانب على حصة كبيرة من الدين المحلي تصل إلى نحو 33 مليار دولار، كما أن الحكومة أقدمت على طرح سندات دولارية على دفعتين في العام الأخير بقيمة 8 مليارات دولار ويصل العائد عليها إلى نسبة بين الأعلى على الدولار في العالم تصل إلى 7.5 ٪ «.
وأوضح أن: «المأساة أن كل تلك الديون الهائلة لم يتم توجيهها إلى استثمارات ومشروعات منتجة مدروسة، بل لمشروعات عقيمة وعديمة الجدوى لا تخدم في الحقيقة سوى الشركات والجهات المنفذة العالمية والمحلية، وقلة من المصريين المترفين والأثرياء الجدد، وبذلك فإن ما تسمى إنجازات إنما هي نمو يتسم بمزيد من التشوه وتعميق التبعية وزيادة الفوارق الطبقية على حساب الحقوق الأساسية للمواطن من تعليم وصحة وغيرها».
وحسب الحزب: «تأتي الخطوة الحالية بتداول أو بيع الدين المصري الداخلي الهائل في البورصات العالمية لتزيد من خطورة الأمر، إذ خلافا لما كان مستقرا من أن غالبية الديون المصرية الخارجية هي لمؤسسات دولية وحكومات، فإن الأمر يتجه لأن تكون بيد مستثمرين دوليين ومضاربين ومقامرين بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر كبيرة. ومن المعروف أن أمثال هؤلاء لم يتورعوا عن رفع قضايا تحكيم وتعويض ضد الحكومة المصرية انتزعوا بها أحكام تعويض بمبالغ طائلة، وما أحكام التعويض التي حصلت عليها إسرائيل في قضية الغاز ببعيدة عن الأذهان».
وواصل: «تكتمل دائرة القلق بوجود قضية بيع أصول الدولة المصرية، ومبادلة الديون بالأصول، ما يضاعف القلق من انتقال أصول الدولة إلى الدائنين والمغامرين الأجانب، ومن المعروف أن تلك الممارسة لها سابقة في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، عندما تم فتح حساب خاص في البنك المركزي وضعت فيه حصيلة مبادرة بيع الديون لمبادلتها بالأصول، التي يتعامل فيها في الغالب بعض كبار أصحاب النفوذ استفادة من الفساد الذي يشوب كلتا العمليتين، بيع الديون، وتقييم وشراء الأصول، بحيث يحققون استفادة مزدوجة على حساب الشعب. ومن الطبيعي أن كل هذه الممارسات الخطيرة إنما يتزايد خطرها وضررها في مناخ الغياب الكامل للشفافية وانعدام التوازن السياسي للنظام الذي يغيب أي رقابة ومحاسبة حقيقية».
واختتم البيان: «إننا ننبه مرة أخرى لخطورة تلك السياسات ووصولها لخطوط حمراء تستدعي المراجعة والحوار المهني والسياسي والشعبي القومي العام لتجنب البلاد أخطارا وأعباءً ثقيلة نرجو أن نتمكن من تجنبها».
الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال والأكاديمي المصري الأمريكي، محمود وهبة، حذر كذلك في سلسلة من المنشورات على صفحته الرسمية على «الفيسبوك» من تحكم الأجانب في أصول مصر، معتبرا أن بيع الديون للأجانب يفتح الباب لرهن أصول الدولة للأجانب ثم استيلائهم عليها.
و أشار هبة إلى أن وزارة المالية وضعت يدها على تريليون جنيه من أموال المعاشات، وتم صدور أحكام محلية لإعادتها دون أن يتم تنفيذها، مضيفا أيضاً أن من المقرر أن يتم بيع مليار جنيه من أموال المعاشات في بورصة لوكسمبورغ، وأن الأجانب سيتحكمون في معاشات المصريين بعد ذلك. وحذر من أن بيع الديون السيادية للأجانب بمقاصة تنقل ملكية الديون وترهن الأصول تمنحهم حق الاستيلاء عليها، مؤكدا أن مصر أصبحت للبيع حرفيا بعد الاقتراض الخارجي الفاحش.
ووصف بيع الديون في المقاصة الأوروبية بـ«كارثة رهن مصر ببيع 5.7 تريليون جنيه من الديون الداخلية في بورصة يوروكلير، ويليها رهن أصول البلد إن لم تسدد الديون».
تغوّل جديد
الخبير الاقتصادي والاستراتيجي علاء السيد، قال أيضاً إن عرض الديون المحلية للمبادلة الدولية معناه الحصول على قروض جديدة مقابل رهن الأصول المصرية، وتدخل أجنبي، ووضع يد الأجانب على الأصول المصرية، والمعتاد بهذه النوعية من مبادلة الديون أن يتم الاستيلاء على الأصول بأقل من أسعارها وقيمتها السوقية الحقيقية، بنصف قيمتها أو 60 ٪ منها، وبالتالي سيضع مانحو القروض أيديهم على أصول داخلية مقابل ذلك، في تغول جديد للاحتلال الاقتصادي الواقع في مصر.
وكان وزير المالية المصري، محمد معيط، قال في أبريل / نيسان الماضي، إن مصر تتوقع أن يكون دينها المحلي مؤهلا للمقاصة الأوروبية ومفتوحا أمام عدد أكبر من المستثمرين الأجانب خلال أشهر.
ووقعت مصر في 2019 اتفاقا للربط عبر الحدود مع يوروكلير، أكبر دور المقاصة الأوروبية لتسوية معاملات الأوراق المالية.
وكان مجلس الوزراء وافق العام الماضي على تأسيس شركة المقاصة الجديدة في إطار الجهود المتواصلة لتخفيض تكلفة الدين العام، وستسمح بإدراج الديون المصرية للتداول عبر منصة يوروكلير.
وقال معيط، في كلمة أمام غرفة التجارة الأمريكية، إن مصر تتوقع أيضا الانضمام إلى مؤشر جيه.بي مورغان للسندات، ما قد يدعم سوقها للسندات بالعملة المحلية.
وعرض معيط تفاصيل استراتيجية مصر لإدارة الدين، التي تشمل خفض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 6.9 ٪ بحلول 2023-2024، من 8.8 ٪ في السنة المالية الحالية.