السودان: انطلاق “مليونية 30 نوفمبر” ضد الانقلاب واتفاق حمدوك والبرهان
عربي تريند_ خرج آلاف السودانيين، اليوم الثلاثاء، في مواكب مليونية 30 نوفمبر/تشرين الثاني، رفضًا لانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وللاتفاق السياسي بينه وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وتجمع الآلاف عند نقطة صينية القندول وسط الخرطوم ونقاط أخرى، تمهيداً للتوجه إلى محيط القصر الرئاسي للمطالبة بإسقاط الانقلاب العسكري، والعودة للحكم المدني، وإلغاء كل الإجراءات التي اتخذها قادة الانقلاب، ومحاكمة المتورطين فيه.
ومنذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خرجت 6 مليونيات في الخرطوم وغيرها من المدن، أولها في اليوم الأول من الانقلاب وآخرها الخميس الماضي، عدا عن عشرات الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات الليلية، كما اتخذت الاحتجاجات عدة أشكال منها، إغلاق الطرق والشوارع الرئيسة لمناهضة للانقلاب والعصيان والإضراب عن العمل.
وردد المشاركون في مواكب اليوم، هتافات مناوئة للانقلاب مثل”يا برهان ثكاناتك أولى وما في مليشيا بتحكم دولة، و”السلطة سلطة شعب والردة مستحيلة”، و”ثوار أحرار حنكمل المشوار”، و”يسقط يسقط حكم العسكر”، و”حكم العسكر ما بتشكر”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”.
كما نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمواكب مماثلة بمدينة عطبرة، مهد الثورة السودانية، ومدن الدامر وشندي، وكلها مدن بشمال السودان، ومواكب أخرى في مدني وسط السودان، ونيالا بولاية جنوب دارفور، غرب البلاد، وبورتسودان شرق السودان.
وكانت عدة تظاهرات قد خرجت في عدد من أحياء العاصمة السودانية الخرطوم، ليل الاثنين، مع تزايد الدعوات للخروج في احتجاجات اليوم الثلاثاء للمطالبة بالحكم المدني، ورفضاً للاتفاق السياسي الذي وقعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وقبل انطلاق مليونية اليوم، شهدت مناطق وسط الخرطوم، المكان المقرر لانطلاق المليونية، حركة اعتيادية وانتشاراً محدوداً للقوات الأمنية.
وأبقى الجيش على غير العادة الطرق المؤدية إلى مقر قيادته العامة مفتوحة، ويرجح إغلاقها في أي لحظة.
وتُعد مليونية اليوم الثلاثاء السابعة من نوعها منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الماضي، تاريخ الانقلاب العسكري بواسطة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وفي جميعها سقط 42 قتيلاً وعشرات المصابين والمعتقلين.
وأعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان، اليوم الثلاثاء، وفاة أحد المحتجين متأثراً بإصابته في موكب 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.
وأشارت في بيان لها أن نور الله حمد البشير 21 عاماً تعرض لضرب مبرح على الرأس بالهراوات من قبل قوات الانقلاب أدى إلى حدوث نزيف دماغي، وقد أعلن عن وفاته اليوم، ليرتفع بذلك عدد شهداء انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 43 شخصاً.
تظاهرات ليلية تطالب بحكم مدني
وخرج المئات، ليل أمس، في أحياء برى والحتانة، وشمبات، والحاج يوسف، والصحافة، وجبرة، ود نوباوي ومنطقة الثورات، والكلاكلة، في العاصمة الخرطوم، للمطالبة بالحكم المدني. وأفاد شهود عيان بأنّ المتظاهرين تحرّكوا داخل الأحياء، ورددوا شعارات تنادي بمدينة الدولة، منها “الشعب أقوى.. والردة مستحيلة”، و”الثورة.. ثورة شعب.. والسلطة سلطة شعب.. والعسكر للثكنات”. كما دعا المتظاهرون إلى مواكب الثلاثاء، ورددوا شعار “بكرة (غداً) المليونية”.
وحذرت “قوى إعلان الحرية” (الائتلاف الحاكم سابقاً)، فجر اليوم الثلاثاء، السلطات من التعرض للمتظاهرين السلميين في مواكب اليوم بالخرطوم والولايات، وقالت في بيان “إننا ندعم ونؤيد مطالب شعبنا وسنكون في مقدمة صفوف مواكب الثلاثاء”.
وأضاف البيان “نحذر سلطات الانقلاب من التعرض للثائرات والثوار السلميين الأحرار، فحرية التظاهر والتعبير حق مكفول بالقانون”، مشيراً إلى أن “مواكب 30 نوفمبر، في العاصمة والولايات، تتوشح بالسلمية وأهداف استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي ومحاسبة الانقلابيين”.
وأمس الاثنين، دعت لجان المقاومة (مكونة من ناشطين) وتجمع المهنيين السودانيين والحزب الشيوعي إلى تلك التظاهرات رفضاً للاتفاق السياسي الأخير، وللمطالبة بحكم مدني كامل. وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم، الاثنين، أنّ مواكب 30 نوفمبر ستتوجه إلى القصر الرئاسي وسط العاصمة، وقالت في بيان: “اتفقت تنسيقيات ولاية الخرطوم على القصر الجمهوري (القصر الرئاسي) كوجهة مشتركة للمواكب”، تعبيرا عن الموقف الثابت “لا تفاوض.. لا شراكة.. لا مساومة”.
وأضافت: “موقفنا من السلطة الانقلابية كان ولا يزال واضحاً، ولا نفرق بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو وبقية الجنرالات، فكلهم انقلابيون”. والاثنين، نصحت واشنطن رعاياها الموجودين في السودان بتجنب أماكن الحشود والاحتجاجات المتوقع خروجها في البلاد الثلاثاء.
و”لجان المقاومة” تشكلت خلال الثورة السودانية على نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وهي مجموعات شعبية ساهمت في تنظيم الحراك الاحتجاجي؛ ما أجبر قيادة الجيش على عزل البشير في 11 إبريل/ نيسان 2019.
من جهته، قال تجمع المهنيين السودانيين في بيان: “التزاماً بما أقره الشارع والقوى الثورية، ندعو كل جماهير الشعب والعاملات والعاملين والقطاعات المهنية للخروج في مليونية 30 نوفمبر”. وأضاف: “نستمر بثبات وخطى واضحة بكل أدوات مقاومتنا السلمية لإسقاط السلطة الانقلابية باتفاقها السياسي، وأن لا تراجع حتى بناء الدولة المدنية التي بذل الشعب في سبيلها الدماء وغالي التضحيات”.
بدوره، دعا الحزب الشيوعي، في بيان، إلى المشاركة الواسعة في تظاهرات الثلاثاء “وتوسيع المقاومة الشعبية بمختلف الأشكال، وتتويجها في أوسع حراك جماهيري بالإضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي”.
حمدوك: حريصون على خلق مناخ لا يسمح باعتقال أحد
وأكد رئيس الوزراء السوداني، أمس الاثنين، حرصه على خلق مناخ لا يسمح باعتقال أحد أو ضرب متظاهر، فيما قال حزب سياسي إنه “يسعى لشق الصف بين المكونات السياسية”.
وقال حمدوك، في منشور له عبر الصفحة الرسمية لمكتب رئيس الوزراء على موقع “فيسبوك”، إنّ “الديمقراطية هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن تعلمه خارج ممارسته”، قبل أن يضيف “لأجل ذلك نحن حريصون على الاتفاق السياسي، وعلى لجان المقاومة وكل القوى الثورية أن نمضي في وجهة خلق مناخ لا يسمح باعتقال أحد تحفظياً ولا يسمح بضرب المتظاهرين”.
وأردف “حق التظاهر لم يمنحنا إياه أحد، وقد انتزعه شعبنا عبر عشرات السنين بنضاله، والتحدي الأساسي للاتفاق السياسي أن ينفذ”.
على الصعيد نفسه، اتهم حزب “الأمة القومي” السوداني رئيس الوزراء بـ”محاولة خلق حاضنة جديدة، وشق الصف بين المكونات السياسية ولجان المقاومة”. وقال بيان صادر عن الحزب، أبرز قوى “إعلان الحرية والتغيير”: “بعد التوقيع على اتفاق ثنائي (..) بدأ رئيس الوزراء (..)، وبصورة مؤسفة، السير باتجاه خلق حاضنة سياسية جديدة متجاوزاً قوى الثورة الحية، ساعياً لشق الصف بين المكونات السياسية ولجان المقاومة”.
وأضاف “وقد قابل رئيس الوزراء بعض رؤساء حزب الأمة بالولايات في محاولة لشق صف الحزب”، وذكر أنه “سيتم تحويل الأعضاء الذين لم يلتزموا بقرارات المؤسسات وقابلوا رئيس الوزراء والمكون العسكري إلى لجنة ضبط الأداء”.
وأكد الحزب وقوفه مع مطالب الشارع في مواجهة الانقلاب، داعياً للمشاركة في مواكب اليوم الثلاثاء لدحر الانقلاب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي.
الأمم المتحدة: أزمة السودان لم تنتهِ
وأكدت الأمم المتحدة، أمس الاثنين، أن عودة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لتولي مهام منصبه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري “لم تنه” الأزمة التي تعيشها البلاد بعد، وذلك في مؤتمر صحافي عقده المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوغاريك في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان المتحدث الرسمي يرد على أسئلة الصحافيين بشأن ما إذا كانت الأمم المتحدة تعتبر عودة رئيس الوزراء السوداني إلى منصبه بمثابة انتهاء للأزمة في السودان. وردّاً على ذلك، قال المتحدث الرسمي للصحافيين: “لا، نحن لا نعتقد أن السودان قد أنهى أزمته بعد”.
وأردف: “نحن نعتقد أن السودان ربما يكون قد تجنب سيناريو مزيد من العنف”. واستدرك: “لكننا لا نزال نعتقد أن السودان في حاجة للتوصل إلى اتفاق حول المرحلة الانتقالية، بحيث يؤدي اتفاق كهذا إلى إجراء انتخابات”.